شهدت فرنسا خلال الـ3 أيام الماضية انسحابات متتالية من صفوف وزراء حكومة إدوارد فيليب، بسبب تورطهم فى قضايا فساد وإخلال بالمعايير الاجتماعية للبلاد، أجبرتهم على الاستقالة من أجل التمكن من الخضوع لجهات التحقيق، إذ تقدم أربعة وزراء فرنسيين من بينهم ثلاثة من الحزب اليمينى الوسطى "الحركة الديمقراطية" (موديم) المتحالف مع الرئيس إيمانويل ماكرون، باستقالتهم.
منذ فوز حزبه الأحد 18 مايو فى الانتخابات التشريعية التى أعطته غالبية صريحة، عمل الرئيس الفرنسى على تعديل وزارى وانتهى منه وتم الإعلان عنه أمس الأربعاء، وهو تعديل كان مرتقبا ولا مفر منه ولكن كان من المتوقع أن يكون محدودا لكنه اتسع أكثر مما كان متوقعا.
وبحسب عدة وسائل إعلام فإن إعلان وزيرة الجيوش سيلفى جولار انسحابها المفاجئ الثلاثاء على خلفية قضية وظائف وهمية مفترضة فى البرلمان الأوروبى هو الذى غير مسار الأمور، وقال محلل سياسى فى صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية "إنها أوروبية وتطبق قوانين يمكن أن تثير الاستغراب فى فرنسا لكن تتماشى مع المعايير فى دول أخرى".
وبعدما أوضحت جولار بأن هذا القرار "دوافعه شخصية"، قرر وزير العدل فرانسوا بايرو الحليف الرئيسى للرئيس ماكرون ووزيرة الشؤون الأوروبية ماريال دو سارنيه، الذراع اليمنى لبايرو، اللذان ورد اسماهما أيضا فى التحقيق القضائى الجارى حول ممارسات حزب "موديم" الانسحاب أيضا.
وبايرو ودو سارنيه يعدان من ركائز هذا الحزب الوسطى الذى يطاله تحقيق تمهيدى فتح فى 9 يونيو الجارى بعد بلاغ من النيابة. وسيحدد التحقيق ما إذا كان الحزب وظف أشخاصا يعملون فى فرنسا على نفقات البرلمان الأوروبى بعقود مساعدين برلمانيين أوروبيين.
ومثل هذه القضايا تعتبر محرجة بشكل أساسى لأن بايرو كان يشرف على مشروع قانون يحدد معايير أخلاقية للحياة العامة وضع كنتيجة لتحالفه مع ماكرون الذى جعل من هذه المسألة إحدى أولوياته.
ووعلى إثر تلك الشبهات طالب العديد من المسئولين السياسيين بينهم الأمين العام لحزب "الجمهوريون" اليمينى برنار أكوييه، رئيس الحكومة إدوار فيليب إلى المطالبة باستقالته، وبين استطلاع للرأى أجراه معهد هاريس لإذاعة "مونت كارلو" و"أتلانتيكو" أن 57% من الفرنسيين لا يرغبون فى بقائه ضمن الحكومة.
ومن ناحيته صرح فرانسوا بايرو صباح أمس الأربعاء "اتخذت القرار بعدم المشاركة فى الحكومة المقبلة"، مؤكدا أنه اتخذ القرار بمبادرة منه ولم يمله عليه أحد.
وقال مصدر فى حزب "موديم" إن دو سارنيه التى انتخبت الأحد نائبة عن باريس ستتفرغ لترؤس كتلة حزبها فى الجمعية الوطنية.
وأوضح المتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانير عبر إذاعة "أوروبا 1" أنه "خيار شخصى” و"يريد الدفاع عن نفسه"، معتبر أن الانسحاب من الحكومة "يبسط الوضع" بالنسبة إلى ماكرون.
ومن المتوقع أن يحقق القضاء مع بايرو وماريال دو سارنيه فى إطار قضية "استغلال الثقة والإخلال بالأخلاق العامة".
وكنت سيلفى جولار قد أعلنت استقالتها لتتفرغ للتحقيق حول الوظائف الوهمية المفترضة داخل "موديم".
واضطر وزير آخر هو ريتشارد فيران الاشتراكى السابق الذى أعيد انتخابه نائبا تحت راية حركة "الجمهورية إلى الأمام"، إلى الاستقالة أيضا بعدما تصدى لفترة طويلة لدعوات متكررة من أجل استقالته.
وفيران الذى رافق ماكرون فى مسيرته نحو السلطة، مستهدف بتحقيق تمهيدى بشبهات بمحاباة قد تكون استفادت منها زوجته فى عملية بيع عقارات.