لم يقتصر دور دولة قطر على توفير الملاذ الأمن للجماعات التكفيرية، وقيادات جماعة الإخوان الهاربين من العدالة، لتورطهم فى جرائم عنف وإرهاب هددت المجتمع المصرى بأثره، فى أعقاب عزل مندوبهم فى قصر الاتحادية الرئيس الأسبق محمد مرسى.
الدور القذر الذى لعبته قطر منذ سنوات لم يتوقف عند استقبال الإرهابيين على أراضيها، وتحويل قناة الجزيرة القطرية، منبرًا لبث السموم ضد البلدان العربية عامة ومصر خاصة، تحت مسمى دعم ثورات الربيع العربى، ودعم الديمقراطية ومطالب الشعوب.
جرائم قطر فى مصر تعدت حدود الاستقبال والإيواء للإرهابيين، ووصلت لصنع الإرهاب نفسه، وتمويله، وترويجه، ومنحه الغطاء المالى والسياسى، بهدف إسقاط الدولة المصرية، وفقًا لما كشفت عنه الوثائق الرسمية الخاصة بأرشيف نيابة أمن الدولة العليا.
الوثائق الرسمية تؤكد أن محور الشر "قطر – تركيا – التنظيم الدولى"، بدأ تنفيذ بنود مؤامرته ضد الدولة المصرية منذ أكثر من 12 عامًا، تحديدًا فى عام 2005، الذى مارست فيه الحكومة القطرية تدخلاً مباشرًا لدعم وتمويل جماعة الإخوان وحلفائها من الجماعات الإرهابية.
مرت المؤامرة القطرية على مصر بعدة مراحل؛ أخطرها قبل الأخيرة الخاصة بتمهيد الطريق لجماعة الإخوان، وحلفائها، لإسقاط نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، واستغلال الأوضاع الاقتصادية والسياسية، للاستيلاء على رأس السلطة فى مصر، التى دخلت حيز التنفيذ عام 2005 وانتهت فى 28 يناير 2011، لتبدأ مرحلة جديدة من التآمر.
ومن أبرز الوثائق التى رصدت تلك المرحلة من المؤامرة القطرية، ما كشفت عنه أوراق القضية رقم 56458 لـسنة 2013 جنايات قسم أول مدينة نصر، المقيدة تحت رقم 2925 لـسنة 2013 كلى شرق القاهرة، المعروفة إعلاميًا بـ"التخابر الكبرى"، المتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسى، وقيادات جماعة الإخوان، وأعضاء حركة حماس.
كشف المخطط القطرى لم يكن بالأمر السهل والهين، حيث دفع محمد مبروك، ضابط قطاع الأمن الوطنى المسئول عن ملف جماعة الإخوان فى جهاز أمن الدولة المنحل، ومحرر محضر التحريات الخاص بقضية التخابر الكبرى، حياته على يد ميليشيات الإخوان، ثمنًا لفضح المؤامرة التى تمت برعاية وزيرة الخارجية الأمريكية السابق، كوندا ليزا رايس.
ويقول محمد مبروك فى محضر تحرياته الخاص بدور الإخوان فى أحداث 28 يناير 2011، واستغلال الغضب الشعبى على نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، إن مؤامرة التنظيم الدولى على مصر لم تستهدف إسقاط النظام بل إسقاط الدولة وتفكيكها، بمساعدة دول أخرى تبنت ودعمت الجماعات الإرهابية.
بحسب التحقيقات التى قادت القضاء لإدانة الرئيس الأسبق محمد مرسى، وقيادات مكتب الإرشاد، بارتكاب جرائم التخابر ضد مصر، والتآمر لقلب نظام الحكم والاستيلاء على السلطة، دخلت مؤامرة قطر فى مصر حيز التنفيذ منذ إعلان وزير الخارجية الأمريكية «رايس» عام 2005 عن خطة الفوضى الخلاقة ومشروع الشرق الأوسط الجديد.
بدأت قطر تولى مسئولية إدارة ملف إسقاط الدولة المصرية، منذ الانتخابات البرلمانية المصرية عام 2005، التى حصد فيها مرشحو الإخوان أكثر من 81 مقعدًا بمجلس الشعب، عن طريق توفير الدعم المالى لأنشطة الجماعة لممارسة مزيد من الضغط على نظام مبارك، وتسخير قناة الجزيرة لإطلاق الشائعات ضد مؤسسات الدولة تحت مزاعم معارضة الحزب الوطنى وسياسات النظام القائم آنذاك.
وتولت المخابرات القطرية رعاية لقاءات قيادات التنظيم الدولى للإخوان، بنواب الجماعة فى مصر، على الأراضى التركية، وتمويل تحركاتهم تحت مزاعم مؤتمرات نصرة المسجد الأقصى وغزة، فى حضور ممثلين عن كتائب القسام، والحرس الثورى الإيرانى، وحزب الله.
اتفقت قطر على تمويل انقلاب حركة حماس فى قطاع غزة لا لهدف سوى دعم الإخوان فى مصر، ولعب دور هام فى تقويض الأمن القومى المصرى فى سيناء، وضخت ملايين الدولارات لتكريس الانقسام الفلسطينى لإفساد التحركات المصرية لإتمام المصالحة، وتجهيز الجناح العسكرى للتدخل فى مصر حال يتطلب الأمر لدعم وصول الجماعة واستيلائها على السلطة.
بدا جليًا الدور القطرى فى دعم الإخوان إعلاميًا، وماليًا، وسياسيًا، حتى كتبت بداية النهاية لحلم استيلاء الجماعة وحلفائها على السلطة فى مصر، حتى اجتماع نصرة الأقصى الذى اتفقوا فيه مع قيادات التنظيم الدولى، على تهييج الشارع المصرى ضد النظام القائم آنذاك تمهيدًا للحظة الحسم والفوضى، عبر قناة الجزيرة الفضائية، انتظارًا للحظة الانفجار الشعبى لإسقاط النظام ومؤسسات الدولة.
فى أعقاب الانتخابات البرلمانية دورة 2010 التى لم يحصد الإخوان فيها أى مقاعد، دخلت المؤامرة القطرية حيز التنفيذ بشن حملة إعلامية ضخمة عبر منصاتها الإعلامية ظاهراها معارضة النظام القائم، وباطنها تمهيد الطريق للإخوان، حتى جاءت دعوات التظاهر فى 25 يناير 2011، وهنا عادت الاتصالات بين قيادات الجماعة والمخابرات القطرية على ضرورة استغلال الظرف الراهن آنذاك فى تنفيذ مخطط الاستيلاء على السلطة.
بإيعاز من الحكومة القطرية، وتمويل من استخباراتها، وصلت الأوامر للإخوان بحشد قواعد الجماعة الجماهيرية للخروج فى يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 لإسقاط جهاز الشرطة الذى مثل عصب الدولة المصرية فى ذلك العهد، وتولى عناصر كتائب القسام، وحزب الله، الحرس الثورى الإيرانى، مهمة نشر الفوضى فى أرجاء المحروسة دعمًا للمخطط التآمرى.
قبيل جمعة الغضب 28 يناير 2011 بـ24 ساعة، رصدت الأجهزة الأمنية المصرية، قيام المخابرات القطرية بتحويل 100 مليون دولار لصالح جماعة الإخوان، لتمويل أعمال الفوضى والعنف المزمع تنفيذها فى البلاد لكسر جهاز الشرطة.
تأكيدًا على التقرير الأمنى، قال رجل الأعمال نجيب ساويرس، فى أحد اللقاءات التليفزيونية إن رئيس إحدى الدول العربية الشقيقة أبلغه شخصيًا بضرورة التواصل مع اللواء الراحل عمر سليمان، رئيس المخابرات العامة المصرية الأسبق، وإبلاغه بأن أجهزة مخابرات دولته رصدت تحويل قطر لمبلغ 100 مليون دولار للإخوان يوم 27 يناير 2011 استعدادًا لقلب نظام الحكم.
انتهت تلك المرحلة من المؤامرة بنجاح المخطط، واستغلال الغضب الشعبى كغطاء سياسى لتمهيد الطريق لاستيلاء الإخوان على السلطة، تحت مزاعم إسقاط الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ونظام الحزب الوطنى المنحل، حتى تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية فى 12 فبراير 2011.
واصلت قطر دعم المرحلة الجديدة من مخططها ضد مصر، بتسخير قناة الجزيرة للهجوم على الجيش المصرى، وخدمة أهداف جماعة الإخوان فى التآمر على المؤسسة القضائية، حتى تتويج محمد مرسى رئيسًا للجمهورية بأموال قطر ودعم مخابرات أجنبية.
يقول أرشيف النيابة العامة المصرية، إن قناة الجزيرة القطرية لم يقتصر دورها على الترويج للإخوان، والتحريض ضد مؤسسات الدولة، والدعوة إلى تفكيكها، بل استخدمت غطاءً لأجهزة مخابرات أجنبية كشفت عنها القضية رقم 315 لسنة 2014 حصر أمن الدولة العليا.
عُرفت تلك القضية إعلاميًا بـ«التخابر مع قطر»، وأحيل على ذمتها للمحاكمة الجنائية الرئيس الأسبق محمد مرسى، و10 آخرين، بينهم أعضاء بفريقه الرئاسى، بعد ثبوت ارتكابهم جريمة تسريب تقارير الأمن القومى المصرى إلى المخابرات القطرية، وإفشاء أسرار الدفاع عن الدولة المصرية عبر قناة الجزيرة الفضائية.
وأصدرت محكمة جنايات القاهرة فى 19 يونيو 2016 أحكامًا بالإعدام والسجن المؤبد وغرامات مالية موزعة على 11 متهمًا فى قضية التخابر مع قطر، فى مقدمتهم الرئيس الأسبق محمد مرسى الذى عاقبته المحكمة بالسجن 40 عامًا.
وتمثل هذه الوقائع أقل الجرائم التى ارتكبتها الحكومة القطرية ضد الدولة المصرية، وفضح مخططهم التآمرى الذى تحطم على صخرة الأمن المصرى.
كانت مصر والسعودية والإمارات والبحرين وليبيا واليمن، قد أعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع الإمارة الخليجية، لاتخاذها مسارا معاديا للدول العربية فى ظل إصرار نظام تميم بن حمد على دعم التنظيمات الإرهابية وفى مقدمتها جماعة الإخوان وسعيها للعبث بأمن واستقرار دول الخليج.
وقالت وزارة الخارجية المصرية فى بيان فجر الاثنين، ان حكومة جمهورية مصر العربية قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، فى ظل إصرار الحكم القطرى على اتخاذ مسلك معادى لمصر، وفشل كافة المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابى، وإيواء قياداته الصادر بحقهم أحكام قضائية فى عمليات إرهابية استهدفت أمن وسلامة مصر".
وأكد بيان وزارة الخارجية ان قرار قطع العلاقات الدبلوماسية إلى ترويج قطر لفكر تنظيم القاعدة وداعش، ودعم العمليات الإرهابية فى سيناء، فضلا عن إصرار قطر على التدخل فى الشئون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومى العربى وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس يستهدف وحده الأمة العربية ومصالحها.
بدورها أعلنت المملكة العربية السعودية قطع كافة العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإغلاق كافة المنافذ الجوية والبحرية البرية.وصرح مصدر مسؤول أن حكومة المملكة العربية السعودية، انطلاقاً من ممارسة حقوقها السيادية التي كفلها القانون للدول، وحماية لأمنها الوطنى من مخاطر الإرهاب والتطرف، فإنها قررت قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع دولة قطر، كما قررت إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور فى الأراضى والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، والبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية لتطبيق ذات الإجراء بأسرع وقت ممكن لكافة وسائل النقل من وإلى دولة قطر، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطنى السعودى.
وأكدت السعودية اتخاذها قرارها الحاسم نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة، سراً وعلناً، طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلى السعودى، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ومنها جماعة الإخوان وداعش والقاعدة، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم، ودعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف من المملكة العربية السعودية.
فيما صرحت مملكة البحرين، فى بيانها، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، ومنح مهلة 48 ساعة لبعثة قطر لمغادرة البلاد بسبب دعم قطر للعمليات الإرهابية فى المنامة .وأرجعت البحرين سبب قطع العلاقات مع الدوحة للتدخل فى شؤونها والاستمرار في التصعيد و التحريض الإعلامى، ودعم الأنشطة الإرهابية المسلحة، وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في البحرين في انتهاك صارخ لكل الاتفاقات والمواثيق و مبادئ القانون الدولي دون أدنى مراعاة لقيم، أو قانون، أو أخلاق، أو اعتبار لمبادئ حسن الجوار، أو التزام بثوابت العلاقات الخليجية، والتنكر لجميع التعهدات السابقة.
وأكد البيان على منع حكومة مملكة البحرين مواطنيها من السفر إلى قطر أو الإقامة فيها، وإنها تأسف لعدم السماح للمواطنين القطريين من الدخول إلى أراضيها أو المرور عبرها، كما تمنح المقيمين و الزائرين القطريين مهلة 14 يومًا لمغادرة أراضى المملكة.
بدورها قررت دولة الإمارات العربية المتحدة، قطع علاقتها الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، ومنع مواطنيها من السفر إلى قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها، ومنع دخول القطريين إليها وأمهلت المقيمين والزائرين القطريين 14 يومًا لمغادرة البلاد لأسباب أمنية.وقالت وكالة أنباء الإمارات انها قررت قطع العلاقات مع قطر بما فيها العلاقات الدبلوماسية وإمهال البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد.
من جهتها، قررت قيادة التحالف العربى فى اليمن، إنهاء مشاركة قطر فى العمليات العسكرية الجارية فى اليمن بسبب دعم قطر للمليشيات الإرهابية وعناصر القاعدة وتنظيم داعش .
وأعلنت ليبيا، اليوم أيضا ، قطع علاقاتها مع دولة قطر، وذلك عقب قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.وقال وزير الخارجية فى الحكومة المؤقتة، التابعة لمجلس النواب الليبى، محمد الدايرى، أن بلاده قررت قطع علاقاتها مع دولة قطر تضامنا مع مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية.
وأضاف الوزير: "سجل قطر فى اعتداءاتها المتكررة والعديدة على كرامة الشعب الليبى بعد ثورة 17 فبراير لطالما أغضب قطاعات عريضة من الشعب الليبى".فيما أعلنت دولة جزر المالديف قطع علاقتها الدبلوماسية مع دولة قطر.