شهدت الفترة الأخيرة ظهور التيارات المتشددة والإرهابية وانتشارها بسرعة استغربها الكثير، ولكن فى الواقع أتضح توسع التنظيمات وذوى الفكر المتشدد فى مختلف بقاع العالم بسبب وسائل التواصل الاجتماعى وبرامج المحادثة، وتسعى أوروبا حاليًا لوأد هذه الظاهرة من خلال تشديد الرقابة والإجراءات الأمنية على تلك المواقع المهددة للأمن العام، وخاصة ألمانيا.
أقر البرلمان الألمانى يوم الجمعة خطة لتغريم شبكات التواصل الاجتماعى ما يصل إلى 50 مليون يورو (57.04 مليون دولار) إذا تقاعست عن إزالة التدوينات التى تتضمن خطاب الكراهية بسرعة رغم المخاوف من أن يقيد التشريع حرية التعبير.
وتطبق ألمانيا بعضًا من أشد القوانين فى العالم، فيما يتعلق بالتشهير والتحريض العلنى على الكراهية وتهديدات العنف، كما تسجن كل من ينفى وقوع محارق النازى أو يحرض على كراهية الأقليات، لكن الملاحقة القانونية نادرًا ما تشمل حالات على الإنترنت.
ويلزم هذا الإجراء مواقع التواصل الاجتماعى بإزالة خطاب الكراهية الواضح وغيره من التدوينات خلال 24 ساعة من تلقى إخطار أو شكوى وحظر أى محتوى مسىء خلال سبعة أيام.
وقبل أيام أجرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى مشاورات مع الرئيس الفرنسى الشاب إيمانويل ماكرون لتحضير حزمة من الإجراءات والتشريعات الموجهة لمكافحة التطرف عبر شبكة الإنترنت، منها "فرض غرامات على منصات أون لاين على غرار فيس بوك وجوجل، فى حال عدم اتخاذهم إجراءات لمكافحة ترويج التطرف، وكذلك الحد من تشفير المحادثات، حيث أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، آمبر رود، عن منع التشفير فى "المسنجرات"، وعبرت عن تأييدها لتقديم إمكانية وصول الأجهزة المختصة إلى بيانات مستخدمى الإنترنت.
وسبق للرئيس الفرنسى الإعلان عن معارضته لتشفير نقل البيانات الإلكترونية، وقال فى تصريحات سابقة: "حتى الآن ترفض شركات الإنترنت الكبرى كشف مفاتيح التشفير أو إتاحة إمكانية الوصول إلى البيانات، وتلك الأوضاع مرفوضة".
ومن لندن إلى بروكسل، كشفت قناة "بلجيك 24" فى تقرير لها اليوم أن الشرطة الاتحادية البلجيكية وأجهزة أمن الدولة والاستخبارات العسكرية تعتزم البدء فى استخدام تطبيق برنامج إلكترونى متطور يمكنهم من جمع المعلومات الاستخبارية، خاصة فيما يتعلق بالإرهاب.
وسيتيح هذا البرنامج للأجهزة الأمنية فى بلجيكا الكشف عن الإرهابيين المفترضين ودعاة الكراهية على الإنترنت، وفقا لما أوضحه بيان الداخلية البلجيكية.
الخطوة البلجيكية الجديدة جاءت بعد موافقة مجلس الوزراء بداية العام الجارى على شراء برنامج إلكترونى آخر قادر على الكشف تلقائيا عن المواقع التى تنشر الكراهية، وستقرر الحكومة، بعد فصل الصيف الحالى، المؤسسة التى ستقوم باستضافة البرامج الجديد وتشغيله.
ومن المتوقع أن تبدأ الشرطة وأجهزة تحقيق أمن الدولة، وأجهزة الاستخبارات العسكرية فى استخدام هذا البرنامج فى نهاية العام الحالى، أو مع بداية العام المقبل على الأرجح، وستبلغ التكلفة الإجمالية لشراء البرنامج وتشغيله ما يقارب 8.6 مليون يورو.
وفى منتصف شهر يوليو، سوف يجتمع ممثلون عن بريطانيا واستراليا والولايات المتحدة وكندا ونيوزيلاندا لمناقشة إجراءات الضغط على مصممى برامج التراسل ونقل البيانات للسماح بفك تشفير الرسائل الإلكترونية عند الضرورة.
وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، عكست تصريحات المسئولين الأوروبيين وتحركات الدوائر الحكومية والقضائية فى دول القارة الأوروبية اعتزام القارة العجوز اتخاذ إجراءات جادة تجاه منصات السوشيال ميديا وتطبيقات المراسلات الإلكترونية، حيث قال رئيس الوزراء الاسترالى مالكولم تيرنبال "لا يمكن لخصوصية الإرهابى أبداً أن تكون أهم من أمن المواطنين".
ومن جهة أخرى، وفقا للقانون الجديد الذى يسعى البرلمان السويدى لإقراره لن يسمح للأطفال دون سن الـ16 باستعمال مواقع التواصل الاجتماعى كـ"فيسبوك"، و"إنستجرام" و"سنابشات" على سبيل المثال دون موافقة أولياء الأمور، ويأتى هذا التطور بعد توقيع السويد على قواعد جديدة تبناها الاتحاد الأوروبى فيما يتعلق بحماية المعلومات، والتى من المفترض أن يتم تطبيقها خلال السنتين القادمتين، حيث ستقوم الحكومة بفتح تحقيق لوضع القوانين المناسبة لحماية الأطفال من مخاطر الشبكة العنكبوتية، إن كان الأمر متعلقًا بالإعلانات التى يتلقاها الأطفال أو مخاطر التعرض للاستغلال الجنسى.