بعد سنتين من زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للمجر، بينما كانت مصر تناضل للخروج من الأزمة التى صنعتها جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها عقب إطاحة الشعب المصرى بها فى ثورة 30 يونيو، يعود السيسى لـ"بودابست" اليوم، فى زيارة رسمية تستغرق يومين، تلبية لدعوة من رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان، ولكن الزيارة هذه المرة مختلفة، فمصر استعادت أمنها واستقرارها وتغلبت على العقبات الأمنية التى سببتها الجماعة الإرهابية، وتقطع خطوات حثيثة ومستقرة على طريق البناء والتنمية وإصلاح الاقتصاد.
تأتى زيارة الرئيس السيسى للمجر فى إطار سعى مصر المتواصل لمدّ أواصر العلاقات مع الدول الصديقة والحليفة على امتداد العالم، واعتماد سياسة خارجية مصرية مستندة إلى قيم الانفتاح على العالم، والتعاون الخلاق والفاعل مع الجميع، وفى هذا الإطار رحب فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، بالرئيس عبد الفتاح السيسى، مشيرا إلى أن اللقاء يعد خاصا واستثنائيا، وأنهما سيلتقيان غدا برؤساء وزراء دول "فيشجراد" لبحث عديد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
فيكتور أوربان: نستقبل ضيفا خاصا يحاول بناء بلده على أسس الحرية والاستقلال
خلال المؤتمر الصحفى المشترك بين رئيس الوزراء المجرى والرئيس عبد الفتاح السيسى، قال فيكتور أوربان: "نستقبل ضيفا خاصا، فمصر فى السنوات السابقة تحت قيادة السيسى، نجحت فى بناء استراتيجية وطنية مستقلة، نفتقدها منذ فترة فى هذا البلد، فالمجريون لهم رؤية خاصة للعالم، وعندما ننظر للدول الأخرى نفحص بالدرجة الأولى محبتها لاستقلالها".
وأضاف رئيس الوزراء المجرى، أن الناظر فى تاريخ المجر الذى يعود لألف سنة، سيرى أنه صراع دائم على الحرية والاستقلال من طرف المجريين، مشيرا إلى أنه عندما يأتى رئيس مثل الرئيس السيسى، يحاول بناء بلده ودولته بناء على هذه الأسس، فإننا نعتبر هذا الضيف ضيفا خاصا، متابعا: "الشعب المجرى يحترمكم ويحبكم، وأود أن أهنئ مصر على تحقيق الاستقرار فى اقتصادها، وممارسة سياسة خارجية مستقرة، وهو بالنسبة للمجر حلقة مثيرةعلى مدار فترة طويلة".
رئيس الوزراء المجرى: مصلحة المجر فى استقرار اقتصاد مصر وسنعمل على هذا
وعلى صعيد رؤية المجر لمصر سياسيا، قال فيكتور أوربان، إن مصر من الناحية السياسية كانت تبدو بعيدة على مدار عقود طويلة، وخلال العقد الماضى اكتشفنا أنها ليست بعيدة عنا، و"البحر الأبيض المتوسط جزء من تاريخ أوروبا، وما يحدث فى إحدى دوله يؤثر على أوروبا كلها، وما يحدث هناك على مدار السنوات العشر الماضية سنشعر بنتائجه عاجلا أو آجلا، الفرق بيننا وبين القرون الوسطى أن ما يحدث هناك فى بداية الأسبوع نشعر به فى نهايته، مصر ليست بلدا قريبا فقط، ولكنها جارتنا، وهى بلد مؤثر فى بيئتنا".
وأكد "أوربان"، أن مصلحة المجر بالدرجة الأولى تتمثل فى استقرار مصر، والاستقرار ليس فقط عسكريا وأمنيا، ولكنه أيضا استقرار اقتصادى، والمجر على قناعة بأن أوروبا يجب أن تساهم فى تأمين الاقتصاد المصرى، وستعمل "بودابست" ودول "فيشجراد" على هذا، وسنؤكد فى مؤسسة اتخاذ القرار الأوروبية بـ"بروكسل" على أهمية المحادثات الدائمة بين أوروبا ومصر، كما سنؤكد أهمية تكوين اقتصاد مصرى أوروبى مستقر وبعيد الأمد.
فيكتور أوربان: يمكن للرئيس السيسى ومصر الاعتماد علينا فى المستقبل
وعن حجم التعاون المتوقع بين مصر والمجر مستقبلا، قال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان: "يمكن للرئيس السيسى والشعب المصرى أن يعتمدوا علينا فى المستقبل، وسنعمل على تحقيق استقراركم، لقد قمتم يا سيادة الرئيس بزيارتنا منذ عامين، ورددنا الزيارة العام الماضى، وأعطينا دفعة قوية للعلاقات الثنائية، فأصبحت فى مرحلة متقدمة، وهناك عدد كبير من المسائل التى فتحنا فيها النوافذ، وسترتفع العلاقات الاقتصادية المصرية المجرية لمستوى أعلى".
أوربان: مكافحة مصر للإرهاب تحقق الاستقرار فى أوروبا
واستطرد "أوربان" فى كلمته خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس السيسى: "نراقب جهود مصر فى مكافحة الإرهاب، وتستطيعون الاعتماد علينا والثقة بنا، فمكافحة مصر للإرهاب تحقق الاستقرار فى أوروبا، ومن مصلحتنا أن تُكلّل جهود القاهرة فى هذا المجال بالنجاح، ونحن نُكنّ لكم الجميل بأنكم تدافعون عن المسيحيين فى الشرق، وعلى الآخرين أن يحذوا حذوكم، ونشكركم على ما قمتم به، وشكرا لكم على التزامكم تجاه المسيحيين، ما يولد احتراما كبيرا لكم من جانبنا".
واختتم رئيس الوزراء المجرى كلمته خلال المؤتمر، بالإشارة إلى أن جلسة المباحثات المنتظر عقدها، غدا الثلاثاء، ستشهد مناقشة مسائل التعاون الاقتصادى بين البلدين، إلى جانب المسائل الأمنية، وبحث إطلاق مرحلة واسعة وفاعلة من التعاون المصرى المجرى.