أصبح الجسر البرى بين مصر والسعودية حلما قابل للتنفيذ بعد التصديق على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين الدولتين، بعدما تأخر تنفيذه فى بحر السياسة. فبعد الموافقة على الاتفاقية المرتبط بها مشروع الجسر البرى عاد مجددًا الحلم القومى بربط مصر والسعودية عبر كوبرى معلق يتسند على جزيرتى تيران وصنافير للأفق.
هذا المشروع الذى طالما راود الكثيرين منذ نهاية الثمانينات قارب أن يصبح واقعاً، وانتهت العوائق وخلافات الحدود التى كانت تمنع الشروع فى تنفيذ الجسر البرى أو ما أُطلق عليه جسر الملك سلمان.
الدكتور إبراهيم الدميرى وزير النقل الأسبق وضع خطة وتصور أولى لتنفيذ هذا المشروع القومى فى أعقاب زيارة الملك سلمان الأخيرة للقاهرة وتوقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلدين، وذلك بعدما أعلنا الرئيس عبد الفتاح السيسى والملك سلمان تنفيذ مشروع الجسر البرى الرابط بين البلدين، وأطلق عليه حينها الرئيس السيسى جسر الملك سلمان، وتم إجراء مسح للمناطق المقترح انطلاق الجسر البرى منها للابتعاد على مواقع الشعب المرجانية ومواقع كابلات الكهرباء واختيار الموقع الأنسب، استعدادا للبدء فى إجراءات الدراسات والتصميمات التفصيلية للمشروع القومى عقب إقرار اتفاقية تعيين الحدود بين الدولتين.
وقال الدميرى فى تصريحات لـ"انفراد": "دائما ما كنت أثير تنفيذ هذا المشروع لكن كان يُطلب منى عدم فتحه.. وهذا الطلب كان يحدث مع الجانبين المصرى والسعودى.. ومكنتش أعرف السبب.. حتى تمت إثارة موضوع الجزيرتين حينها تأكدت من السبب وراء عدم تنفيذ المشروع حتى اليوم".
وأضاف الدميرى أنه عندما جاء اللمك سلمان للقاهرة وتم توقيع عدد من الاتفاقيات وأعلن الرئيس السيسى تسمية الجسر باسم اللمك سلمان وتم توقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية، قام بوضع مخطط ابتدائى لتنفيذه، لافتا إلى أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة استدعته حينها واستمعت إلى وجهة نظره ومخططه الذى وضعه.
وكشف "الدميرى" أن تكلفة مشروع الجسر البرى تصل إلى حوالى 5 مليار دولار، لكنه سيجلب تكلفته فى 10 سنوات، وأنه يمكن من خلاله تمرير خطوط غاز وبترول وكهرباء ومياه وكابلات اتصالات إلى جانب رسوم العبور، كما أنه يمكن تسيير عليه خط سكة حديد لنقل الركاب والبضائع، مستطردا: "كل هذا سيجلب عائد هائل جدا وسيجلب تكلفته اللى قدرتها بـ 5 مليارات دولار فى 10 سنوات".
ولفت الدميرى إلى أنه وفقا لمخططه سيمتد الجسر البرى بطول حوالى 36 كم، منها حوالى 7 كم معلقة فوق المسطح المائى بارتفاع فوق سطح المياه 75 مترًا فى مسافة المجرى الملاحى الدولى الحالى فى الجانب المصرى، إلى جانب جزء من المياه الضحلة فى الجانب السعودى بطول 7 كم بارتفاع يتراوح ما بين 50-60 مترًا فوق سطح المياه، ويبلغ طول المدخل من سيناء حوالى 17 كم والمدخل فى الجانب السعودى حوالى 15 كم.
وأكد مصدر مسئول بوزارة النقل لـ"انفراد" أنه سيتم تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين لإنشاء مشروع الجسر البرى بين مصر والسعودية، من أجل بدء الدراسات الفنية لإنشاء هذا المشروع، متوقعا عقد أول اجتماعات اللجنة المشتركة عقب تصديق البرلمان على الاتفاقية خلال أيام، لافتًا إلى أن الدراسات الفنية والتصميمات قد تستغرق من عام إلى عامين.
ولفت المصدر أن الفترة الماضية شهدت سحب عينات من التربة لتحليلها، كما أنه جرى رصد مواقع الشعب المرجانية بالتنسيق مع وزارة البيئة لاختيار الموقع الأفضل لإنشائه، وذلك بالاشتراك مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، كما جرى التنسيق مع وزارة الكهرباء لمراعاة الكابلات المارة عبر البحر الأحمر والرابطة بين البلدين، مشيرا إلى أن اللجنة المشتركة ستراجع هذه الدراسات الأولية وستسكملها من أجل البدء فى الدراسات الفنية والتصميمات التفصيلية للمشروع القومى.
وفى سياق متصل، قال حسام فودة مستشار وزارة النقل الأسبق أن مشروع الجسر البرى سيحقق التكامل بين البلدين وسينعكس على حركة التجارة ونقل البضائع بين مصر والسعودية، وبين مصر ودول الخليج، وسيزيد الترابط بين مصر والدول العربية.
وأضاف أنه سيخدم بشكل كبيرة حركة العمالة المصرية المتوجهة والعائدة من السعودية دول الخليج، وكذلك سيخدم حركة السياحة فى مدن جنوب سيناء، لافتا إلى أنه يمكن تحصيل رسوم عبور من المركبات العابرة للجسر بما سينعكس على إيراداته.