بالصور.. أبناء القراء فى دولة التلاوة الحديثة"7".. أحمد محمود أبو الوفا الصعيدى ترك صيدليته ليجلس على دكة التلاوة.. ويؤكد:تلاوة القرآن تفرز هرمون السعادة.. وآيات الذكر الحكيم خير وسيلة للدعوة الإسلامي

القرآن أسهل طريق دعوة للإسلام رفضت الذهاب لإيران وتركيا للوهلة الأولى شعرت وكأننى فى قرية صغيرة بقلب الصعيد، رغم أننى مازالت فى القاهرة بل إننى فى منطقة من أكثر مناطق القاهرة رقيًا منطقة المعادى، لكن كرم الضيافة واقتصار المنزل بالكامل على أسرة واحدة فقط، وتخصيص الدور الأرضى كـ"مندرة" لاستقبال الضيوف مثلما يفعل أهل الصعيد، جعلنى أشعر وكأننى فى كلح الجبل بمحافظة أسوان مسقط رأس القارئ الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدى، الذى انطلقت شهرته فى تلاوة القرآن الكريم من قلب كلح الجبل، لتنتشر فى ربوع مصر والعالم الإسلامى. الدكتور أحمد ابو الوفا الصعيدى فى حلقة جديدة من سلسلة حوارت أبناء القراء فى دولة التلاوة الحديثة، التقيت نجل الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدى، الدكتور صيدلى أحمد، الذى ترك الصيدلة وتفرغ للقرآن الكريم ليحجز مقعده فى دولة التلاوة فى مصر. فى البداية قلت له درست فى كلية صيدلة ثم أسست صيدلية وتركتها لتتفرغ لتلاوة القرآن الكريم.. ما الذى دفعك لذلك؟ قال: بالفعل بدأت منذ فترة التفرغ لتلاوة القرآن الكريم فى مناسبات كثيرة، وتركت الصيدلية لأخى الأصغر ليديرها، لأننى أصبحت مغرما بتلاوة القرآن الكريم. منذ متى حفظت القرآن الكريم وبدأت فى تلاوته فى المجالس والحفلات؟ أخذ رشفة من كأس مياه غازية وشرد بذهنه وكأنه يسترجع ذكرياته وقال : بدأت حفظ القرآن الكريم منذ الصغر، فقد كان والدى يحضر لنا مشايخ لتحفيظي أنا وأخوتى القرآن، حتى أتممته عقب تخرجى من الجامعة، وكانت ختمة الإجازة على يد الشيخ نبيل أحمد على شيخ مقرئة مسجد السيدة نفيسة، وأخذت منه إجازة حفص وشعبة وورش، وأنا الآن فى طريقى للحصول على إجازة الشاطبية. متى بدأت تلاوة القرآن أمام جمهور؟ كنت أحب قراءة القرآن منذ الصغر فقد كنت أدندن مع نفسى، لكن أول مرة تلوت فيها أمام جمهور، كنت أدرس فى الفرقة الثالثة بكلية الصيدلة، وكانت بالصدفة، قبيل خطبة الجمعة فى مسجد مجاور للمنزل، ثم توالت القراءات قبل صلاة الجمعة بنفس المسجد، وكذلك قرأت فى حفلة التخرج بالجامعة، وحفل لتكريم شهداء أكتوبر، وأول تلاوة قرأتها فى مأتم أو فرح، كانت بصحبة عمى فى أحد المآتم بالقاهرة، ورفض الحضور أن أمشى مع عمى وطلبوا مني أقرأ أكثر من ربع، وعمى فوجئ وبعدها بأسبوع دعيت دعوة خاصة للتلاوة، وكان أول أجر لى حوالى 50 جنيها فى عام 2005. وهل كان والدك الذى يدفعك لتلاوة القرآن؟ فى الحقيقة والدى لم يكن يتوقع أننى أتلو القرآن الكريم، هو فقط يعلم أننى وأخوتى نحفظ القرآن لكن فوجئ بتلاوتى فى المسجد المجاور للمنزل، بل إن الجميع تفاجئ بذلك، حتى أنا فوجئت بإعجاب الناس. بادرته بسؤال عن رد فعل والده؟ أبدى إعجابا واندهاشا فى بادئ الأمر، ثم بدأ يشجعنى على التلاوة. ومتى كانت أول مرة تتلو فيها أمامه؟ أول مرة أقرأ أمام والدى فى إحدى الليالى بالقاهرة وكنت فى الفرقة الخامسة بالكلية، والحضور طلبوا مني القراءة، وحينما جلست على دكة التلاوة شعرت برهبة شديدة ولكن بدأت أتمالك نفسى، لأن القارئ لو خاف لن يؤدي بشكل جيد . وكيف تأثرت بوالدك فى تلاوة القرآن الكريم؟ كنت أذهب مع والدى للحفلات التى يحيها، فقد كنت أحب الاستماع إليه، كما أننى كنت أفضل مذاكرة دروسى وأنا استمع لوالدى عبر المسجل، وكانت أمتع مذاكرة على الإطلاق، وما جعلنى أدخل مجال قراءة القرآن الكريم حبى لوالدى. انطلق أذان صلاة المغرب أثناء إجراء الحوار مع الدكتور أحمد، فقمنا سويا لأداء الصلاة فى المسجد الذى أسسه والده ويحمل اسمه "أبو الوفا الصعيدى" الملاصق للمنزل، وبالمناسبة فالشارع أيضا يحمل اسم الشيخ الأب... عدنا من الصلاة واستكملت الحوار مع الصيدلى الشيخ أحمد.. قلت إنك كنت تحب الذهاب مع والدك للحفلات التى يحيها.. ما أكثر ما تتذكره من مواقف حدثت للشيخ؟ هناك موقف دائم التكرار وهو أنه حينما يبدأ والدى بالتلاوة لا أتمالك نفسى من كثرة البكاء، حتى أنه فى إحدى الحفلات بالصعيد لم أتمالك نفسى فأخذنى القائمين على الحفل بعيدا حتى يكمل والدى تلاوته. وما أكثر ما تعلمته من مدرسة والدك فى التلاوة؟ تعلمت أن تلاوة القرآن الكريم رسالة، وأنا اعتبر القرآن أسهل طريق دعوة إلى الإسلام، ومن المواقف التى تؤكد منهج والدى فى أن تلاوة القرآن رسالة، أنه حكى لى أنه كان يتلوا فى ليلة بالصعيد وكان يقرأ فى سورة النساء قوله تعالى :" وَآتُواالْيَتَامَىٰأَمْوَالَهُم،وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ، وَلَا تَأْكُلُواأَمْوَالَهُمْإِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا" شعر أن أحد الحضور آكل لمال اليتامى فكررها كثيرا، وبعد ما يقرب من شهر أحد أصدقاء والدى، فى البلدة ذكره بهذه التلاوة وقال له أن أحد الحضور أتى إليه وأصر على إعادة أموال الناس التى أكلها بالباطل. وموقف آخر رواه احد محبى الشيخ، يحكى أنه ينشر قراءات والدى على الفيس بوك، ولاحظ أن مسيحية تقيم بمنطقة بولاق تعلق كثيرا على تلاوات والدى، فطلب منه الوالد أن يتواصل معها وبالفعل أسلمت هى وشقيقها على يد والدى، منذ ثلاث سنوات. كيف تشعر وأنت تجلس على دكة التلاوة وتقرأ القرآن؟ أشعر بسعادة غامرة فقراءة القرآن بصوت طيب وخشوع تجعل الجسم يفرز مادة الإندورفين " Endorphin" ويسمى هرمون السعادة، لأنه يغير الحالة المزاجية للإنسان وتجعله يشهر براحة وهدوء وسعادة، ويفرز أثناء عمل الإنسان أى شئ يحبه، ولكنها تفرز أكثر أثناء الخشوع فى تلاوة القرآن، لذا يقال أنه أحيانا القارئ يتلو القرآن ليمتع نفسه أكثر مما يمتع الجمهور، وهرمون السعادة يعالج معظم الأمراض لأنه يرفع المناعة فى جسم الإنسان. لمن تحب الاستماع غير والدك؟ أحب الاستماع إلى الشيخ محمد عمران، والشيخ محمد صديق المنشاوى، وعدد من المقرئين الجدد، لكننى أعيب على بعض المقرئين خاصة مقرئى الصعيد، فى أنهم يهملون علوم الموسيقى والمقامات، رغم أنها مهمة للقارئ المحترف، وما يحدث أنه يقرأ بارتجال لكنه ارتجال غير موجه، والبعض يزيد من الموسيقى كثيرًا فتكون التلاوة خاطئة، وأنا تعلمت الموسيقى على يد الشيخ محمد الهلباوى رحمه الله. هل دعيت لتلاوة القرآن خارج مصر؟ بفضل الله قرأت القرآن الكريم فى معظم محافظات مصر، دعيت للتلاوة خارج القاهرة، فى أكثر من حفلة لكن والدى كان يمنعنى حتى أكمل دراستى وأعمل فى مجال دراستى أولا، وكان يوافق على مضض للتلاوة فى حفلات داخل القاهرة، ودعيت لإحياء ليالى فى إيران وليبيا وتركيا لكنى رفضت. ما المواقف التى لا تنساها من الجمهور خلال تلاوة القرآن الكريم؟ هناك موقف دائما ما يتكرر واعتقد أنه سيظل يتكرر، وهو أن معظم الناس يظنون أن والدى توفى، فكثيرا ما يرددون عبارات اللى خلف ما متش وابن الوز عوام. وهل التحقت بنقابة المقرئين؟ أنا عضو فى النقابة لكن فى الحقيقة أرى أن دورها ضعيف جدا فى دعم المقرئين، وأتمنى أن تتخذ إجراءات صارمة ضد القراء المتجاوزين فى الموسيقى والنغم، لأن المعروف أننا نأخذ من النغم ما يناسب جلال القرآن ولا نزيد على ذلك. بما تحلم ؟ أحلم بأن تكون هناك قناة للقرآن الكريم، فقنوات الأغانى تأخذ حيزًا كبير فى الإعلام على عكس قنوات القرآن، والقنوات الدينية بشكل عام، لذا أتمنى أن ننشأ قناة قوية للقرآن الكريم، كما أحلم أن يصل القرآن لكل العالم وألا يكون هناك شبر فى العالم دون تلاوة القرآن.