سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 يوليو 1976.. 200 كوماندوز إسرائيلى فى معركة الـ«90 دقيقة» مع وديع حداد ورجاله فى «عنتيبى»

هبطت الطائرات الإسرائيلية فى مطار «عنتيبى» بأوغندا، ونزلت منها سيارة شبيهة بسيارة الرئيس الأوغندى عيدى أمين، وجنود بثياب الجيش الأوغندى أيضا، كان ذلك بدءًا لعملية تنفذها وحدات من الكوماندوز التابعة للجيش الإسرائيلى والموساد يوم 4 يوليو «مثل هذا اليوم» من عام 1976 لتحرير الطائرة التابعة للخطوط الجوية الفرنسية، بعد اختطافها من مجموعة تنتمى إلى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» يوم 27 يونيو 1976، وشارك فى عملية الاختطاف عضوان ألمانيان «شاب وفتاة» تابعان للجبهة. قاد وديع حداد، أحد القيادات التاريخية الفلسطينية لـ«الجبهة»، عملية الاختطاف، وتأتى القصة بتفاصيلها فى كتاب «أسرار الصندوق الأسود» للكاتب الصحفى غسان شربل عن «دار رياض الريس- بيروت»، ويعتمد فيها على شهادات لقيادات عملت إلى جانب «حداد» المولود فى «صفد» الفلسطينية عام 1927، والمتوفى فى ألمانيا الشرقية يوم 28 مارس عام 1978، ولم يفصح «شربل» عن أسماء هذه القيادات لضرورات أمنية. كانت الساعة التاسعة صباحا يوم 27 يونيو 1976 حين أقلعت الطائرة التابعة للخطوط الجوية الفرنسية من مطار اللد بفلسطين المحتلة، متوجهة إلى العاصمة الفرنسية «باريس» عبر العاصمة اليونانية «أثينا»، وفى «أثينا» صعد 58 راكبا إضافيا من ضمنهم رجل وامرأة ألمانيان وشخصان عربيان ينتمون إلى الجبهة الشعبية، وحسب تقرير بعنوان «استشهاد أبطال عملية مطار عنتيبى بأوغندا» للكاتب الصحفى محمد يوسف، منشور فى «مؤسسة بيت الذاكرة الفلسطينية» «موقع إلكترونى»: «بعد إقلاع الطائرة من مطار أثينا بحوالى ثمانى دقائق بدأت عملية الاختطاف، وبعد أربع ساعات من التحليق فى الجو هبطت فى مطار «بنى غازى» للتزود بالوقود للتوجه إلى مطار «عنتيبى»، وهناك انضم إلى الخاطفين عشرة آخرون كانوا موجودين مسبقا». أطلق الخاطفون الركاب وأبقوا على الإسرائيليين وعددهم 77، ويكشف «شربل» عن «لماذا توجهت الطائرة إلى أوغندا؟»، قائلا: «فى تلك السنة كان حداد مجتمعا مع الرئيس الصومالى سياد برى فى مقديشيو، وكانت العلاقة بينهما «شهر عسل»، مما سمح لـ«حداد» أن يكاشف «برى» برغبته فى خطف طائرة لإرغام إسرائيل على الإفراج عن عدد من الأسرى، فاقترح «برى» عليه الاتصال بالرئيس الأوغندى عيدى أمين الذى تردت علاقته مع إسرائيل وأوربا»، يضيف «شربل»: «كان وديع يعرف طبيعة «أمين» والعوامل التى تؤثر فيه، فأرسل إليه رجلين ضخمى الجثة للقائه وطرحا معه الموضوع فوافق». كان «حداد» يتحرك فى هذه العملية وغيرها وفقا لرؤية يذكرها رفاقه لشربل، وهى: «بعد نكسة 5 يونيو 1967 وخسارة ما تبقى من أرض فلسطين، فإن دور العمل المسلح الفلسطينى أولا وأساسا هو فى إقلاقه راحة المحتل، ومنعه من الاستقرار وإبقائه محاصرا، وذلك عبر ضرب خطوط مواصلاته واتصاله ببقية العالم»، وفى مجريات عملية «عنتيبى» يذكر «شربل»: «كان حداد موجودا بالقرب من المطار ومن مقر إقامة عيدى أمين، وكان على اتصال دائم معه»، لكن رعونة «أمين» أدت إلى إطالة أمد مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، وكذلك غادر إلى قمة منظمة الوحدة الأفريقية، كما لم يأخذ باقتراح حداد بتوزيع الرهائن فى مجموعات بالغابات، وراح يطمئن حداد إلى سلامة الإجراءات التى اتخذها الجيش الأوغندى». استفادت إسرائيل من طول الوقت، ويذكر «شربل»: «كان رئيس الوزراء إسحق رابين يوالى اجتماعاته مع وزير الدفاع شيمون بيريز، ويقلب الخيارات ومخاطرها قبل أن يطلب من الجيش الإعداد لعملية تدخل فى نقطة تبعد أربعة آلاف كيلومتر عن إسرائيل، وفى يوم 4 يوليو هبطت الطائرات الإسرائيلية «أربعة» فى مطار عنتيبى، ونزلت منها سيارة «مرسيدس» شبيهة بسيارة الرئيس الأوغندى، وجنود «عددهم 200» بثياب الجيش الأوغندى أيضا، وفور اقتراب الطائرات الإسرائيلية حاول «حداد» عبثا الاتصال بأمين، لكن الإسرائيليين كانوا قد نجحوا فى تعطيل كل الاتصالات، ويروى رفاق «حداد» أنه كان فى المطار قبل ساعتين من وصول الإسرائيليين، وطلب من الأوغنديين وضع عوائق على المدرج لعرقلة هبوط الطائرات لكنهم لم يفعلوا». بدأت قوة الكوماندوز فى تنفيذ عمليتها على أرض المطار، واستمرت 90 دقيقة، جرى خلالها تدمير 11 طائرة مقاتلة من طراز ميج السوفيتية الصنع كانت تحط فى المطار، وحسب «شربل»، قتلت كل المشاركين فى خطف الطائرة، وثلاث رهائن و45 جنديا أوغنديا، و4 إسرائيليين بينهم الضابط هو «جوناثان نتنياهو» شقيق رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» الذى يقول عارفوه إنه لم ينس لحظة واحدة مشهد جثة أخيه العائدة من «عنتيبى»، أما «حداد» الذى يصفه مقربوه بأنه كان «محاربا صاحب قضية، صادقا، وطفلا وعملاقا وجبارا وحنونا، سخيا إلا على نفسه، زاهدا بكل ما تحمله الكلمة من معنى»، فبكى بحرقة حين بلغه خبر استشهاد الذين نفذوا العملية.




الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;