أكد السفير عمرو أبوالعطا، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى نيويورك اهتمام مصر بإيجاد حل سياسى للأزمة السورية، مؤكداً أن الاستقطاب فى مجلس الأمن بين روسيا وأمريكا ينعكس سلباً على العملية السياسية، مشدداً فى الوقت ذاته على أن مصر دولة مقبولة من كل الأطراف الأساسية فى العملية السياسية بسوريا، سواء المعارضة أو النظام، لأنها ليست لديها أية أطماع فى سوريا، وليس لديها أى مشكلة طائفية بين سنة وشيعة.
وأشار أبوالعطا فى حوار مع «انفراد» إلى أن مكافحة الإرهاب فى غرب ليبيا يعد أولوية لمصر من خلال ترأسها للجنة مكافحة الإرهاب فى المجلس، وقال إن الإرهابيين فى غرب ليبيا يتدربون على طائرات بدون طيار، وهو ما يمثل خطورة كبيرة بدأت تدركها الولايات المتحدة، لافتاً إلى وجود انفتاح دولى على تسليح الجيش الليبى، لكن الكل يتحدث أن ذلك بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وإلى نص الحوار..
ما القضايا التى تركز عليها مصر الآن من خلال عضويتها فى مجلس الأمن؟
- مصر انتخبت فى مجلس الأمن عن القارة الأفريقية ومجموعة الشمال الأفريقى، ونمثل الدول العربية فى ذات الوقت، وبالتالى اهتماماتنا الرئيسية لابد أن تكون فى البداية منصبة على القضايا الأفريقية والعربية، وللأسف فإن القضايا الأفريقية تشغل حوالى 70 % من القضايا المطروحة على مجلس الأمن، وقضايا الشرق الأوسط تشغل الجزء المتبقى، بالإضافة إلى قضايا أخرى.
والسؤال المطروح علينا هو كيف نخدم الدول العربية من خلال هذه العضوية، بالطبع هناك عدد من القضايا الملحة بالنسبة لنا فى الشرق الأوسط، مثل سوريا واليمن وليبيا وفلسطين.
بالنسبة لسوريا فإن المشكلة الأساسية اليوم هى كيف يتم حل هذه الأزمة، واليوم للأسف الخلاف فى وجهات النظر بين القوى الكبرى أصبح كبيرا جداً فى سوريا، وهذا أدى إلى تأخير الحل، ونحن من جانبنا نحاول تقريب وجهات النظر من خلال لعب دور حيوى فى الحل، خاصة أن مصر دولة مقبولة من كل الأطراف الأساسية فى العملية السياسية بسوريا، سواء المعارضة أو النظام، فنحن لسنا لنا أية أطماع فى سوريا، وليس لدينا أى مشكلة طائفية بين سنة وشيعة، فهذه المشاكل لا وجود لها فى مصر، مما يجعلنا الدولة الإقليمية المقبولة من الجميع، ونحاول لعب هذا الدور، لكن فى النهاية الاستقطاب فى مجلس الأمن بين روسيا وأمريكا ينعكس سلباً على العملية السياسية، وهو ما ظهر فى اجتماعات جنيف الأخيرة التى لم تصل إلى الشكل المطلوب، فقد كان هناك خلاف على من يمثل المعارضة فى الاجتماعات.
هل الأمور بالنسبة لسوريا وصلت إلى درجة التشاؤم؟
- مازالت متشائمة، ونحن من جانبنا نحاول الخروج من هذا التشاؤم بالتوصل إلى حلول وصيغ مقبولة من جميع الأطراف، وأتوقع أنه من الآن وإلى استئناف اجتماعات جنيف فى 25 فبراير أن تحدث انفراجة ولو جزئية فيما يتعلق بالتفاوض.
ومصر من وجهة نظرها أنه لا حل عسكرى للأزمة، وأن الحل يجب أن يكون سياسيا من خلال جمع كل الأطراف للوصول إلى حل، وهذه هى رسالتنا التى نحاول طرحها فى مجلس الأمن.
وكيف تتعاطى مصر مع الوضع اليمنى؟
- مصر هى جزء من التحالف العربى فى اليمن، ونحاول لعب دور، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك ضغوطا تمارس داخل مجلس الأمن، فهناك دول فى المجلس تتحدث عن أن الوضع الإنسانى فى اليمن كارثى، ومن جانبنا نعمل على أحداث توازن من خلال ضرورة أن يلتزم الحوثيون بالقرار 2216 الصادر عن مجلس الأمن، وفى نفس الوقت المحافظة على الوضع الإنسانى داخل اليمن، وهذا التوازن صعب فى ظل التجاذبات التى تحدث، لكن فى النهاية نحن مع الشرعية الدولية التى تطالب الحوثيين بتنفيذ القرار الدولى.
وبالنسبة للوضع فى ليبيا؟
- لدينا مشكلتان أساسيتان فى ليبيا، الأولى هى تشكيل الحكومة الجديدة التى تواجه بعض الصعوبات، أخذاً فى الاعتبار أنه لا وجود لحل للوضع فى ليبيا إلا من خلال وجود حكومة وحدة وطنية، وهذا الأمر عليه توافق من جميع الدول الأعضاء فى مجلس الأمن، والكل يعمل فى هذا الاتجاه.
المشكلة الأخرى فى ليبيا هى الإرهاب، فحينما يتم محاصرة الجماعات الإرهابية فى سوريا والعراق لن تجد هذه الجماعات مكاناً تستطيع اللجوء إليه سوى غرب ليبيا، خاصة أن هذه التنظيمات أعلنت مدينة سرت عاصمة للخلافة الإسلامية، وهناك أنباء عن أن الإرهابيين فى غرب ليبيا يتدربون على طائرات بدون طيار، وكلها أمور خطيرة نحاول أن نوجه مجلس الأمن لها ليشعروا بمدى خطورة الوضع فى هذه المنطقة.
وهل هناك شعور بحجم المخاطر المنطلقة من ليبيا؟
- هناك تيقن لدى الدول الأعضاء فى المجلس لخطورة هذا الوضع، الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال بدأت تتيقن أخيراً لصعوبة الوضع فى ليبيا، وخطورة وجود داعش فى غرب ليبيا، واليوم هناك تعاون دولى فى مواجهة الإرهاب فى ليبيا، وتلعب مصر دورا مهما فى هذا الأمر، خاصة أن ليبيا بالنسبة لمصر مهمة جداً، لأنها جارة لنا من ناحية الغرب ولنا حدود مشتركة تمتد لأكثر من 1200 كيلو، وهناك أسلحة كثيرة يتم تهريبها من شرق ليبيا إلى الصحراء الغربية فى مصر، وبالتالى فإن استقرار ليبيا بالنسبة لمصر أولوية قصوى.
بالتأكيد فإن تشكيل الحكومة الليبية مازال يواجه بعض الصعوبات، لكن مصر من خلال اتصالاتها بشرق ليبيا ومجلس النواب تحاول أن تقرب بين وجهات النظر لنصل خلال أقرب فترة ممكنة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، لأنه فى هذه الحالة من المهم جداً أن يتم تسليح الجيش الليبى الرسمى بالشكل الذى يستطيع من خلاله مقاومة الإرهاب، لأنه لا توجد دولة سترسل قوات برية إلى ليبيا.
لكن تسليح الجيش الليبى مازال نقطة خلافية داخل مجلس الأمن؟
- كانت نقطة خلافية، والآن نحن شعرنا بوجود انفتاح دولى على تسليح الجيش الليبى، لكن الكل يتحدث أن ذلك بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بأن يتم تمكين الجيش الليبى بالقيام بمهامه فى مكافحة الإرهاب، وهذه خطوة مهمة جداً، فمنذ عدة أشهر تحاول مصر توعية الجميع بأهمية تسليح الجيش الليبى بالسلاح الملائم حتى يتمكن من مكافحة الإرهاب، لأنه فى النهاية إذا ما حدث تحالف دولى على مواجهة الإرهاب فى ليبيا فهذا التعامل سيكون من الجو فقط، لكن فى النهاية نحن فى حاجة لقوات على الأرض، وهو الدور الذى سيقوم به الجيش الليبى، وبالتالى لابد من تمكينه، ونحن نلحظ وجود تفهم بين الدول الكبرى داخل المجلس لهذا الأمر.
الأيام الماضية شهدت أحاديث متواترة عن تدخل عسكرى غربى فى ليبيا، هل لهذه الأحاديث وجود داخل مجلس الأمن؟
- حتى الآن لا وجود لمثل هذه الأحاديث داخل المجلس، كل ما هو موجود أن هناك توجها بأن يتم التعامل بجدية مع خطر الإرهاب فى غرب ليبيا.
هل هذا التوجه سيتحول إلى قرار يصدر عن مجلس الأمن؟
- من الممكن أن يحدث ذلك، لكن للآن لا يوجد ما يدلل على ذلك، لكن مصر لديها تصور لما يحدث، ونحن نقود الأمر بمنتهى الجدية داخل المجلس من خلال توعية الدول بخطورة الإرهاب فى غرب ليبيا.
هناك حديث عن أن مصر تقود تحركات لصدور قرار دولى يضع حداً للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، ما حقيقة ذلك؟
- أولاً إن وجود مصر فى مجلس الأمن يؤكد أنه فى وقت ما سيكون فيه شىء خاص بفلسطين سيخرج من المجلس، أما بالنسبة للتوقيت والمضمون فمازلا فى طور الإعداد، لأننا لا نريد طرح قرار يتم مواجهته بفيتو أمريكى، كل ما نريده أن نصل إلى مشروع قرار يخرج من المجلس يسهم فى دفع عملية التفاوض للأمام ويتعامل مع قضية المستوطنات ومع أمور أخرى، وهذا يتطلب التعامل بحذر مع كل الأطراف، لأننا لا نريد أن نصطدم بفيتو أمريكى، لن هدفنا الوصول إلى قرار متوافق عليه ويسهم فى تغيير على الأرض وفى مفاوضات السلام.
ونحن الآن نبحث عن التوقيت الملائم لهذا المشروع، خاصة أن الولايات المتحدة الآن مشغولة بالانتخابات الرئاسية، وهذا يضع ضغوطا على الإدارة الأمريكية.
إذن هذا المشروع لن يكون قبل نتيجة الانتخابات الأمريكية؟
- هذا الأمر مطروح للقيادة فى مصر التى ستقرر الوقت المناسب والمضمون المناسب أيضاً.
تتولى مصر رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن.. هل هناك حل لمعضلة وضع تعريف محدد للإرهاب؟
- إذا دخلنا فى معضلة وضع تعريف للإرهاب فلن نصل لشىء، لأن هناك خلافا دوليا على تعريف الإرهاب، خاصة فيما يتعلق بالحالات الخاصة بالدفاع عن الأرض فى مواجهة الاحتلال، وهو ما يحدث فى فلسطين، وهذا خلاف لن يتم حله، وبالتالى يجب أن نتخطاه ونفكر فى أمر أكثر جدية، وأكثر فاعلية ومنطقة، فنحن لدينا أولويات أهمها مكافحة الإرهاب فى ليبيا، وهذه أولوية لنا، وكذلك موضوع المقاتلين الأجانب، وهذا أمر مهم جداً الذين يأتون إلى سوريا من خلال الحدود التركية، فنحن نعمل على هذا الأمر لنصل إلى آلية للحد منه، لأن هذا أحد أسباب قوة داعش الذى يضم أعضاء من دول مختلفة ويدخلون إليها عبر حدود معينة، ويتم توظيفهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعى لذلك يجب التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعى بشكل معين، بحيث نقطع هذا الخط، كذلك فإن تمويل الإرهاب الذى يأتى عبر أمور كثيرة من الضرورى التعامل معها.
هناك محاور كثيرة من خلال رئاستنا للجنة سيتم التعامل معها، وهنا لا نتعامل من منطلق أننا مصر لكن نحن نمثل 15 دولة أعضاء، لكن مصر لديها تصور معين تم عرضه على الدول الأعضاء فى المجلس وكلهم متفقون معنا على الأولويات.
لكن تواجهنا مشكلة الدول الإقليمية التى تساعد الإرهاب؟
- هناك مؤامات سياسية فى موضوع الإرهاب، ونحن من جانبنا نحاول توضيح كل الأمور للجميع.
باعتبار مصر ممثلة لأفريقيا فى مجلس الأمن بالإضافة إلى السنغال وأنجولا كيف يمكن لهذه الدول وضع حلول سريعة للمشكلات والأزمات الأفريقية؟
- هذه المشاكل مستعصية منذ عدة سنوات، وسنحاول لعب دور فيها، فؤخراً ذهب مجلس الأمن إلى بوروندى التى تعانى من مشكلة تتعلق بتمديد ولاية الرئيس، والتقينا الرئيس ونائب الرئيس ووزير الخارجية ومنظمات حقوقية، ونحن نلعب دور للوصول إلى حل، خاصة أن مصر لها دورا قويا مع بوروندى، وتحاول أن تلعب دور التقريب من وجهات النظر بين الغرب وبورندى، خاصة أن الغرب لديه قلقا من إمكانية حدوث مذبحة شبيه بتلك التى حدثت فى رواندا عام 1994، وهذا قلق مشروع لكن به مبالغة فيما يتعلق بالأوضاع الحالية فى بورندى، ونحاول من جانبنا أن نجعل الحكومة البوروندية أكثر انفتاحاً على التفاوض وأن يكون هناك حوار وطنى يشمل الجميع.
هل عضويتنا فى مجلس السلم والأمن الأفريقى ستساعدنا فى ذلك؟
- بالطبع، لأننا سنكون أعضاء فى مجلس السلم والأمن الأفريقى لثلاث سنوات ستبداً فى أول إبريل المقبل، وبالتالى فإن وجودنا فى المجلسين مهم جداً، لأن فى النهاية نحن نقول دوماً أن الأفارقة يريدون حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية، ونحاول أن يكون هناك حلول أفريقية على اعتبار أن الأفارقة أكثر فهما لثقافتهم، ويستطيعون من خلال علاقاتهم الوثيقة بين بعضهم البعض أن يجدوا حلولاً لمشاكلهم، لذلك الأولوية يجب أن تكون لجهود الاتحاد الأفريقى فى حل المشاكل الأفريقية، وهذا توجه يؤيده أيضاً مجلس الأمن.