إمارة "السوق السوداء"، هكذا وصف الكاتب السعودى يوسف الدينى، قطر فى مقاله الذى يحمل عنوان " الاستثمار السياسى فى السوق السوداء"، حيث أكد على أنها دولة بلا هوية تعيش على تحريض الأقليات.
وأضاف الكاتب السعودى، فى مقاله الذى نشر فى صحيفة الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء، أن قطر صنعت نفوذ عبر شراء مراكز أبحاث غربية، لحفظ مكانتها وسط الغرب، وأن انتخاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية أوقف نزوات قطر فى المنطقة.
وجاء فى المقال، فى عالم السياسة لا يمكن فهم الوثبات الخطرة التى تنتهجها الدول المرهونة بسياق الخارج أكثر من الداخل٬ إلا على أنها مغامرة متهورة خطرة٬ لكنها تأمل فى تغيير جذرى ومكاسب سريعة وكبيرة على طريقة الاستثمار فى السوق السوداء المالية٬ عبر صفقات كبيرة غير مشروعة٬ وهذا ما أقدمت عليه الشقيقة قطر باختصار٬ لكن ليس فى عالم المال٬ وإنما عالم السياسة الذى يحوى سوقاً سوداء كبيرة تتمثل فى الأقليات والمعارضات والجماعات المنبوذة٬ والميليشيات والدولة الخارجة عن السياق الدولى العام٬ ومنها نظام طهران بأذرعه كـ"حزب الله"٬ أو حتى تلك الجماعات ذات الانتشار الدولى كالإخوان المسلمين٬ الذين خرجوا من بوابة السياسة بطريقة مروعة للدافع ذاته٬ وهو الشره السياسى غير المحسوب والاستثمار فى سوق سياسية سوداء وخطرة.
وأشار الكاتب السعوديى، إلى أن قطر برعت فى الاستثمار فى مجال السوق السوداء منذ سنوات٬ هو سلوك كان يؤرق النخب الحاكمة فى الخليج بدليل تعدد الأزمات القطرية مع دول كبرى خارج الخليج ومنها مصر٬ واصطدامها أكثر من مرة بالإرادة الخليجية ليس على طريقة الاختلاف فى الرأى السياسى٬ كما هو الحال مع دول أخرى لديها مواقف جزئية لا تخرجها عن السياق العام كما هو الحال مع عمان٬ وإنما على طريقة الخطاب المزدوج الذى يختصر أزمة قطر السياسية.
وتابع الكاتب السعودى، أن الحد الأدنى من سوق السياسة السوداء هو ما تبرع فيه الدول التى تعانى من شرعية التأثير الذى يتطلب قوة اقتصادية ورؤية بعيدة المدى وعلاقات إقليمية جيدة٬ ولكن أيضاً مشروع قومى قائم على هوّية سياسية ناضجة٬ والأخير هو ما تفتقده الشقيقة قطر٬ الذى ألجاها إلى الانتقال من سوق السياسة المكشوف فى الهواء الطلق إلى السوق السوداء بما تعنيه من استقطاب الخصوم والأقليات الصغيرة المتعارضة٬ وحتى الجمع بين المتناقضات والتواصل مع الضحية والجلاد٬ وهو أمر يتجلى بنجاح فى الموقف القطرى.
وأضاف إلى أن قطر من تبنى حماس والعلاقة العميقة بإسرائيل كما هو الحال مع الإخوان المسلمين و"حزب الله" والميليشيات الليبية... إلخ٬ الرأسمال السياسى لقطر الذى تضخم فى ظل بآلة إعلامية ضخمة لا تقتصر على قناة "الجزيرة" التى تراجع تأثيرها٬ وإنما على إطلاق منصات إنترنتية تتخذ طابع الخطاب الدولى٬ إما بطريقة سنوات قليلة كان مدفوعاً ومنها الاستحواذ للنسخة العربية أو إنشاء مواقع بيافطات خليجية٬ وشراء الكراسى البحثية فى جامعات مرموقة٬ وهو سلوك مشروع للتوسع الإعلامي٬ لكنه خطر جدا، لكنها تمارس الانحياز ضد دول بعينها٬ وعبر أقلام مستقطبة لشخصيات من تلك الدول٬ إضافة إلى مراكز الأبحاث إذا ما استخدم لتدخلات سيادية أو إحداث جيوب آيديولوجية من شأنها إحداث فرقة وشق الصف وتوسيع هوة الأزمة كما حدث فى مصر منذ الثورة التصحيحية٬ بعد خروج الإخوان من المشهد٬ وصولاً إلى المقالات المنشورة عن الدول السعودية والإمارات فى تلك المنصات الإلكترونية.
وتابع "لا يقف التناقض فى سلوك الشقيقة قطر السياسى على مستوى تصريح يتم نفيه أو كاريكاتير يتم الاعتذار عنه وحذفه٬ وإنما هى أزمة عميقة منذ لحظة تحول قطر إلى سياسة الجمع بين المتناقضات على مستوى التحالفات السياسية إقليمياً٬ أو حتى دعم الأقليات من المعارضات السياسية الهشة فى الخليج٬ إلى الأحزاب والحركات والتيارات الفاعلة إلى الضفة الأخرى فى الإسلام السياسى الشيعى "حزب الله".
واكد الكاتب السعودى فى مقالته، أنه بعد التحولات الجديدة التى طرأت على العالم فيما يخص الإرهاب والعنف وخطابات الظل الداعمة٬ وبعد استمرار الصبر الخليجى لرأب الصدع٬ لأنه سياق مرفوض دولياً، أدى صعود إدارة ترمب وحرصها على مكافحة الإرهاب بطريقة مغايرة جذرياً لإدارة أوباما٬ وهو أمر لا يحتاج إلى بيان نتفق أو نختلف عليه٬ لكنه واقع قائم لا يمكن لأى نزوات قطرية سياسية أن تقفز عليه.