قطر دولة تحكمها عصابة إرهابية كما يراها الإيرانيون بخلاف موقف حكومتهم المتعاطف مع أمير الإرهاب، وبين هذه المتناقضات تظهر الحقائق، فبينما تدعم طهران الدوحة علنا يرى جانب من إعلامها أنها راعية للإرهاب، وبينما تدعم جماعة الإخوان الدوحة علنا تتودد إلى دول الخليج طالبة الرضا، وفى غضون كل ذلك ما يزال الأمل يراود المعارضة بتغيير حقيقى للنظام فى البلاد.
قطر فى الإعلام الإيرانى
ومن جانبها رأت الخبيرة فى الشئون الإيرانية وأستاذة الدراسات الفارسية بجامعة حلوان، الدكتورة فاطمة الزهراء جمال الدين إن علاقة دولة قطر بدولة إيران ستزداد قوة وبشكل أكثر وضوحا وصلابة عن ذى قبل، مع وجود خلفيات مسبقة لهذا التقارب الذى كانت قطر تسعى له دائما وتحرص عليه، مع العلم أن جانبا من الإعلام الإيرانى يرى أن قطر دولة راعية للإرهاب.
ودللت جمال الدين فى تصريحاتها لـ"انفراد" على رأيها بالاتفاقات الاقتصادية والتجارية التى تم إبرامها خلال السنوات السابقة وإبقاء التمثيل الدبلوماسى لكل من الدولتين بدون أى طارئ عليه رغم توتر العلاقات بين إيران والدول العربية خلال الفترات الماضية.
وأضافت أنه على ضوء المستجدات المتعلقة بأزمة قطر ورفضها مطالب الدول العربية المقاطعة لها، يمكن القول إن كل هذا كان كفيلا بدعم العلاقات بين الدولتين أكثر وخاصة مع تصريح إيران باستخدام 3 موانئ لها لدعم قطر وكذلك إرسالها مساعدات غذائية خلال الفترة الماضية بعد التحرك العربى لرفض الإرهاب الممول من قطر يوم الخامس من يونيو.
وكشفت أن هناك جزءا من الإعلام الإيرانى يرى أن دولة قطر راعى للإرهاب وداعم لكثير من المنظمات الإرهابية، لذا إذا لم تتعامل إيران مع هذه الأزمة بحذر فسوف تخسر الكثير على مستوى علاقاتها بدول مجلس التعاون الخليجى وكذلك علاقتها بمصر التى تحاول دائما إعادتها ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسى.
واختتمت حديثها مع "انفراد" بقولها: "ربما ما يبدو على الساحة مساعدة إيرانية لقطر حاليا ولكن المؤكد أن إيران تضع دائما فى حسبانها مصالحها الإقليمية والدولية نصب أعينها".
طهران والقوات التركية بقطر
فى السياق قال الكاتب والمحلل السياسى الإيرانى، رضا غبيشاوى، إن إیران ترفض وجود أى قوات عسكرية أجنبية فى منطقة الخليج، وبالتالى ترفض وجود القوات المسلحة التركية فى دولة قطر.
وأضاف غبيشاوى فى تصريحاته لـ"انفراد" من مقر إقامته فى العاصمة الإيرانية طهران أن إیران وترکیا قوتان إقلیمیتان لدیهما خلافات أساسیة حول سوریا والعراق لکنهما تتفقان حول قطر، وهما تدعمان مواقف قطر تجاه السعودیة.
وأوضح الكاتب الإيرانى وضحا أن أزمة قطر أدت إلی تقارب العلاقات بین إیران وترکیا ويعد هذا التقارب تكتیكيا، علی الرغم من منافسه إيران وتركيا اقتصاديا فى الأسواق القطرية.
واختتم غبيشاوى تصريحاته لـ"انفراد" بقوله: "طهران وأنقره تتعاونان سياسيا حول الأزمة القطریة، وبالرغم من ذلك تعارض إيران وجود قوات عسكریة أجنبیة فی المنطقة ووجود القوات الترکیة فی قطر لن يستثنی من هذا الموضوع"، وفقا لنص حديثه.
تناقضات الإخوان وقطر
فى غضون ذلك أكد الباحث المتخصص فى شؤون الجماعات الإسلامية، مصطفى أمين عامر، أن الأزمة القطرية الحالية كشفت عن جانب مهم من جوانب المشاكل التى تعانى منها الجماعات الإسلامية وهى أنها لا تبحث إلا عن مصالحها، موضحا أنه فى الوقت الذى تحرم فيه المقاطعة العربية لقطر فى العلن تتودد إلى دول الخليج فى الخفاء على أنها لا تمارس العنف والإرهاب وأنها بديل يمكن الوثوق فيه معتمدة على التناقض الذى ربما قد يطرأ على مواقف بعض الدول المقاطعة.
وأضاف فى تصريحات لـ"انفراد" أنه من الصعوبة الحديث بشكل تفصيلى عن موقف الجماعات الإسلامية بشقيها "الإصلاحى ـ الثورى" من موقف الرباعى العربي، إذ إن هذا الموضوع من الاتساع والتشعب بحيث لا يمكن إيفاؤه حقه إلا من خلال العديد من الأبحاث والدراسات.
وأوضح عامر أن الجماعات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان ومجموعات السلفية الجهادية اتخذت موقفا مؤيدا وداعما لقطر باعتبارها حاضنة مادية ومعنوية لها ووصل بها الأمر إلى حد تسويق فعل المقاطعة على أنه "حرام شرعًا".
ورأى الباحث فى شؤون الجماعات الإسلامية أن حقيقة الأمر تكشف أن هذه الجماعات بدأت تشعر بالقلق الحقيقى على مصالحها الذاتية وليس مصالح الدويلة القطرية فالضغط الخليجى على الإمارة الصغيرة قد يدفعها إلى التخلى عن هذه الجماعات ما يفقدها حاضنتها المادية والمعنوية وهو ما سيجعلها تبحث عن بديل داخل خيارات تبدو فى مجملها صعبة ومعقدة، منها اللجوء إلى إيران على سبيل المثال وليس الحصر كما فعلت القاعدة فى وقت سابق.
وواصل عامر شرح رؤيته بالقول: "جماعة الإخوان المسلمين تحديداً تتعامل مع موقف الرباعى العربى ببراجماتية سياسية، وهو ما ظهر بشكل واضح فى حالة التناقض والتضارب فى التعاطى مع الأزمة".
واختتم حديثه مع "انفراد بقوله: "يجب التأكيد على أن العلاقة طويلة الأمد بين قطر وجماعة الإخوان والجماعات المسلحة من غير الممكن تفسيخ عراها بسهولة نظرا للعلاقات المعقدة بينهما، وتعاطى كل الأطراف معها على أنها علاقة مصالح متبادلة وليس مجرد "هوى" أيديولوجى عابر وهو ما يعقد عملية التنبؤ بمستقبلها.
وأصدر وزراء خارجية الدول الأربع بيانا مشتركا يوم الأربعاء أدانوا فيه التدخلات قطرية فى الشؤون الداخلية للدول العربية ودعم الإرهاب وقالوا إن الرد القطرى على مطالب الدول الأربعة كان سلبيا، مؤكدين أن قطر مستمرة فى سياستها وهو ما ينم عن عدم إدراكها لخطورة الموقف.
إيران تتغير
وبخصوص الوضع الإيرانى الداخلى قال موسى أفشار، عضو لجنة الشؤون الخارجية فى المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية، إن شمس التغيير أشرقت على إيران، متحدثا عن نتائج ما بعد مؤتمر المعارضة الإيرانية الذى عقد يوم السبت الماضى فى العاصمة الفرنسية باريس.
وأضاف أفشار فى تصريحات لـ"انفراد" من مقر إقامته فى العاصمة الفرنسية باريس: "أقيم يوم السبت الأول من يوليو المؤتمر السنوى العام للمقاومة الإيرانية فى فيلبنت بباريس، وشارك فى هذا المؤتمر أعداد أكبر بالمقارنة بالعام الماضى، حضرته شخصيات سياسية وبرلمانية وحقوقية وثقافية وفنية بارزة من 5 قارات حول العالم معلنين عن دعمهم للمقاومة الإيرانية".
وأوضح أنه من بين الشخصيات المشاركة يمكن الإشارة إلى جون بولتون السفير الأمريكى السابق لدى الأمم المتحدة ورودى جوليانى عمدة نيويورك السابق وقادة كبار سابقين فى الجيش الأمريكى، بالإضافة إلى الأمير تركى الفيصل من المملكة العربية السعودية.
وأشار إلى أن النظام الحاكم فى ظهران الآن يعيش حالة مرتبكة عاجزة أكثر من أى وقت مضى، مضيفا أن المجتمع الإيرانى يغلى بالاستياء والنقمات الشعبية، بالإضافة إلى أن المجتمع الدولى اقتنع أخيرا بحقيقة أن المهادنة مع نظام ولاية الفقيه سياسة خاطئة.
وأوضح فى معرض حديثه أن هذه الظروف الساخنة تحمل ثلاث حقائق أساسية لإقرار الحرية فى إيران ولتحقيق السلام والأمن فى المنطقة، وهى ضرورة إسقاط نظام ولاية الفقيه، وحقيقة أن إسقاط هذا النظام باتت ممكنة، وأن هناك بديلا ديمقراطيا ومقاومة منظمة للإطاحة بالنظام الاستبداد المذهبى، وفقا لقوله.
واختتم تصريحاته بالقول: "الواقع الدامغ هو أن نظام ولاية الفقيه يعيش مرحلة السقوط وأن خامنئى وبقية قادة النظام قد أقروا أكثر من مرة بالوضع المتأزم للنظام داخليا وخطر سقوطه، وأن المقاومة الإيرانية هى الند لهذا النظام الذى ينتمى إلى قرون الوسطى وأن هذا البديل هو منظم جيدا ولديه تجربة وقادر على إسقاط النظام.
حقائق حول الأزمة
فى الخامس من يونيو الماضى اتخذت عدد كبير من الدول العربية قرارا بدعوة قطر للكف عن تمويل الإرهاب على خلفية اتهامها بدعم الجماعات المتطرفة وإيواء عناصر تمول العنف فى الإقليم، واحتشدت مصر والسعودية والإمارات والبحرين للضغط على قطر للكف عن سلوكها فى المنطقة، غير أن قطر ظلت تماطل طيلة شهر حول المطالب العربية الثلاثة عشر.
ومنذ اندلاع الأزمة بادرت إيران بتأييد الخط السياسى لقطر وسارعت بإرسال عدد كبير من البضائع المحمولة جوا من مطارات أصفهان وشيراز لإقناع قطر بالاستغناء عن محيطيها العربى والخليجى.
وجنت إيران أرباحا طائلة من العلاقات التجارية الطارئة مع الدوحة، وقال مسؤولون إيرانيون إن الحكومة تستهدف توريد بضائع بما قيمته مليار دولار، خاصة أن الموانئ الإيرانى باتت مفتوحة فى اتجاه قطر بشكل لم يسبق له مثيل فى تاريخ العلاقات بين الدولتين.
وأعلن وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمل من أمس الثلاثاء، أن لائحة مطالب الدول المقاطعة "غير واقعية" "وغير قابلة للتطبيق"، على حد تعبيره، وسلم ردا قطريا رسميا إلى الكويت التى سلمت بدورها الرد القطرى إلى الدول العربية الأربع.
وتمثلت مطالب الدول العربية بشكل أساسى على إغلاق قناة الجزيرة لتحريضها وحضها على العنف والتطرف وتسليم المطلوبين جنائيا إلى دولهم وطرد عناصر الحرس الثورى من الدوحة وإلغاء قرار بناء قاعدة عسكرية تركية فى الإمارة.
وأصدر وزراء خارجية الدول الأربع بيانا مشتركا يوم الأربعاء أدانوا فيه التدخلات القطرية فى الشؤون الداخلية للدول العربية ودعم الإرهاب وقالوا إن الرد القطرى على مطالب الدول الأربعة كان سلبيا، مؤكدين أن قطر مستمرة فى سياستها وهو ما ينم عن عدم إدراكها لخطورة الموقف.