التراث اليهودى المصرى فى مهب الريح جابر عصفور: تأخر ترميم وتوثيق الكتب سببه "كسل الموظفين" ووزارة الآثار: تصريحات وزير الثقافة عن فتح مكتبة معبد شارع عدلى "غير صحيحة"

مئات من الكتب التاريخية والأسفار اليهودية النادرة، يرجع تاريخها إلى عدة قرون.. الكثير منها يتحدث عن الجالية اليهودية وتاريخها فى مصر منذ العصور الوسطى حتى القرن العشرين، هذا الكم من التراث متروك على الأرفف، يملأه التراب، فى مكتبة «التراث اليهودى فى مصر» داخل المعبد اليهودى الشهير بـ«شارع عدلى» مهدد بالضياع. المكتبة ليست معروفة للكثيرين، فهى مغلقة منذ زمن، وكذلك المعبد.. ورغم احتوائها على هذا التراث الإنسانى النادر الذى يحمل الكثير عن كواليس وتاريخ الطائفة اليهودية فى مصر، والذى تسعى إسرائيل منذ فترة طويلة وحتى الآن لسرقته أو الحصول عليه بأى طريقة، إلا أن حالتها ليرثى لها، فالدولة رفعت يديها عن ترميم هذه المقتنيات، وهو الأمر الذى يثير الكثير من علامات الاستفهام دون أدنى إجابة حول اعتزام الحكومة لتوثيق وترميم هذه الكتب النادرة.

تحتوى المكتبة- التى قامت «انفراد» بزياتها - على كتب نادرة وأثرية تتحدث عن الديانة اليهودية والتاريخ اليهودى وتعاملات اليهود التجارية والحياة اليومية للجالية اليهودية فى مصر منذ قرون سابقة، فبعض تلك الكتب يرجع تاريخه إلى القرن السابع عشر والثامن عشر الميلادى، والبعض الآخر يرجع لأبعد من ذلك، كما أن الكتب الأثرية محفوظة داخل «دواليب مغلقة»، حسبما أفاد الأكاديمى محمد حسنى، مدرس مساعد فى كلية الآدب قسم اللغة العبرية بجامعة عين شمس.

ويقول «حسنى» إن المكتبة تحتوى أيضا على «نسخ نادرة» ليست متواجدة فى أى مكتبة فى مصر أو كتب يصعب الحصول عليها نسخة ثانية منها فى مكتبة بالعالم».

ويشير حسنى، الذى زار المكتبة منذ عامين ولم يسمح لهم بالمكوث سوى بضع ساعات، إلى أن بعض الكتب مهداة من كبار الشخصيات، منوها إلى أن المكتبة تحتاج لترميم، لدرجة أن هناك بعض الكتب قد تتلف بمجرد لمسها. وأضاف أن هناك بعض الكتب مكتوبة بخط اليد.

يطلق على المكتبة - كما ذكرنا - اسم «مكتبة التراث اليهودى فى مصر»، وقد قام بتأسيسها «مجلس الطائفة اليهودية فى القاهرة» خلال عهد الرئيس الأسبق «حسنى مبارك»، وتم افتتاحها فى الخامس والعشرين من أكتوبر من عام 1988، أى أن فترة إنشاء المكتبة اقتربت من الثلاثين عامًا، ذلك بالإضافة إلى أنها ليست المكتبة الوحيدة، فهناك 3 مكتبات أخرى بجانب هذه المكتبة، فضلًا عن وجود مكتبة أخرى متعلقة باليهود القرائيين، والتى شارفت على الإندثار، حسبما قالت السيدة ماجدة هارون، رئيسة الجالية اليهودية فى حوار سابق لـ«انفراد».

رئيسة الطائفة اليهودية «فى العقد السادس من العمر» أعربت عن قلقها البالغ خلال حديثها السابق معنا من ضياع هذا التراث بسبب الإهمال عن عدم ترميمه أو توثيقه، مشيرة إلى أنها توجهت إلى مكتبة الإسكندرية لهذا الأمر.

كما أعربت هارون عن تخوفها من سرقة أو ضياع هذا التراث، كاشفة عن أنه تتم ممارسة ضغوط عليها من قبل إسرائيل ومنظمات دولية يهودية بعرض عليها المساعدة فى ترميم المعابد مقابل الحصول على الكتب والأسفار اليهودية النادرة، إلا أنها أكدت أنه لن تخرج ولو «إبرة» من مصر طالما لا تزال على قيد الحياة، معربة عن خشيتها من ضياعه عقب وفاتها لأنها أصغر أعضاء الجالية سنا.

الدكتور خالد عزب، رئيس إدارة المشروعات فى مكتبة الإسكندرية، قال إن توثيق هذا التراث لابد أن يتم بناء على طلب من «وزارة الآثار»، معللا قوله «بأن الكتب موجودة داخل المعابد الأثرية والأثر هو المكان وكل ما يحتويه».

«عزب» أعرب فى تصريحات لـ«انفراد» عن استعداد المكتبة لدراسة الأمر فى حال تقديم طلب لتوثيق أو رقمنة الكتب وفقا للمعايير الدولية.

من جهته، قال الدكتور محمد عبداللطيف، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، إن الجهة المسؤولة عن توثيق وترميم الكتب هى وزارة الثقافة، كاشفا عن اجتماع تم بين وزير الثقافة السابق الدكتور جابر عصفور ووزير الآثار ممدوح الدماطى وحلمى النمنم وزير الثقافة الحالى، والرئيس السابق لدار الكتب والوثائق القومية لمناقشة هذا الأمر.

وأضاف عبداللطيف لـ«انفراد» أن الاجتماع خلص إلى أن جميع الكتب فى المعابد اليهودية ستؤول مسؤوليتها إلى وزارة الثقافة، وأن المعابد تحت إشراف وزارة الآثار، مستطردا أنه تم الاتفاق على أن تحفظ الكتب داخل المعابد لحين البت فى أمرها، مشيرا إلى أن السيدة ماجدة هارون طلبت توثيق الكتب ولكن الأمر يتعلق بوزارة الثقافة.

وتعليقا منه على تأخر وزارة الثقافة فى توثيق وترميم الكتب اليهودية، قال الدكتور جابر عصفور فى تصريحات خاصة لـ«انفراد» إن السبب وراء ذلك هو «كسل الموظفين.. واسألى الدكتور حلمى النمنم».

وأكد أن دار الكتب والوثائق ستقوم بمراجعة وترميم الكتب فى حين أن المعابد ستكون تحت مسؤولية وزارة الآثار، مستطردا أن الاجتماع حضرته السيدة ماجدة هارون بنفسها وتم عقده بناء على طلب من رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب.

وبسؤال وزير الثقافة الحالى الدكتور حلمى النمنم، حول تصريحات جابر عصفور، قال: «هذا الكلام غير صحيح!»، مضيفا: «ليس هناك كسل من الموظفين.. عملية ترميم مكتبة صغير قد تكلف 100 مليون جنيه لأن ترميم صفحة واحدة قد يستغرق يوما بأكمله وفقا لحالة الكتاب».

وأوضح «النمنم» أن الاجتماع كان فى بداية العام الحالى «مارس 2015»، وأن ما حدث تحديدا وفى المقام الأول كان متعلقا بشكوى ماجدة هارون حول تقاعس وزارة الآثار عن ترميم المعابد ولاسيما معبد المحلة الكبرى، قائلا: «هناك معبد فى المحلة الكبرى تحول إلى كوم تراب، ووزارة الآثار أرسلت مندوبين»، وقالوا: «ده مبقاش فى حاجة هنضم إيه؟!.. دول حيطة وشوية طوب وميلزمناش».. وهذا ما أغضب «ماجدة هارون».

وتابع وزير الثقافة: «كل ذلك جعل هارون تقدم شكواها حول أن المعابد من الممكن أن تتهدم إذا لم تتم صيانتها، وفى رأيها أن وزارة الآثار لا تريد ضمها كما لا ترغب وزارة الأوقاف فى مراجعتها».

وبتوجيه سؤال حول ما إذا كانت السيدة ماجدة هارون قد طلبت صراحة أن يتم توثيق وترميم الكتب اليهودية النادرة بمكتبة «معبد عدلى»، قال النمنم: «ما حدث أن لديهم مكتبة فى المعبد القائم بشارع عدلى.. وهناك بعض الكتب تحتاج لترميم فى المكتبة، وكان هناك اقتراح بنقلها من المكتبة لدار الكتب، لكن وجدنا أن وجودها فى مكتبة المعبد مهم للباحثين، لكن «بتوع وزارة الآثار لا يرغبون فى قول الحقيقة».

وردا على سؤال حول هل خلص الاجتماع إلى أن وزارة الثقافة ستدير المكتبة؟، قال النمنم: «لم يتخذ القرار بهذا الشكل، ولكن دار الكتب ستنظر أمر الكتب الموجودة داخل المعابد اليهودية، وأمر المعابد نفسه ستنظر فيه وزارة الآثار، على أن يكون هناك تنسيق بين الوزارتين».

وعلق حلمى النمنم على تخوفات «هارون» من ضياع التراث اليهودى عقب وفاتها، قائلا: «السيدة ماجدة لديها تخوف أكبر من ذلك، وهو أن الطائفة اليهودية فى مصر معرضة للانقراض، وبعدها قد تصبح هذه المكتبات بلا صاحب، فمن الممكن أن تتعرض لأضرار، لذا هى أرادت أن تتابع الجهات المسؤولة».

وأضاف أنه طمأنها بالمحافظة على المبانى اليهودية لأنها مسجلة، كما طمأنها بشأن المكتبات، مصرحا بأنه قام بزيارة المعبد ثلاث مرات، آخرها قبل رحيل الدكتور جابر عصفور من الوزارة بأسبوع، مشيرا إلى أنه لا توجد مخطوطات داخل المكتبة، متابعا «لا مخطوطة ولا وثيقة، المكتبة كانت مفتوحة، ثم أغلقت، ثم أُعيد افتتاحها».

وأوضح النمنم أن المكتبة مفتوحة للباحثين وطلبة الماجستير حاليا، لكن الدكتور محمد عبداللطيف نفى هذا الكلام جملة، قائلا «إن المكتبة والمعبد مغلقان ولا أحد يستطيع الدخول إلا بتصريحات من الجهات الأمنية المسؤولة».

كما أكد الوزير أنه لا يوجد ما يسمى «بكتب يهودية»، قائلا «التصنيف العلمى للكتب إما كونه كتب عربية، فارسية، تركية.. لافتا إلى أن مخطوطات موسى بن ميمون تدخل فى نطاق التراث العربى الإسلامى»، مضيفا أن المكتبة تحتوى أيضا على كتب أخرى منها على سبيل المثال ديوانين للشاعر العربى المتنبى.

وبتوجيه سؤال: ما إذا كانت إسرائيل قد تعرض المساعدة على مصر فى توثيق أو ترميم هذا التراث، كان رد النمنم: «إسرائيل؟!.. هذه الأسفار موجودة على أرض مصر، وملك مصر، وتمس جزءا من التاريخ المصرى، وتتعلق بالمصريين، وليس من حق أى دولة أجنبية أن تطالب بها».

وتابع النمنم: «لسنا عاجزين عن الترميم.. وبالمناسبة مصر لديها أكبر خبراء فى الترميم على مستوى العالم.. وفى موقع متقدم جدا على مستوى العالم، وإسرائيل بعيدة كل البعد عن هذا».

وأكد «النمنم» أن ترميم مكتبة صغيرة تتكلف 100 مليون جنيه، قائلا: «لا أريد كلاما كثيرًا فى هذا الموضوع.. وفى النهاية إسرائيل لن تعرض هذا الأمر.. لا هى ستعرض ونحن لن نقبل».

وحول إمكانية طرح تلك المساعدات فى يوم ما نظرا لوجود علاقات سياسية وتجارية بين البلدين بعد توقيع اتفاقية «الكويز»، قال النمنم: «هناك حدود فى العلاقات بين البلدين.. دعينا ننظر إلى ما تم تحقيقه وإنجازه من اتفاقية الكويز!» وردا على سؤال حول توجه هارون لمكتبة الإسكندرية لتوثيق ورقمنة الكتب التاريخية، قال النمنم: «إن ذهاب السيدة ماجدة جاء بناء على وهم.. وأكبر دليل على كلامى أنه فى العام الماضى، كنت فى مؤتمر، وأردت أن أكتب موضوعًا، واحتجت كتابًا صُدِرَ فى التسعينات، لكنى لم أجد الكتاب متوفرا فى مكتبة الإسكندرية».

وتابع قائلا إن مكتبة الإسكندرية ليست من أكبر المكتبات فى مصر، فعدد الكتب بها ليس كبيرا على حد وصفه، مضيفا «وأنا أعلم بعددها، على عكس دار الكتب المصرية التى بها مليون و250 ألف عنوان، ولا توجد مكتبة فى مصر لديها 5٪ من هذا الرقم».

وأضاف الوزير أن مكتبة الإسكندرية «خبرتها فى الرقمنة صفر»، مشيرا إلى أن دار الكتب والوثائق قائمة على مشروع الرقمنة، بالتعاون مع وزارة الاتصالات ووزارة الإنتاج الحربى. كما نوه إلى أن الدار قامت برقمنة جميع الكتب تقريبا.

واستبعد «النمنم» إثارة أى جدل أو انتقادات، ولا سيما من التيارات الدينية، حول مطالب البعض بتوثيق أو ترميم الكتب اليهودية، قائلا «التعاون مع المكتبة بدأ منذ عام، ولا توجد تخوفات، ولا توجد اعتراضات من التيارات الدينية».

وعلق على حجم التراث اليهودى فى مصر قائلا إنه لم يكن غنيا فى مصر بتلك الدرجة التى عليها بالعراق واليمن، مضيفا: «فى مصر لم يكن غنيًا بتلك الدرجة، فمثلًا اليهود فى العراق كانوا جالية كبيرة وجزءا من المجتمع، كذلك اليهود فى اليمن، ولكن اليهود فى مصر لم يكونوا بمثل هذه الكثرة، ولكن اليهود كانوا مهرة فى التجارة».

- بالصور.. "ثقافة أسوان" ينظم عرضا مسرحيا ساخرا للحياة السياسية قبل 30 يونيو






























الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;