ودعونى أتحدث بصراحة وأسأل: أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين.. ومعالجة المصابين منهم.. وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ مَن الذى يشترى منهم الموارد الطبيعية التى يسيطرون عليها.. كالبترول مثلاً؟ مَن الذى يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومِن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامى عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟
إن كل مَن يقوم بذلك هو شريكٌ أصيلٌ فى الإرهاب.. فهناك.. بكل أسف.. دول تورطت فى دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم.. كما أن هناك دولًا تأبى أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب.. حتى مع الإنتربول.
كانت هذه عزيزى القارئ كلمات الرئيس السيسى التى قالها فى الرياض فى حضور رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد كبير من قادة الدول العربية والإسلامية، وقد لاقت هذه الكلمة استحسانًا كبيرًا فى الشارع المصرى وشعر الجميع أن الرئيس السيسى شخص قوى يواجه المشكلة بكل جوانبها وبصراحة تامة.
والحقيقة أن من طالته نار الإرهاب هو الذى يستطيع أن يصفه لأن لديه معلومات أكيدة عن من يقف خلف موت أبنائه، ومن كان سببًا فى إشعال هذه الحرب فى بلادنا.
جاءت كلمات السيسى بها إشارات واضحة لكل دولة تساعد بأى نوع من المساعدة فى انتشار هذه الظاهرة المدمرة.
وكل رؤساء أجهزة المخابرات الذين كانوا مستمعين لكلمة السيسى يعرفون تمامًا من يقصد وعن أى دول يتحدث.
والقمة الإسلامية الأمريكية «وإن كنت أختلف على هذا الاسم» جاءت لتوصل رسائل عديدة:
أول هذه الرسائل هى رسالة من المملكة العربية السعودية نفسها الدولة الداعية والمستضيفة أرادت أن تقول لإيران هؤلاء معى، أرادت أن تضمن تفوقًا حقيقيًا فى السلاح، فالدولة السعودية تعداد سكانها يفوق الخمسة وعشرين مليونًا، وبالتالى تستطيع أن يكون لديها جيش كبير من حيث العدد أضف إلى ذلك فإن الأجيال الجديدة من السعوديين نالت تعليمًا راقيًا فى أوروبا وأمريكا ويستطيعون قيادة الـ إف ١٥، والتدريب عليها وشراءها وشراء الأحدث منها حيث تتوافر لديهم الإمكانيات، وأيضًا وجود كل هذه الدول على الأراضى السعودية رسالة دعم واضحة للمملكة لاسيما بعد تصريحات وزير الدفاع الإيرانى التى هدد فيها بأنهم لن يبقوا مكانًا آمنًا فى المملكة سوى مكة والمدينة، وهو الأمر الذى لا يخرج عن كونه تخريفًا سياسيًا لمخاطبة الشارع الإيرانى ومن ثم فقد حرصت المملكة أن تأتى برئيس أكبر دولة بالعالم كى يخرج من البيت الأبيض لأول مرة خارج حدود دولته، متوجهًا إلى دولة عربية وإسلامية فى خطوة غير مسبوقة لا تخلو من المعانى.
والرسالة الثانية كانت من الرئيس الأمريكى نفسه فهو لم يذهب لخاطر عيون المسلمين بل استطاع أن يغازل الشارع الأمريكى بعدد من الصفقات كى يهدئ من وتيرة المطالبات بعزله من السلطة، وكى يبشر المواطن الأمريكى الذى يعانى من بطالة مزمنة أنه استطاع فى أشهر عمله الأولى أن يفعل له شيئًا، فالرئيس الأمريكى ذهب إلى الرياض ومعه عدد كبير من رجال الأعمال واستطاع توفير مشروعات تضمن أن إنتاجهم مباع لفترات طويلة.
والرسالة الثالثة أعتقد أن كثيرًا من العرب والمسلمين لم يفهموها بعد، ولا أعتقد أنه سيأتى يومًا ليطبقوها حتى وإن فهموها، هذه الرسالة تقول إن العبرة ليست بالأقدم أو الأكثر عراقة أو أى دولة قامت قبل الأخرى، وإنما العبرة بما فعل أبناء كل دولة كى يساهموا فى صنع حضارتها وتفوقها، فكثير من الدول العربية والإسلامية كانت موجودة قبل أن تكتشف الولايات المتحدة، إلا أنها الآن تقف على مسافة كبيرة جدًا من الإمكانيات الأمريكية، لقد استطاع المواطن الأمريكى بعلمه وعمله أن يفرض نفوذ دولته على العالم، وأن يكون مصنعًا للتكنولوجيا الحديثة التى يجرى وراءها الجميع، لا أتحدث عن مجال التسليح فحسب بل فى الطب والهندسة والطيران والنقل والطرق وغيرها الكثير الذى يذهب الجميع كى يدفع المليارات كى ينال من هذا التقدم، من أعطى القوة لأمريكا هو المواطن الأمريكى نفسه الذى فعل كل ذلك.
أما نحن العرب والمسلمين فعلينا أن نقف فى الطابور فى انتظار ما تبقى من العلم والإبداع الأمريكى لنأخذ منه الطائرة التى تنقلنا من بلد إلى آخر والسيارة التى تنقلنا من منازلنا إلى أعمالنا والأسلحة التى نحمى بها أوطاننا، وندفع بل ونقترض لندفع لأن هم يملكون ونحن لسنا فاعلون.
والرسالة الرابعة كانت فى لقاء الرئيس السيسى مع ترامب والذى عاود وجدد وصفه للعلاقات المصرية الأمريكية بالرائعة، مشيرًا إلى ما قام به الرئيس السيسى من أعمال وصفها بالعظيمة وتطلعه لزيارة مصر قريبًا، كذلك وجه الشكر للجنرال الذى كان حاضرًا مع الرئيس السيسى وهو رئيس جهاز المخابرات العامة الذى بالتأكيد كان لزيارته للولايات المتحدة قبل زيارة الرئيس دور كبير فى تمهيد موضوعات كبيرة ودقيقة للغاية.
حقيقة لم أكن راضيًا كل الرضا عن كلمة السيسى القصيرة جدًا أمام ترامب وكنت أتمنى أن تكون بشكل آخر، إلا أننى وبكل موضوعية أستطيع أن أقول إن السياسة الخارجية المصرية فى الفترة من يونيو 2014 حتى الآن تتطور بشكل كبير جدًا وناجح للغاية على جميع الأصعدة.
أعود لما بدأت به وأتذكر تعريف الإرهابى من وجهة الرئيس السيسى ومن واقع ما لديه من معلومات لأذكرك عزيزى القارئ بهؤلاء الذين حاربونا ويحاربونا وقتلونا ويقتلونا، لا تنسى وإن نسيت أنا فعليك أن تذكرنى وإن طالونا بسوء فعلينا أن نكتب لنذكر أبناءنا أن دولًا عربية وإسلامية سعت إلى تمويل جماعات إرهابية مستأجرة لبث الإرهاب فى شوارع بلادنا وعلى حدودها طمعًا منها فى أن تقع مصر وينالوا منها ما ينالوا كى يصبح لهم اسم يذكر، لكنك تريد وأنا أريد والله يفعل مايريد، فجعل الله مكرهم فى نحورهم وزاد من عزيمة هذا الشعب الذى عانى الكثير واستطاع أن يلملم جراحه وينتفض ومن ورائه جيشه ليدافع عن أرضه وعن هويته التى أرادوا أن يختطفوها.
إن جيل يونيو 2014 وكل من عاصروها مدعوون كى يتذكروا ولا ينسوا كم الدماء المصرية التى سالت وعدد الأمهات التى بكت ومشهد الأبناء والأرامل الذين ارتدوا السواد حزنًا على فراق أبنائهم الذين راحوا كى نبقى وسالت دماؤهم حفاظًا على دماء وأرواح أبنائنا.
علينا أن نرددها ونظل نرددها:
الإرهابى ليس فقط من يحمل السلاح.. وإنما أيضًا من يدربه.. ويموله.. ويسلحه.. ويوفر له الغطاء السياسى والأيديولوجى.