لا تزال أصداء تعيين الأمير السعودى محمد بن سلمان، وليا للعهد، تلقى اهتمام وسائل الإعلام الأجنبية، وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" أن زيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب إلى السعودية أظهرت الدور المحورى الذى يلعبه الأمير فى بلاده، وظهر ذلك جليا عندما سعت إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر لالتقاط الصور معه، رغم انشغال معظم من فى قاعة بمأدبة طعام أقيمت على شرف الرئيس الأمريكى بالتقاط الصور معهما.
واعتبرت الصحيفة البريطانية أن اهتمام إيفانكا وكوشنر بالأمير محمد مؤشرا على بزوغ نجمه فى المملكة، رغم أنه لم يكن معروفا خارج الدوائر الملكية منذ 3 سنوات.
وأضافت أن خطوة تعيينه وليا للعهد تعزز وضعه كأقوى رجل فى المملكة، وتمهد له الطريق للمضى قدما بخططه الطموحة لإضفاء "الحداثة" على الدولة المحافظة، ولإنهاء اعتماد اقتصاد بلاده على النفط.
ونقلت "فايننشال تايمز" عن محمد اليحيى، الزميل غير المقيم فى المجلس الأطلنطى قوله "اليوم، السياسة الخارجية والشئون العسكرية الدفاعية ومسألة التغيير الاجتماعى كلها يمكن أن يبت فيها الأمير محمد"، موضحا أنه سيكون لديه صلاحيات واسعة لعقود مقبلة، وهو ما اعتبره بعض المراقبين أمرا إيجابيا لأنه يحافظ على استقرار المملكة.
وقالت الصحيفة إن محمد بن سلمان لطالما جمعته مع والده الملك سلمان علاقة خاصة لاسيما وإنه كان يعيش معه فى نفس المنزل على خلاف أبنائه الآخرين الذين كانوا يعيشون مع أمهاتهم –وزوجاته الثلاث، واستمرت قوة هذه العلاقة طيلة فترة دراسة محمد للقانون فى جامعة الملك سعود بالرياض وتخصصه بعد ذلك فى العقارات وسوق الأوراق المالية، حتى أنه أصبح مستشار أبيه عندما كان أميرا للرياض فى 2009.
ويقول المراقبون إن محمد بن سلمان ورث التزام والده الذى كان يضبط المسئولون الساعة على وقت وصوله فى تمام الساعة الثامنة صباحا إلى مكتبه عندما كان حاكما للرياض، وتعلم منه نفس أخلاقيات العمل حتى أنه يعمل بانتظام حتى الساعة الـ3 صباحا.
ورغم أن توقيت تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد كان مفاجئا، إلا أن العديد من السعوديين كانوا يتوقعون هذه الخطوة، لاسيما وإنه أصبح رمزا قياديا بارزا داخل المملكة وخارجها، بحسب الصحيفة.
ويرى مراقبون أن الاهتمام الدقيق بالتفاصيل هو ما أقنع الملك سلمان أن ابنه هو ما يحتاجه للحكم، فالأمير محمد بن سلمان كان من طرح الأفكار بشأن تجديد الاقتصاد وتقليل اعتماده على النفط فى أعقاب تراجع أسعاره حول العالم، كما كان من نادى بضرورة تفكيك الاحتكارات والحد من الدور المهيمن للدولة، والسماح للمشاريع الخاصة بالازدهار وخلق فرص عمل للسكان الشباب.
وأضافت الصحيفة أن الرياض وضعت تحت قيادته، خططا للقيام بأمر لم يكن متوقعا أبدا وهو الاتجاه لبيع حصة فى عملاق النفط "أرامكو" السعودية، وهى شركة النفط الحكومية التى كانت حجر الأساس للاقتصاد لعقود.
كما أظهرت الرياض كذلك جرأة جديدة لفرد عضلاتها المالية على الساحة الدولية، حيث قام صندوق الاستثمار العام - وهو صندوق ثروة سيادية لم يكن نشيطا- بإنفاق مليارات الدولارات على صفقات من بينها الاستثمارات مع شركة أوبر، ومجموعة "SoftBank" اليابانية.
واعتبرت الصحيفة أن كل هذه الخطوات مرتبطة برؤية الأمير "2030" وخطة التحول الوطنية التى تستهدف خلق 450 ألف وظيفة فى القطاع الخاص فى غضون ثلاث سنوات، وتقليم القطاع العام غير السليم، وتطوير المزيد من وسائل الترفيه فى دولة تحظر فيها دور السينما.
وأضافت "فايننشال تايمز" أن الأمير يعرف بحزمه فيحذر المستشارون بعضهم البعض قبل لقائه فى مكتبه الشخصى فى قبو قصره بالرياض، من أنهم يجب أن يكونوا مستعدين وأن يقوموا بعمل مهامهم على أكمل وجه، وقال مستشار أن الأمير محمد قاطع أحدهم أثناء تقديمه عرضا وقال له "هذا ليس ما طلبته، أرجوك غادر".
وأوضحت الصحيفة أن العديد من السعوديين مخلصين لـ"أمير الشباب"، ووضعوا آمالهم فى تعهداته بمجتمع أكثر انفتاحا.