لأن الفن مرآة للواقع، ولأن الدراما التلفزيونية تنقل الفن من التنظير إلى المعايشة كشخصيات من لحم ودم، فإن مسلسلات رمضان هذا العام قد كشفت عن نماذج مشوهة للعلاقات الاجتماعية التي نعيشها في تلك الحياة المعقدة، ولكنها حاولت تعزيتنا بالجمال، هؤلاء الذين تتمنى أن تحظى بهم ولو لساعة واحدة في تلك الرحلة الصعبة.
في مسلسل "لأعلى سعر" بطولة زينة ونيللي كريم وأحمد فهمي، ومسلسل حلاوة الدنيا بطولة هند صبري وأنوشكا وظافر العابدين نماذج من تلك العلاقات.
الأم الحنون vs الأم المتخاذلة
قدمت أنوشكا في مسلسل حلاوة الدنيا دور "نادية" الأم الحنون التي تصاب بالقلق والتوتر على بناتها وحياتهم ومستقبلهم،بشكل مبالغ فيه أحيانًا ولكنها تبقى نموذج لتلك الأم الحانية التي يتمنى أيا منا أن يحظى بها، فتدخل في نوبة هيستريا بمجرد إصابة ابنتها "أمينة" بالسرطان وتحاصرها بمواعيد الأدوية وبالتحذيرات بل وتخشى من علاقتها بسليم الذى رفض التداوي من سرطان الدماغ، وكلها أفعال تترجم الحب العميق الذى تكنه لبناتها وخوفها وقلقها عليهن.
في المقابل قدمت سلوى محمد على دور "اعتماد" في مسلسل لأعلى سعر، فكانت أما متخلية، تركت ابنتها "جميلة"، بعدما تزوج عليها "هشام" زوجها، خشية أن تفقد عملها مع زوج ابنتها في المستشفى، ولأجل المصلحة وتحت ضغط وتهديدات "هشام" حاولت أن تأتى على حق ابنتها وتركتها وهي تواجه صدمة زواج حبيبها بصديقتها، بل وساندته حين أراد الفوز بحضانة الطفلة.
الصديقة الحقيقية vs الصديقة الغيور
أصابت "سارة" التي لعبت دورها حنان مطاوع في مسلسل حلاوة الدنيا، المشاهدين بالغيرة، فكل الفتيات تمنت أن تقابل سارة الصديقة المخلصة التي تقدم حبًا ودعمًا غير مشروطًا لصديقة عمرها وجارتها أمينة حتى إنها لا تستطيع زيارتها في المستشفى بعدما تصاب بالسرطان، تنتظر عودتها للمنزل بشغف لتصنع معها ذكريات جديدة، سارة صارت حلمًا لكل الفتيات.
في المقابل، لعبت "زينة" دورها الأفضل على الإطلاق فنيًا، حين قدمت شخصية "ليلى"، الصديقة الغيور التي تضمر العداء لجميلة منذ كانا فتيات صغار على مسرح الباليه، فهي ترى نفسها الأحق بكل شئ، بالمال وبالشهرة وبالنجاح، حتى تتحول غيرتها إلى غل فتخطف زوج صديقتها وتستولى على شقتها، وتنال حضانة ابنتها، وهى تقول لها "طول عمرك بتفوزي اعترفي بهزيمتك مرة"، وهي النماذج المهتزة نفسيًا التي تقابلها الكثير من الفتيات الناجحات في حياتهن اليومية.
الحبيب الغادر vs الحبيب السند
في مسلسل "حلاوة الدنيا"، رأينا شكلين من علاقات الحب بين إمرأة واحدة ورجلين مختلفين، ففي الوقت الذى تخلى فيه "عمر" الذى جسده هاني عادل، عن أمينة وفسخ خطوبتها بعدما أصيبت بالسرطان، وقع "سليم" أو "ظافر العابدين" في حبها وهي تتلقى جلسات الكيماوي وتحاول مواجهة المرض ليقدما نموذجين مغايرين للحبيب المتخاذل الذى ترك حبيبته وهي في أشد الحاجة إليه، والحبيب الذى صار سندًا ودافعًا للشفاء
كذلك فإن أحمد فهمي أو الدكتور هشام في مسلسل لأعلى سعر، قد لعب دور الحبيب المتخاذل الذى وقع في حب صديقة زوجته متناسيًا تاريخ طويل من وقوف "جميلة" معه منذ أن كان فقيرًا في بداية حياته المهنية كطبيب تجميل.
الحبيبة المخلصة vs الحبيبة الخائنة
في مسلسل لأعلى سعر، لعبت فيدرا دور الحبيبة المخلصة، لطيفة تدخل علاقة عاطفية مع كريم الذي يصغرها بسنوات كثيرة، وتحتمل كلام الناس عنها ولكنها تحبه، فتمنحه من ثروتها الهائلة وتؤسس له شركة وتتنازل له عن اسهمها في المستشفى متجاهلة كل ما يقال عنها من مجتمع لا يؤمن بعلاقة تكبر فيها الزوجة الرجل بسنوات.
أما سارة سلامة التي لعبت دور عبلة، فهي زوجة لعوب، دائمة النقمة على زوجها رامي أو محمد حاتم، تقيم علاقة عاطفية مع شقيقة، ثم تنهيها فور اكتتشافها لتدخل في علاقة أخرى مع عبد الله الطبيب زميلها وزوجها في المستشفى وتخدع زوجها الذى يتمسك بها لأنه يحبها رغم شكوك والدته الدائمة بسلوكيات زوجته.
الأب الكبير vs الأب المتخلي
لا يغفر الأبناء أبدًا لرجل زواجه الثاني من سيدة غير أمهم سواء حيًا أو ميتًا في حلاوة الدنيا، يتوفى والد أمينة أو هند صبري، ويكتشف الجميع إنه كان متزوجًا من أخرى غير والدتها وله منها أبنه، الأبنة لا تسامحه لأنه عاش معها سنوات قليلة وتركها ليعود لزوجته الأولى، وبناته من الزوجة الأولى لا يتفهمن اكتشاف أختًا ثالثة غير شقيقة بعد وفاته ويعتبرونه أبًا مخادعًا ومتخليًا.
أما نبيل الحلفاوي أو "مخلوف"، فقد قدم في مسلسل "لأعلى سعر" نموذجًا لما يجب أن يكون عليه الأب، يدعم ابنته بعدما قررت الطلاق من زوجها وينتصر لها ويساندها بشتى الطرق حتى إنه يبيع آلة القانون التي هي كل رأس ماله ليسدد مصاريف مدرسة ابنتها، يحاول أن ينتشل الأبنة ويشجعها ويعيد لها ثقتها بنفسها بعد صدمة خيانة زوجها وهو الأب الذى تتمناه كل الفتيات.