فى مفاجأة من العيار الثقيل، وفى وقت تراهن فيه إمارة قطر على التلاعب بالرأى العام العالمى، عبر فضائية الجزيرة ومنصاتها الإعلامية الإلكترونية المضللة، التى حاولت على مدار الأسابيع الماضية الترويج لأكذوبة أن هناك رأيا عاما أمريكيا مؤيدا لنظام تميم بن حمد، على خلاف الحقيقة، والتشكيك فى موقف إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من تجاوزات الدوحة، وموقف البيت الأبيض المعلن فيما يخص التصدى لمؤامراتها فى الشرق الأوسط، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فى تقرير لها اليوم الاثنين، تصريحا مسرّبا للرئيس ترامب، قال فيه: "كنا نأمل ألا تكون قطر ممولة للإرهاب، لكنها ليست كذلك".
وبعد ساعات من الموعد الأوّلى لانتهاء المهلة الممنوحة من مصر والسعودية والإمارات والبحرين لإمارة قطر لتنفيذ قائمة تضم 13 مطلبا تتصل بدعم الدوحة للإرهاب وتهديدها لأمن المنطقة، ومنها التخلى عن موقفها بإيواء الإرهابيين والتوقف عن دعم وتمويل الإرهاب والكيانات المتطرفة، وبعد إقدام تلك الدول على منح نظام تميم بن حمد مهلة إضافية 48 ساعة، استجابة لوساطة الكويت، وحرصا منها على مصالح الشعب القطرى، قالت الصحيفة الأمريكية فى تقريرها إن الرئيس دونالد ترامب، قال على هامش لقاء مغلق لجمع التبرعات قبل يومين: "إننا نواجه نزاعا مع قطر، وكنا نفضل ألا تكون ممولة للإرهاب، لكنها ليست كذلك".
نيويوك تايمز: قطر لن تصمد طويلا أمام العقوبات العربية
فى الوقت الذى علقت فيه الحكومة القطرية كثيرا من الآمال على الدبلوماسية الأمريكية، التى حاولت جاهدة التزام الحياد منذ بداية الأزمة بين قطر والدول العربية، أكدت "نيويورك تايمز" أن الإدارة الأمريكية يقودها مستشارا ترامب، ستيف بانون وسيباستيان جوركا، وكلاهما مؤيد بشدة لفرض عقوبات صارمة على قطر، ويعتبران أن من شأن تلك العقوبات أن تكون رسالة تحذير واضحة وقوية لأى دولة أخرى متهمة أو متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر فى دعم الجماعات المتطرفة داخل الشرق الأوسط.
وعلقت الصحيفة الأمريكية فى تقريرها على تطورات الأزمة، مؤكدة أن قطر لن تصمد على المدى الطويل أمام العقوبات العربية، حال تمديدها وتوسيع مداها، قائلة: "رغم المساندة التى تتلقاها قطر من نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، أحد الفاعلين الرئيسيين فى رعاية الجماعات الإرهابية فى المنطقة، إلا أن قطر تتكبد تكلفة كبيرة على الصعيد الشخصى والسياسى، جراء الحصار الاقتصادى الناتج عن الأزمة مع جيرانها الخليجيين".
وتابعت "نيويورك تايمز" تقريرها بالقول: "تعتمد قطر حاليا على إيران وتركيا فى استيراد حاجاتها الغذائية، بدلا من السعودية، وتضطر الخطوط الجوية القطرية للإقلاع عبر المجال الجوى الإيرانى، بسبب حظر الطيران الذى فرضته دول الخليج على الطائرات القطرية فى أجوائها، لتجرى ما يصل إلى ثمانى رحلات شحن إضافية يوميا لجلب إمداداتها من الخضراوات والفواكه واللحوم الطازجة".
السلع التركية لا تجد قبولا لدى القطريين رغم ارتفاع فاتورة توفيره
وفى سياق الآثار الاقتصادية الصعبة التى تواجهها قطر على خلفية عنادها وإصرارها على دعم الإرهاب، قالت "نيويورك تايمز" إن رجل أعمال قطريا اضطر لوضع خطط لاستيراد 4 آلاف رأس ماشية، على خلفية القلق بشأن إمدادات الأبقار المتوفرة فى الدوحة، فضلا عن أن القطريين لم يستحسنوا مذاق الحليب التركى الذى تم طرحه فى المتاجر عقب الأزمة.
وبينما انتهت المهلة التى منحتها الدول العربية لقطر للاستجابة لقائمة المطالب التى تضمن توقف قطر عن دعم الإرهاب وتهديد أمن المنطقة والعودة إلى رشدها، قالت "نيويورك تايمز" إنه حتى لو بدا أن قطر قادرة على المواجهة الاقتصادية من خلال تسديد احتياجاتها من الدول الحليفة الأخرى، فإن القطريين يشعرون بالأزمة من نواحٍ أخرى، مشيرة إلى أن تعميق الأزمة يثير تداعيات مقلقة فى أنحاء الخليج، ويضرب الوحدة السياسية الخليجية.
الدوحة تهدد استقرار المنطقة.. وقطريون ينتقدون موقف بلادهم من الأزمة
الآثار المترتبة على موقف قطر الداعم للإرهاب لا تتوقف عند الأوضاع الداخلية فى الدوحة فقط، فبحسب ما أوردته "نيويورك تايمز" الأمريكية،حذر خبراء من أن الأزمة يمكن أن تتسبب فى زعزعة استقرار المنطقة الأوسع، إذا استمرت لعدة أشهر أو أطول، كما يخشى كثيرون.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه رغم أن العلاقات القبلية العميقة التى تجمع حكام قطر والمملكة العربية السعودية، فإن الأزمة هذه المرة تمتد إلى المواطنين من البلدين، الذين أصبحوا غارقين فى الصراع ويشعرون بمرارة تجاه بعضهم، وهو ما يظهر بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
وأمام العناد الذى يتمسك به أمير قطر تميم بن حمد، ورفض الحكومة القطرية الانصياع للمطالب العربية والتوقف دعم الإرهاب، يدفع المواطنون القطريون الثمن غاليا، إذ نقلت الصحيفة الأمريكية عن مواطنة قطرية تدعى "أم حسن" قولها، إنها وعائلتها لم يستطيعوا الذهاب إلى البحرين الشهر الماضى لحضور جنازة أحد أقاربهم، كما اضطرت ابنة عمها لإرسال ابنتها، وهى فى عمر عام واحد، إلى الإمارات للعيش مع والدها الإماراتى، بعد أن أمرت "أبو ظبى" بعودة جميع مواطنيها من قطر، وتقول "أم حسن" القطرية: "التكلفة الإنسانية لهذه الأزمة كبيرة".