تعد قضية الأمن الغذائى من أهم القضايا التى يجب التركيز عليها فى ظل وجود أزمات اقتصادية كبيرة، ولم تعد قضية إقليمية بل أصبحت قضية العالم بأكمله فى ظل ارتفاع معدلات الفقر والجوع، خاصة بالدول التى تعانى صراعات وأزمات متعددة.
ومصر من الدول التى تعانى فجوة غذائية كبيرة تتزايد بصورة مطردة مع زيادة معدلات النمو السكانى بصورة تفوق معدلات النمو الاقتصادى وزيادة الإنتاج المحلى من الغذاء، وهو ما ناقش تأثيراته خبراء الاقتصاد والغذاء، خلال تدشين تقرير الغذاء العالمى لعام 2017 بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية اليوم الأربعاء.
وناقش التقرير أثر التوسع فى الحضارى بدول العالم المختلفة على الأمن الغذائى، فى ظل نزوح العديد من سكان الريف والقرى العاملين بمجال الزراعة بحثا عن فرص عمل وحياة أفضل فى المدن، وهو ما يرفع معدلات الفقر والجوع.
وقال الدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية، أن هناك اتفاقا مرتقبا بين وزارته ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، لوضح سياسة للاستفادة القصوى من الأراضى الزراعية وتقليل الفجوة الغذائية، بتخفيض معدلات الاستيراد وزيادة الإنتاج المحلى من الغذاء، وتنظيم العملية الزراعية.
وأكد المصيلحى خلال المؤتمر، أن تحقيق الأمن الغذائى ليس مسئولية وزارة التموين وحدها، او الزراعة وحدها أو الحكومة فقط، ولكنها مسئولية الجميع، قائلا: "نتحدث عن الفجوة الغذائية منذ سنوات ولكن لا تحدث أمور حقيقية على أرض الواقع".
وأشار المصيلحى إلى أن مصر زرعت 1.7 مليون فدان أرز العام الماضى، فى حين أن احتياجاتنا لا تزيد عن مليون فدان فقط، وفى المقابل نعانى من فجوة هائلة فى الذرة الصفراء المستخدم كعلف للحيوانات ونستورده بكميات هائلة، وهو ما يتطلب وجود سياسة زراعية واضحة تراعى تحقيق الأمن الغذائى من ناحية، والمنفعة المالى للفلاح من ناحية أخرى حتى تنجح، دون العودة إلى نظام الدورة الزراعية والإجبار لأن هذا أصبح من التاريخ.
وتعانى مصر من مشكلة كبيرة تتعلق بارتفاع حجم الفاقد من المحاصيل الزراعية، حسب المصيلحى، وهو ما يرجع إلى غياب المناطق اللوجستية والأسواق ومحطات الفرز والتعبئة.
وقال: "الفواكه والخضراوات بتتفسح فى مصر تخرج من الأرض الزراعية تلف مصر عشان ترجع تانى تتباع فى نفس البلد اللى خرجت منه"، مشيرا إلى أن عدد الأسواق المنظمة لا يتعدى صوابع اليد الواحدة، وهو ما يجب التعامل معه خلال المرحلة المقبلة.
وقالت الدكتور رشا رمضان أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن 5% من السكان فى مصر يعانى من سوء التغذية، ومعدلات الفقر تتزايد فى ظل ظروف اقتصادية صعبة، حيث يعيش حوالى 71% من المواطنين فى ظروف الفقيرة والباقى وهم ثلث السكان تحت خط الفقر، ويعانى أطفال من التقزم والأنيميا والحوامل من مشكلات صحية.
وأشارت رشا رمضان إلى أن عدم تحقيق الأمن الغذائى يؤثر بصورة مباشر على معدلات النمو الاقتصادى، موضحة أنه فى حالة سوء التغذية للأطفال يتأثر النمو الاقتصادى سلبا بنسبة 2%.
وأشارت إلى أن الفاقد والفساد فى ظل مراحل الإنتاج للمحاصيل الزراعية المختلفة، لافتة إلى أن نسبة الهدر والفاقد من الحبوب فى مصر تصل إلى 10% من المحصول وهى نسبة مرتفعة.
وقال الدكتور على أبو السبع المدير العام لمنظمة الايكاردا المعنية بالبحوث الزراعية فى المناطق الجافة، إن تعويم الجنيه فى مصر أثر على أسعار الغذاء بصورة كبيرة، وهو ما يتطلب الاستعانة بالعلم لسد الفجوة المحلية بين الإنتاج والاستهلاك من خلال استغلال قدرات المزارعين والأراضى الشاسعة، لافتا إلى أن مصر تستورد ثلثى احتياجاتها من الفول وهو غذاء أساسى على موائد المصريين.
وأشار دافيد ستيفان مدير برنامج الزراعة والتنمية الريفية بالاتحاد الأوروبى، أن "الفاقد" من المحاصيل الزراعية تصبح مشكلة كبيرة عندما نتحدث عن الأمن الغذائى، موضحا ان محصول الطماطم يتم نقله بين المحافظات المختلفة فى ظروف سيئة جدا، وهو ما يتسبب فى إهدار جزء كبير منه.