أستاذ الفقه المقارن يتجاهل تخصصه العلمى ويتجاسر بجهل على العقيدة والتفسير والحديث
"الفقيه المودرن" يقدم آراء الفقهاء على القرآن ويطعن فى السيدة عائشة رغم وضوح الآيات
"الهلالى": الراقصة شهيدة والخمر حلال ويحرم تقاضى الأجر عن "تحفيظ القرآن"
الأزهر يحيل فتاوى أستاذ الفقه للجنة علمية لفحصها وبيان تجاوزها.. ويتبرأ من آرائه
المفتى غير المتخصص يبرر "زنا" الرجل مع خادمته ويحلل الزواج العرفى و"نكاح الدبر"
يتقرب من إسلام بحيرى للصعود على كتفيه ثم يهاجمه لاحقا.. ويستشهد بـ"على جمعة" ويتطاول عليه
أفتى فى مصر بعدم وجوب الحجاب.. وفى السعودية قال العكس نفاقا لهيئة الأمر بالمعروف
"إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق"، بهذا الحديث الواضح لخص الرسول عليه الصلاة والسلام المدخل المنطقى الذى يجب توخيه فى الاشتباك مع أمور العقيدة وما يحيطها من فقه، والسنة بالتبعية، ومنها أيضا يمكن استقراء تاريخ الصدامات والنزعات الانحرافية فى مسيرة الفقه الإسلامى، التى تأسست فى جانبها الأكبر على الإيغال بشدّة وعنف، لا بروية ورفق كما أوصى رسول الإسلام.
محاولة تلمس الخط الفاصل بين العقيدة فى وجهها الصافى، الذى يجسده القرآن ويعكسه الثابث الصحيح مما نُسب للرسول، والعقيدة فى مستوى الفهم البشرى وما يكملها من الفكر الذى أنتجته عقول وأفهام بحسب السياقات التى عاشتها، لا يمكن أن تنطلق إلا من خلال معرفة عمية باللغة والتاريخ والجغرافيا والأعراق والثقافات والمسار التفسيرى للفكرى البشرى ومنظومات التقنين والتشريع فى المجتمعات السابقة للإسلام واللاحقة به، وهياكل الحضارات والأمم الأخرى، وكل ما يتصل بالعمران والاجتماع الإنسانى، على الأقل فى مجال نزول الرسالة وما تستهدفه من مدى انتشار وتأثير، وكلها اشتراطات يمكن الجزم بيقين وثقة أنها لم تتوفر فى أحد من طوابير مستهلكى الخطاب الدينى ومنتجيه منذ القرن الهجرى الأول حتى الآن، لم يدع أحد أنه يخترق اللوح المحفوظ ويقبض على الإسلام كما وضعه الله وأراده، الجميع يقدمون نتاجا بشريا يؤسس أو يُكمل أو يختلف أو يصطدم مع نتاج بشرى آخر، المهم أن يأتى وفق أطر منهجية ومنظومة فكرية ومنطق عقلى، ودون هذا يكون طعنا وتشكيكا أو تساهلا وجهلا أو اجتزاء وتلفيقا، والأزمة الكبرى أن يكون كل هذا، والطامة الأكبر أن يحسب من يتورط فى هذا المسبّة والنقيصة أنه يقبض على الإسلام الصافى الذى لا إسلام قبله ولا إسلام بعده، ويتنطع ويباهى بجهله قاصدا أن يُجيّش الناس ويسير بهم إلى مستقر " الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" – سورة الكهف 104.
سعد الهلالى.. متفيهق يبحث عن الحضور دون منهج
المقدمة السابقة لا يبدو ظاهرا أنها تخص أحدا، يمكن إسقاطها على طوابير طويلة ممن يقتربون من الخطاب الدينى بيقين زائف، ويعيدون تقليبه وإنتاجه بتضليل أكثر زيفا، والطابور فعلا طويل ويمكن حصر مئات، وربما آلاف، ممن سقطوا هذه السقطة وفعلوا هذا الأمر طول القرون الطويلة الماضية، من كعب الأحبار وعبد الله بن سبأ، عبورا بالحسن الصباح والقاضى أبو يوسف، وبينهم خلق كثير من الوراة والمحدثين والفقهاء والقضاة والمفسرين الذين تاجروا بالعقيدة ومعتقديها، وصولا بالتأكيد إلى سعد الهلالى.
الدكتور سعد الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حالة غريبة وعصية على الفهم البسيط والتلخيص غير المخل، الرجل المنتمى لمؤسسة الأزهر بتاريخها ومدونتها المعرفية والعقدية، الذى صرح من قبل بأنه أشعرى العقيدة، وينتقد إدلاء غير المتخصصين بدلوهم فى أمور الدين، ويدعى العصرية والمدنية ومحاولة توخى مقاصد الشريعة والإسلام والخطاب القرآنى، هو نفسه من يشتبك مع الأزهر وتتجاوز شجاراته داخله ومع أئمته أضعاف شجاراته بالخارج، وينقلب كثيرا على الأشعرية والماتريدية ويستعير الخطاب الحنبلى وآراء ابن تيمية وابن القيم، وهو نفسه يتجاوز تخصصه العلمى المباشر فى الفقه المقارن، ولا يتوقف عن إصدار الآراء والأحكام القاطعة فى أمور عقدية وفقهية كثيرة، تأسيسا على آراء شخصية فى علوم العقيدة والحديث والتفسير التى لا تخصص له فيها، والمفارقة الأكبر أنه يرتدى ملابس عصرية تدارى روحا وعقلا ماضويين بدويين، الرجل يستعير طوال الوقت خطابا قديما، يفرزه وينتقى منه ويلوّنه ويتلاعب به ليمنحه صيغة عصرية، أو يحاول تسويق أن له شكلا عصريا، بينما فى الحقيقة لا يُقدم إلا خطابا تراثيا يشبه خطاب من يهاجمهم، الفارق أنه ينزعه من بنيته ونسقه، وأن الرجل يكفر تماما بفكرة المنهج العلمى وأن تتحرك وفق محددات فى الاستقراء والاستنباط والاستدلال، فيختزل الوسطية فى أنها "هزّ الوسط على سلالم الفقه ومذاهبه المختلفة".
أحدث معارك الهلالى.. البحث عن "فرقعة" على حساب القرآن
منذ ظهور سعد الدين الهلالى وبحثه عن حضور إعلامى، وما يستتبعه من شهرة ووفرة مالية، لم يتوقف أستاذ الفقه المقارن عن إثارة الأزمات والصدامات، بما يطرحه من آراء مستندة فى كثير من الأحيان لفتاواى شاذة أو لتفاصيل هامشية منزوعة من سياقها، وربما يصعب حصر حجم ما أثاره الرجل من أزمات، كان آخرها قوله إنه يجوز للرجل أن يتزوج ابنة زوجته المتوفاة، شريطة ألا تكون تربيتها معه أو فى منزله.
الرأى الغريب الذى طرحه "الهلالى" استند فيه لرأى للإمام على بن أبى طالب، الذى لم يكن يتصدى لأمور الفقه فى العام، وكثير مما يُنسب له لا صحة لنسبته، ومنه كتاب "نهج البلاغة" الذى جُمعت فيه خُطب وأشعار، قال باحثون ونقاد إن من الصعب أن تكون لعلى بن أبى طال فعلا وإن اختلافا بنائيا وأسلوبيا كبيرا بينها، يرجح إنتاجها فى عصر لاحق وعبر أكثر من شخص، وبعيدا عن هذه الشبهة فإن "الهلالى" نفسه لا يستشهد بالإمام على بن أبى طالب كثيرا، وربما لم يفعلها من قبل فى أمور فقهية، كان يكتفى باستعراض أقواله وآرائه ولكنه لا يُطلق فتوى كاملة منسوبة إليه، والمفارقة أنها تخالف نصا صريحا بالقرآن.
الفتوى التى أطلقها "الهلالى" قبل يومين، أثارت موجة حادة من الاعتراض والرفض، ودفعت أزهريين وسلفيين كثيرين لانتقاده والهجوم عليه، فبينما استشهد الرجل بالإمام على بن أبى طالب، تجاهل وهو أستاذ للفقه المقارن أن جمهور الفقهاء (المذاهب الأربعة بإجماع) يُحرّمون الأمر، وأنه يخالف الآية 23 من سورة النساء: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم"، ولم يقل به إلا المذهب الظاهرى وبعض فقهائه المتأخرين، وفى موافقته للظاهرية يستند على ظاهر النص فى "ربائبكم" ليس باعتبارها وقفا لبيان الحال لا وقفا للتقييد، وبدلا من معناها كإشارة لابنة الزوجة، يستظهرها ليخلص منها لغويا إلى أنها من كانت تربيتها فى منزل زوج الأم، وهذا الأخذ الغريب بظاهر النص القرآنى يوقع الرجل الأشعرى فى تناقض كبير، ففضلا عن أنه مفتاح ومنطلق فى المذهب الحنبلى واللاحقين به من ابن تيمية وابن القيم وحتى محمد بن عبد الوهاب والمودودى ورشيد رضا، فإنه يحتاج توفيقا من أستاذ الفقه بين اعتقاده الأشعرى فى صفات الله - "يد الله فوق أيديهم" نموذجا - وكونها مجازا واستجلابا لمعانٍ قارة فى جوهر المفردة لا مظهرها، أى أنها تشير إلى القدرة لا إلى اليد فى ذاتها، وبين حقيقة ما يقول به ظاهر النص من أن التجسيد حال واقع والكيفية مجهولة، فكريا يبدو فى الأمرض تناقض ككثير من أفكار وأطروحات سعد الهلالى، ولكن فى حقيقة الأمر لا يعدم الرجل مخرجا من أزماته، إما باجتزاء أو تدليس أو انتزاع لرواية أو حكم من سياقهما، المهم أن تحدث الفرقعة ولو كانت على حساب القرآن.
التناقض والانتقائية.. سعد الهلالى "فقيه بألف وجه"
فى رحلة سعد الدين الهلالى تناقضات يصعب حصرها كما أشرنا، فالرجل الذى أفتى بحُرمة أخذ أجر على تعليم القرآن، ما يُعنى قياسا أنه لا يحل امتهان تحفيظ القرآن والدعوة والخطابة لتكون مصدر دخل، هو نفسه يخرج فى الفضائيات ليل نهار، ويكتب فى الصحف والمواقع، لقاء مبالغ مالية وأرقام كبيرة، ويمتهن الدين ويربح من خطابه.
فى فتوى أخرى أجاز سعد الدين الهلالى أكل لحم الكلب زاعما ان الإمام مالك لا يُحرم الأمر، وهو زعم غير دقيق وفيه كثير من التدليس، وكتب فقهاء الملكية تمتلئ بآراء للإمام مالك تُحرم لحم الكلب، ولكن النقطة الأهم من التدليس أن "الهلالى" نفسه يعود فى فتواه بإباحة الإجهاض بموافقة الزوجين، ليستشهد بأنه لم يقل أحد بحرمته إلا الإمام مالك، ولا يمكن التأسيس على رأيه بمفرده، ووفق هذا المنطق يسير "الهلالى" فى مشروعه، بقدمين من التناقض والانتقائية، يروج ما يحبه من الآراء ولو لم يشهد له إلا شخص، ولو كان مشكوكا فى الشهادة والرواية، ويعارض ما لا يحبه من الأمور ولو قال جمهور الفقهاء ومعهم القرآن بحرمته، كما فى زواج الرجل من ابنة زوجته.
أشد حالات التناقض والانتقائية، والتربح من الدين أيضا، أن تتبدل آراء الرجل وفتاواه فى الموضوع الواحد بحسب السياق، ليس على طريقة القول بأمر ثم التراجع عنه كما فعل فى فتوى زواج الرجل من ابنة زوجته، ولكن أن يقول رأيين متناقضين تماما فى موضوع واحد، فمثلا يفتى فى عشرات البرامج فى مصر بأن حجاب المرأة ليس فرضا، ويخوض صراعات وخصومات واسعة مع أزهريين وسلفيين ومواطنين عاديين، ويصدر الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء بيانات تتبرأ منه ومن آرائه، ويقرر الإمام الأكبر شيخ الأزهر إحالة فتاواه للجنة علمية لفحصها، وكل هذا لا يُساوى ما يمكن أن يتوفر من مكسب فى مساحة أخرى من العالم، يكفى لتغيير الرأى تماما لقاء المكسب، ليقول فى المملكة العربية السعودية، بحسب تصريح منشور فى موقع "العربية": "الحجاب فرض، آية {يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} تأمر النبى أن يأمر نساءه ونساء المؤمنين بالحجاب، وأيضا {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، وهذا الاستثناء يشمل الوجه والكفين عند جمهور الفقهاء أو إحدى العينين عند الحنابلة، هكذا بمنتهى البساطة يتحول الرجل تماما، لقاء الذيوع أو المقبولية أو "المال" وأن "يشترى بآيات الله ثمنا قليلا".
"عبودية الشيوخ".. أستاذ الفقه يقدم الفقهاء على القرآن
ما يستهلكه سعد الدين الهلالى من خطابات طوال الوقت، تتضمن تأكيدا متواصلا على أنه لا وصاية ولا كهنوت فى الإسلام، ولكن ما يفعله الرجل ويروجه من آراء تصبت عكس ما يقول، فى أغلب أطروحاته يخلص "الهلالى" إلى فتواى وأحكام نهائية، بما تحمله ضمنيا من توجيه له صيغة وصائية، ويقيم الحجة على الوقائع بآراء الفقهاء والمحدثين المقبولين لديه، فى صيغة تشتبك مع فكرة الكهنوت وصنع وساطة ما بين الراسل والمرسل إليه، بين القرآن وقارئيه، وبين المسلمين ودينهم، ما يضعه كثيرا فى مربع عبادة الفقه والفقهاء.
رؤية الهلالى المنحازة للفقه والفقهاء، كثيرا ما تتجاوز القرآن نفسه، ففى رأى غريب له قال إن أم المؤمنين عائشة تجاوزت آراء الفقهاء الذين قالوا بحرمة خروج الأرملة من بيتها، متجاهلا تماما الآية 32 من سورة الأحزاب: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ"، ليعود هو نفسه فى مشاركة بالسعودية، ويقول: "تحريم أو جواز الاختلاط بين النساء والرجال يرجع لمفهومه الأصلى لمن يقول بالإباحة والتحريم، وهناك من يرى مصطلح الاختلاط مجرد خلوة بين النساء والرجال، ولهذا يحرم الاختلاط نهائيا وعلى الإطلاق، وهناك من يرى مفهومه التعامل بين الجنسين فى المجتمع، وبالتالى من المستحيل تحريمه"، وهو ما ينسحب على موقع السيدة عائشة نفسها، وخروجها الذى كان طلبا لأمر ملح وإن اختلفنا عليه، والرأيان لا يبعدان عن مسلسل التناقض والانتقائية لدى "الهلالى"، وعبادة الفقهاء الذين لم يجيزوا خروج "عائشة"، على حساب القرآن ورأى "الهلالى" نفسه فى السعودية، الذى يجيز الأمر.
رجل الآراء المستفزة.. أقرب طريق للشهرة "تعمل بوم"
تتبع مسيرة سعد الدين الهلالى وفتاواه تكشف عن تناقضات كثيرة، تتصل فى وجهها الأوحد بالبحث عن الأمور الملغزة والمثيرة أكثر من اتصالها بالواقع وقضاياه الملحة، فالرجل أفتى بأن الراقصة شهيدة إن ماتت فى عملها، وأفتى بعدم حرمة الخمور إن لم يصل شاربها لحد "السكر"، وقال إن فوائد البنوك ليست ربا وإن نوعا واحدا من الربا تحيطه الشبهة، وقال إنه لا يجوز للرجل الخروج من المنزل دون إذن زوجته، وحرم الدفاع عن المسجد الأقصى "حتى لا ندخل حربا دينية مع اليهود" على حد زعمه.
على غرار القائمة السابقة، يبحث سعد الهلالى عن موضوعاته وفتاواه، المهم أن تكون ساخنة وتحقق قدرا من الاصطدام والجدل، لهذا لا مانع من القول بجواز الزواج العرفى واتهام ثُلث المصريين بالزواج عرفيا، رغم الآراء الفقهية التى تشير لافتقاده شرط الإشهار، وإجازة آحاد لاعتبار الشاهدين الاثنين إشهارا، والرجل أيضا يفتى بأن من يعاشر خادمته لا يعتبر زانيا ولا تثبت بحقه جريمة الزنا، لأنه يسقط فى شبهة الإجارة، باعتبار الخادمة فى القرن الحادى والعشرين وعصر الدولة المدنية ومنظومة القانون أجيرة أو "أمة" يحق للرجل معاشرتها، والمشكلة أن الهلالى يطلق هذا الخطاب، وفى سياق آخر يطالب بإصدار قانون يُجرم الفتاوى المخالفة للقانون، وقد فعلها وتورط فيها ويستحق الحساب كما شهد على نفسه، ويقول إن الدولة الحديثة لها الحق فى وضع ضوابط الاجتماع والأحوال الشخصية والاقتصاد وتنظيم المجال العام والدينى دون شرائط أو تقييد من الفقه، ثم يجيز زواج المتعة الذى لا يقول به إلا الشيعة، ويرى جمهور فقهاء السنة أنه مخالف للإسلام، إذ يقوم على تأقيت عقد الزواج وتحديده بمدى زمنى، ويقولون "أدناه مرة"، أى ليلة معاشرة واحدة، ويتم العقد بالاتفاق على مقابل ومدة، ومن هذا الرأى الغريب الذى لا سند له منذ منع عمر بن الخطاب زواج المتعة قبل 14 قرنا، إلى قوله إن مذهب الشيعة مذهب معتبر فقهيا، وعدم اقترابه من القضايا الخلافية أو الممارسات المصطدمة مع ركائز أهل السنة فى إجلال صحابة الرسول، وصولا إلى إجازته لنجاح المرأة فى مؤخرتها "جماع الدبر"، الذى يقول به الشيعة أيضا، استنادا إلى رأى شاذ منسوب للإمام مالك واختلف فيه المالكيون أنفسهم وأنكروه، ورأى آخر منسوب لعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومولاه نافع، بينما يقول الرسول فى حديث عن أبى هريرة: "من أتى امرأة فى دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد".
البحث عن الشهرة يصنع المحبة والعداوة فى "مذهب الهلالى"
البحث عن الحضور والانتشار والشهرة أبرز ما يقود خطوات سعد الهلالى، ووفق هذه الغاية يتحرك ويظهر فى القنوات ويكتب المقالات، ومن الموضوعات المثيرة والآراء الغريبة فى نكاح المؤخرة وزواج المتعة والزنا بالخادمة وغير ذلك من الموضوعات وما طرحه أستاذ الفقه المقارن، الذى يتجاسر على العقيدة والتفسير والحديث أكثر مما يقول فقها، إلى المحبة والصداقات والعداوات، وكلها لا تنشأ إلا تحت رغبة الشهرة.
استشهد الرجل فى فتواه عن أن زكاة المال برأى الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعدّه رأيا مهما وسط الشافعية والمالكية، ولكنه فى وقت آخر اختلف معه وتجاوز فى حقه مع رفض "جمعة" لفتوى الهلالى بشأن عدم وقوع الطلاق شفهيا، وخلال انتشار إسلام بحيرى وذيوع اسمه، تقرب منه الهلالى وحاول المتاجرة باسمه، ومع دخول الأول السجن شرع الرجل فى ترديد اسمه وحكايته ليل نهار، والاستناد إليها فى مواصلة صنع الصدمة وإثارة الرأى العام وتحقيق حضور على حساب الباحث الشاب، والتقيا بعد خروجه من السجن وظهر معه فى لقاءات تليفزيونية ضمن خطته لاستغلال الضجة المحيطة بـ"بحيرى" ومساحة المشاهدة الكبيرة التى يتمتع بها، لوضع نفسه فى دائرة الضوء، ثم انقلب عليه فى وقت لاحق وهاجمه، بعدما توفرت له نسبة جيدة من الحضور والمشاهدة، فكان الأكثر إفادة وانتشارا فى هذه اللحظة مهاجمة صديق الأمس، ودخول جولة عداوة تُدر ربحا أكبر، ليقول صراحة: "إسلام بحيرى فكره مشوش، وما يقوله مجرد أفكار شبيهة بالإخوان المسلمين، فقد وصف المصحف بالدستور وهذا لا يجوز".
التجارة التى سمحت لـ"الهلالى" بمهاجمة إسلام بحيرى لأنه وصف القرآن بالدستور، وفق معنى مجازى يقصد مركزيته وكونه نصا حاكما، هى نفسها التى سمحت للرجل فى سياق آخر باستخدام العبارة نفسها والتأكيد عليها لدى الرد على انتقادات لآرائه وفتاواه الغريبة، وإيراد أحاديث ومقتطفات من السيرة النبوية تنفى ما ذهب إليه، لينحو منحى أقرب إلى القرآنيين، يكاد ينفى السنة وينتصر للقرآن فقط، قائلا: "سنة الرسول ظنية يُقتدى بها، والقرآن من عند الله ولا حديث فيه".
الشهرة والمال وإثارة الجدل.. غايات الفقيه الوسطى على "سلالم المذاهب"
الرأى الموجز الذى يمكن من خلاله تلخيص شخصية سعد الدين الهلالى ورحلته، مع عشرات الفتاوى التى أطلقها مستندا إلى رأى واحد أو حادثة شاذة أو هامشية، جامعا التفاصيل الصغيرة من كل مذهب، ليسنع وصفته الخاصة المشتعلة، دون التزام بمنهج واحد يؤسس عليه رؤاه ضمن منظومة فكرية وفقهية كاملة وشاملة، هو أن الرجل باحث عن الشهرة والمال، والمر يقترب من الأزمة النفسية، أو بحسب أستاذ فى علم النفس: "لدى الهلالى نزوع للاستعراض وميل للبقاء فى مركز الضوء، أداؤه اللغوى يتسم بالخطابة والشعور بالزعامة، وحركة جسده تنم عن رغبة كبيرة فى تصدر الصورة، حركة يديه تحمل إشارة على أحادية الرأى وقدرا من الغطرسة والتوجيه، وزيغ عينيه يشير إلى أمور يخفيها أو تفاصيل يتجاهلها، أو إحساس بالمراقبة والتعرى".
بعيدا عن الفتاوى، وعن رأى الخبير النفسى، وعن التجارة بالقرآن والسنة والفقه والتبديل بينهما كما يُبدل لاعب "الـ3 ورقات" أوراقه فى مولد شعبى، يبدو أننا أمام حكاية أكبر من حكاية أستاذ جامعى ومتخصص فى الفقه، أنت فى مواجهة لاعب سيرك ماهر، يتقلب على الأحبال ببساطة وخفة، ولكن المشكلة أنه لا يبذل الجهد لإمتاع المتفرج وتسليته، وإنما لصدمته وخلخلة وعيه، ومع كل خطوة جديدة على طريق الذيوع والانتشار والظهور التليفزيونى والمقابل المادى، يزيد الرجل الرقص على سلالم المذاهب والفقهاء، ويوقن أكثر بنجاح وصفته وضرورة أن تظل الوسطية "بمعنى هز الوسط".