تتويجاً لجهود مصر فى مكافحة خطاب وأيديولوجيات الإرهاب، نجحت البعثة المصرية لدى الأمم المتحدة فى نيويورك فى استصدار قرار اليوم من مجلس الأمن بإجماع آراء الدول أعضاء المجلس للترحيب بالإطار الدولى الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابى ووضعه موضع التنفيذ، وهو الإطار الذى سبق أن نجحت مصر فى اعتماده بالإجماع كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن، وصدر القرار تحت رقم 2354.
وفى كلمته بجلسة مجلس الأمن التى تم خلالها اعتماد القرار، وجه السفير عمرو أبو العطا مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، الشكر إلى الدول على تأييدها ودعمها للجهود المصرية التى نجحت فى تحقيق التوافق داخل المجلس حول إطار دولى شامل لمكافحة الخطاب الإرهابى، منوهاً إلى أهمية البعد الفكرى والإيديولوجى فى إطار الحرب العالمية على الإرهاب، والذى يروج لأفكار سامة لتبرير جرائمه ولتجنيد الشباب بل ودفعهم نحو الانتحار اعتقاداً منهم بأنهم يقومون بعمل سامى بطولى يستحق التضحية بالنفس.
وأكد أبو العطا أن مصر كانت سباقة فى إدراكها لأهمية التصدى لخطاب الإرهاب، منوها إلى مساهمتها الجوهرية فى التصدى لهذا الخطاب على المستوى الدولى، خاصة من خلال مؤسساتها الدينية العريقة التى تحظى باحترام وتقدير العالم أجمع، وعلى رأسها الأزهر الشريف، ومشدداً على أن المواجهة الشاملة اللازمة للإرهاب تستلزم التعامل مع كافة المنظمات الإرهابية دون استثناء، والتصدى لمن يقدم لهم يد المساعدة سواء بالتمويل، أو التسليح، أو بتقديم الدعم السياسى والأيديولوجى والإعلامى.
وشدد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة على أن العبرة ليست باعتماد وثيقة جديدة تُضاف إلى وثائق وقرارات مجلس الأمن، وإنما بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وتوافر الإرادة السياسية للامتثال الكامل لكافة القرارات التى يصدرها مجلس الأمن، خاصة فى مجال مكافحة الإرهاب، موضحاً أنه ليس من المعقول أو المتصور أن تنعكس إرادة المجتمع الدولى فى القرارات الصادرة من مجلس الأمن تحديداً، فى الوقت الذى تستمر فيه شرذمة وقلة من الدول فى انتهاك تلك القرارات بشكل واضح وصريح بدعمها للإرهاب، مقتبساً من بيان الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤخراً أمام القمة الإسلامية العربية الأمريكية بالرياض، حينما أشار إلى "أن الإرهابى ليس فقط من يحمل السلاح وإنما أيضا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسى والأيديولوجى".
ويؤكد مجلس الأمن فى قراره الذى تم اعتماده اليوم أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أشدّ الأخطار التى تهدد السلام والأمن الدوليين وأن أى عمل إرهابى هو عملٌ إجرامى لا يمكن تبريره بغض النظر عن دوافعه، كما أنه لا يمكن ربط الإرهاب بأى دين أو جنسية أو حضارة، ولا يمكن القضاء عليه إلا بإتباع نهج شامل بمشاركة جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية وتعاونها الفعال فى عرقلة التهديدات الإرهابية وإضعافها وعزلها وشل حركتها.
ويؤكد القرار أن تمويل الأعمال الإرهابية والتخطيط لها والتحريض عليها ودعم المنظمات الإرهابية يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، ويشدد على أنه يتعين على جميع الدول وجميع أجهزة الأمم المتحدة المعنية أن تحترم ميثاق الأمم المتحدة عند تنفيذها للإطار الدولى الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابى، بما فى ذلك مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية والاستقلال السياسى لجميع الدول، والعمل على زيادة فعالية تدابير وبرامج الخطاب المضاد للخطاب الإرهابى، والتفاعل مع الشباب والأسر والنساء، والاستعانة بالقيادات الدينية ذات الخبرة فى صياغة وتقديم خطاب مضاد فعال للخطاب الإرهابى الذى يستخدمه الإرهابيون ومناصروهم.
ويطالب القرار لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، والتى تترأسها مصر، بمجموعة من التدابير لمكافحة الخطاب الإرهابى، تشمل مواصلة تحديد والترويج للممارسات الجيدة المتبعة فى مكافحة الخطاب الإرهابى، واقتراح سبل لتعزيز التعاون الدولى فى هذا الصدد، ووضع نماذج للمكافحة الفعالة للخطاب الإرهابى، سواء على شبكة الإنترنت أو خارجها، ومواصلة استحداث مبادرات لتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص فى مكافحة الخطاب الإرهابى، فضلا عن التواصل مع الجهات التى لديها خبرة وتجربة فى صياغة الخطاب المضاد، بما فى ذلك الجهات الدينية ومنظمات المجتمع المدنى وكيانات القطاع الخاص والجهات الأخرى، وتنظيم اجتماع مفتوح واحد على الأقل سنويا لاستعراض التطورات المستجدة عالميا فى ميدان مكافحة الخطاب الإرهابى.
وباعتماد مجلس الأمن للقرار المصرى، ومن قبله إصدار الإطار الدولى الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابى، تكون مصر قد نجحت وباقتدار فى وضع مكافحة خطاب وايديولوجيات الإرهاب على اجندة مجلس الأمن وبالتالى ضمن أولويات المجتمع الدولى فى إطار مكافحة الإرهاب.