لسنوات طويلة ادعت جماعة الإخوان أنها جماعة دعوية وسطية، ورغم أن تاريخها البعيد يتضمن أعمالا إرهابية واستهدافا لأمن مصر ومواطنيها، بعشرات الاغتيالات والتفجيرات فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى، إلا أنها نجحت فى خداع كثيرين من الناس خلال العقود الأخيرة، حتى ظنوا فعلا أنها جماعة دعوة وسلام وسماحة، إلى أن وصلت فى غفلة من الزمن لدائرة السلطة والحكم فكشفت عن وجهها الحقيقى القبيح، ما اضطر ملايين المصريين للخروج للشوارع والثورة عليها، لتنتقل الجماعة إلى مربع الإرهابى المعادى للمجتمع والبلاد، وتبدأ مرحلة الفوضى وحمل السلاح وإرهاب الناس واستهداف مؤسسات الدولة.
الوجه الذى انكشف لجماعة الإخوان، لم يرتبط بمصر ومواطنيها وحسب، كثير من الدول العربية التى كانت تُحسن الظن بالتنظيم، اكتشفت وجهه الإرهابى، واتخذت مواقف حاسمة وواضحة تجاهها، لم تتوقف خلال الشهور والسنوات الأخيرة، ومؤخرا أثارت التصريحات التى أطلقها الأمين العام للمركز العالمى لمكافحة التطرف "اعتدال"، ودولة الإمارات، لانتقاد ممارسات جماعة الإخوان الإرهابية وأدوارها المشبوهة فى المنطقة، حالة من الارتباك داخل التنظيم، ما دعا عددا من قياداته للخروج والزعم بأن الجماعة لا تمارس العنف، والهجوم على مركز "اعتدال" الذى دشنته المملكة العربية السعودية عقب انعقاد القمة العربية الإسلامية الأمريكية.
أمين مركز "اعتدال": الإخوان هى الحاضنة لكل الجماعات الإرهابية
جاءت البداية عندما قال ناصر البقمى، أمين عام مركز "اعتدال" لمحاربة التطرف بالمملكة العربية السعودية، إن جماعة الإخوان هى الحاضنة للجماعات الإرهابية كافة، إذ كتب فى تغريدة عبر حسابه الشخصى على موقع التدوينات القصيرة "تويتر": "الإخوان وراء كل تطرف، وهم المظلة الحاضنة لكل الجماعات التكفيرية"، معتبرًا أن الجماعة التى تأسست فى مصر نهاية عشرينيات القرن الماضى هى الجناح السياسى للجماعات المسلحة.
وأضاف "البقمى" أن "الإخوان يتفننون فى استخدام التقية لإخفاء توجهاتهم ومخادعة الناس فى سبيل استقطاب المجندين، ومن واجبنا التنبيه على خطرهم وكشفهم"، وتأتى تصريحات أمين عام مركز "اعتدال" بعد بيان دولة الإمارات فى القمة العربية الإسلامية الأمريكية فى الرياض بالمملكة العربية السعودية، والتى قالت فيه إن جماعة الإخوان تلعب دورا مشبوها وتمثل أرضية لصعود التطرف والإرهاب.
قيادات إخوانية تزعم: لا نمارس العنف ومركز "اعتدال" يحارب الجماعة لا إيران
ردود فعل قيادات الجماعة الإرهابية كانت سريعة وعبرت عن حالة من الارتباك، إذ استنكر عزام سلطان التميمى، القيادى الإخوانى بالعاصمة البريطانية لندن، تصريحات الأمين العام للمركز العالمى لمكافحة التطرف "اعتدال"، قائلا إن المركز سيحارب الإخوان فقط وليس إيران.
وزعم "التميمى" أن الغرب وراء تدشين مركز اعتدال، قائلا فى تصريحات عبر أحد المواقع المقربة من الجماعة الإرهابية، إن "الحكومات الغربية تكيد للإخوان، فماذا أنتم فاعلون؟ لا سبيل لكم إلا بالترفع عن كل نزاع وخلاف وشقاق داخل الإخوان".
فى السياق ذاته، زعم طلعت فهمى، المتحدث الإعلامى باسم جماعة الإخوان، أن الجماعة لا تمارس العنف، وتاريخيا لم تضم سوى الفكر الوسطى، على حد زعمه، ومن ثم فإنها لا تمارس أدوارا مشبوهة، قائلا: "مارست جماعة الإخوان المسلمين دورها بوضوح وشفافية، فنشرت ما تؤمن به ولم تخف شيئا من فكرها"، بحسب قوله.
خبير: الإمارات كتشفت عداوة الإخوان.. وممارسات الجماعة بعد مرسى فضحتها
على صعيد الخبراء وتحليلهم لارتباك الجماعة الإرهابية وردود فعلها بعد هجوم مركز "اعتدال" ودولة الإمارات العربية المتحدة، قال الدكتور جمال المنشاوى، الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية، إن العلاقة بين الإخوان والإمارات مرت بمراحل مختلفة من التسامح وترك تكوين الجمعيات لهم تحت إشراف الدولة، وبفكر إخوانى، وزعامة الشيخ عبد الله الأنصارى للتشكك فى النوايا بعد اكتشاف خلية إخوانية سرية خلال فترة محمد مرسى، تضم إماراتيين ومصريين،ما أثار المخاوف اﻹماراتية، خاصة بعد الربيع العربى الذى ضرب عددا من دول المنطقة، ومن وقتها رأت الإمارات حقيقة جماعة الإخهوان كعدو لها، ولم تفلح زيارة عصام العريان مستشار مرسى فى الإفراج عنهم.
وأضاف "المنشاوى" فى تصريح خاص لـ"انفراد"، أنه بعد سقوط محمد مرسى وتبنى الإخوان العنف بكثافة فى مظاهراتهم الجامعية أو فى الشوارع، ونسف أبراج الكهرباء، وتكوين بعض المجموعات المسلحة أو التغاضى وتأييد بعض العمليات التى حدثت فى سيناء، والدفاع المستميت عن الإرهابى عادل حبارة، كل هذا أعطى بُعدا جديدا لممارسات الإخوان، وغيّر الصورة التى حاولت طوال ترسيخها طوال تاريخها، من أنها جماعة دعوية سلمية وسطية.
قيادى سابق بالإخوان: أزمة الجماعة كشفت عن مساوئها ووجهها الحقيقى
من جانبه، قال طارق أبو السعد، القيادى السابق بجماعة الإخوان، إن الأزمة الداخلية للجماعة جعلت الجميع يكشفون عن مساوئهم، ومن ثم أظهرت حالة التطرف التى تمتلئ بها الجماعة، مشيرا إلى أن تصرفات قيادات التنظيم أبرز ما دفع الدول الأخرى للتأكيد على تطرف تلك الجماعة.
وأضاف القيادى السابق بالإخوان فى تصريح لـ"انفراد"، أن التنظيم يعانى الآن من حالة انشطار، مشيرًا إلى أن الإخوان فى أزمة داخلية فكرية وتنظيمية ولا يستطيعون حلها، ومن ثم لا يمكن أن يصفوا أنفسهم بأنهم يحملون الفكر الوسطى، خاصة أن هناك حركات عنف كشفت علاقتها بالجماعة خلال الفترة الأخيرة.