لم تكتف شركة «إبسوس» للدراسات والأبحاث بالتزييف والتزوير والأساليب الملتوية وإخفاء الحقائق ومخالفة القوانين، كعادتها فى استطلاعات الرأى الزائفة التى تجريها، بل وصل الأمر لتجسسها على المصريين، فجميع معاملاتها أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك، نشاطها التجسسى، من خلال إجرائها استطلاعات رأى للشارع المصرى للتجسس على المصريين واختراق حياتهم الشخصية بغرض الإضرار بالأمن القومى، عبر استمارات تشمل أسئلة «مريبة» تتضمن طلب معرفة معلومات شخصية بالتفاصيل، مرورًا بالرواتب، وماذا تحب أن تأكل وما هى ميولك، وصولاً إلى أسئلة ذات علاقة بالأوضاع السياسية، وتجميعها عبر استطلاعات رأى على الإنترنت.
وتمارس الشركة الفرنسية، التى تستأجر شقة سكنية فى القاهرة حولتها إلى مكتب إدارى بالمخالفة للقانون، ودون الحصول على التراخيص اللازمة، عملًا يبدو فى ظاهره جمع بحوث واستطلاعات حول المنتجات والشركات، مستخدمة استمارات بيانية، لعمل الإحصاءات حول آراء المواطنين، فى المنتجات أو الجهات، لكنها فى الباطن تتجسس على المصريين باختراق خصوصياتهم وأدق تفاصيل حياتهم، مهددة بذلك الأمن القومى المصرى، خاصة وأن الشركة قد تمد أجهزة مخابرات معادية للدولة المصرية بتلك المعلومات.
وتكمن الخطورة فى أن جميع البيانات الشخصية، بل وأسرار المواطن البسيط، أصبحت متاحة ومباحة لشركة إبسوس التى تنصب على المواطنين وتجمع معلومات عميقة ودقيقة عن كل الأوضاع فى البلاد، لتستفيد بها ضد مصر، حيث تحاول الشركة إغراء المواطن بجوائر وهمية قد تصل للحصول على جهاز محمول «آيفون 6»، أو أجهزة منزلية أو جوائز نقدية تقدر بـ20 ألف جنيه مقابل الحصول على معلومات عن مصر والمقيمين بها والتجسس عليهم واختراق حياتهم الشخصية، للإضرار بالأمن القومى، وهذا مثبت بالصور داخل الشركة، كما أن هناك فيديو توضيحيا على «يوتيوب» للاشتراك وملء البيانات الخاصة بالمشترك لعمل الاستطلاعات داخل موقع شركة ريوردينج بانيل Rewarding Panel التابعة لـ«إبسوس».
وتحوى استمارات استطلاع الرأى المشبوهة للشركة «الجاسوسة» أسئلة مريبة؛ من نوعية «نوع السكن الذى يعيش فيه المواطن سواء كان تمليكًا أو إيجارًا «قديم - جديد»؟ عدد حجرات المنزل «حجرة واحدة- حجرتان- ثلاث حجرات - أربعة فأكثر؟»، عدد أفراد الأسرة، هل هناك عامل أو خادمة فى المنزل؟ نوع الأجهزة الموجودة فى المنزل «ديب فريزر- غسالة أوتوماتيك- دش- موبيل- فيديو- ثلاجة»؟ نوع المدرسة «حكومية- تجريبية- عربى- لغات- مدارس خاصة»؟، الشهادة الجامعية هل هى من داخل مصر أم من خارجها؟، هل تملك بطاقة ائتمان؟، هل لديك شاليه للمصيف خارج القاهرة؟، هل لديك عضوية فى أى نادٍ؟، ما نوع الطبقة الموجودة بالنادى «متوسطة- عالية- منخفضة- نوادى نقابات»؟، هل سافرت للخارج «للسياحة- الحج»؟، ما هى وظيفة رب الأسرة ودرجته الوظيفية؟ وأسئلة أخرى عن الدخل وتوقعات زيادته أو نقصانه، ثم تختتم الاستمارة فى نهايتها بأسئلة شائكة عن متابعة القنوات الفضائية الأجنبية ومدى الرضا عن الأوضاع فى مصر.
وتتخذ الشركة هذه الاستطلاعات، ستارًا، لمعرفة آخر التطورات والحالة الاقتصادية والسياسية التى تمر بها البلاد، فهناك استطلاعات يبلغ حجمها «ورقة» يملأها العميل مقابل هدايا وجوائز نقدية تعده بها «إبسوس»، وبعد تسجيل البيانات الخاصة بالعميل كاملة، لا يجد أى جوائز، ويتم جمع الاستمارات وتحديد النتيجة، ووضع المبحوث فى شرائح «فقيرة- متوسطة- غنية»، بالتعاون مع شركة نصب أخرى تديرها «إبسوس»، وهى شركة «ريوردينج بانيل»، التى هى جزء من مجموعة «إبسوس» العالمية.
وما زاد الشكوك فى «إبسوس»، تحذيرها الدائم للمتدربين التابعين للشركة بعدم إجراء هذه الاستطلاعات مع أى من الصحفيين أو الإعلاميين، حتى لا يفضحوا مخططها أمام الرأى العام.
وتصطاد الشركة الفرنسية فى الماء العكر بإجراء استطلاعات حول قضايا شائكة، فعقب إصدار الحكم فى مذبحة بورسعيد، مطلع فبراير 2013، بدأت الشركة توزع استمارات حول «الألتراس»، وتحديدًا حول مدى عشق جمهور النادى الأهلى له، والمفارقة أن الاستمارات التى سعت إلى رصد هذا الأمر، كانت تتضمن أسئلة حول عروض شركات الهواتف، إلى أن الأسئلة كانت تنحرف إلى قضية الألتراس، حيث اهتمت استمارات «إبسوس»، وقتها، برصد مواقف مشجعى الأهلى حال فوز فريقهم ببطولة ما، وهل يفضلون الاحتفال فى الشارع؟ وإلى أى مدى يحبون فريقهم؟ وما مدى استعدادهم لتقديم أى شىء مقابل الفريق الذى يشجعونه؟ وكم حجم الأموال التى ينفقونها شهريا على الاتصالات؟ وأكثر الساعات التى يتحدثون فيها وإلى من يتحدثون؟
وأصبح اسم «إبسوس» مرادفًا للتهديد الواضح لصناعة الإعلام فى مصر، بما يحمل ذلك فى طياته من تهديد للأمن القومى المصرى، فهى صاحبة مخطط عالمى مشبوه لتدمير سوق الإعلانات فى مصر، وتضليل المشاهد العربى بأبحاث وبيانات مزورة ومضللة، تصدرها لصالح قنوات غير مصرية، بالتنسيق معها، ليذهب إليها المعلنون، متخطية كل حدود المهنية والمصداقية، فى خطة حقيرة تهدف لخراب السوق الإعلانى بدأتها «إبسوس» قبل سنوات ومازالت تستكملها دون حساب أو عقاب.
ودائما ما تعتمد الشركة «الجسوسة» على تزييف الحقائق الصادرة عن ترتيب القنوات والتلاعب فى نسب المشاهدة كخنجر مسموم لمحاولة طعن مصر وتقزيمها إعلاميًا ونزع الريادة من قنواتها، وهو ما يضر بالمصالح العليا للبلاد، الأمر الذى دفع 4 قنوات هى «النهار» و«الحياة» و«cbc» و«ONTV» لتقديم بلاغ رسمى يتهم الشركة بتهديد الأمن القومى المصرى، وتعمد تغيير الحقائق فى التقارير الصادرة عنها حول ترتيب القنوات ونسب المشاهدة لصالح محطات فضائية أجنبية، بل ومعادية للدولة المصرية، كما أن الشركة متهمة بتلقى «رشاوى» من تلك القنوات والاستفادة من حصص الإعلانات المستخدمة فى الفضائيات التى تروج لها.
وبالأكاذيب الدائمة التى تروجها وضعت «إبسوس» نفسها فى مهب الريح، بعدما كُشف عنها القناع المزيف الذى ترتديه، وصارت مخططاتها معلومة للجميع، وظهر جليا انحيازها المشبوه ومخططها لتخريب سوق الإعلانات فى مصر، وتهديد أمنها القومى، حيث منحت الشركة وفقًا لاستطلاعها المزور المركز الأول لفضائية عربية لا تحظى بنسب مشاهدة فى مصر من الأساس، وجاء فى المرتبة الثانية فضائية لا يتابعها أحد، وفى الثالث قناة مجهولة التردد دأبت الشركة على وضعها فى مراكز متقدمة، وهو ما يثبت سياستها الدائمة فى النصب والتزييف والتضليل والفساد فى العمل الإعلامى، وهو الأمر الذى يمنحها جائزة الفساد الكبرى والفضائح المستمرة.
ولم تكتف «إبسوس»، بمخططاتها المضللة وكذبها الواضح وتقاريرها المضللة، ولكنها تحالفت ووضعت يدها فى يد دول تكيد لمصر وتهدد أمنها القومى ودورها الريادى الإقليمى والدولى، فواصلت توسيع شبكتها فى أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفتحت مكاتب لها فى قطر، وأبرمت اتفاقيات عام 2012 مع شركة «درويش القابضة» القطرية، والتى تعد أبرز مجموعات الشركات العائلية فى الدوحة فى بحوث التسويق.
وفى وقت تسابق فيه مصر الزمن للعبور إلى بر الأمان واستعادة عافيتها بعد ثورتين شهدتهما البلاد، فإن مخطط الشركة «المشبوهة» للتجسس على المصريين، يفتح الباب على مصراعيه لـ«تساؤل كبير»: هل هذه الشركة متخصصةً بالفعل فى بحوث التسويق واستطلاعات الرأى، أم إنها تابعة لأجهزة استخبارات خارجية؟ وهل يتم تداول هذه المعلومات بالخارج لتهديد الأمن القومى المصرى؟
وسبق وأجبرت التصرفات المريبة لهذه الشركة، بعض الدول العربية، لوقف عمل فرع الشركة بها، الأمر الذى يثير التساؤل حول متى تتخذ الحكومة المصرية مثل هذا القرار المهم لحماية الأمن القومى، فى ظل الاتهامات المتلاحقة التى تطالها التى لم تثبت إبسوس بطلانها، بالإضافة للتقارير المتضاربة التى تصدرها، والتى لا تهدف سوى لضرب الوحدة وإحداث الفتنة، سواءً بين القنوات الفضائية أو الأندية الرياضية المصرية وجماهيرها على حدٍ سواء.
وأخيرًا، لم تعد تملك الحكومة والهيئة الوطنية للإعلام، فى ظل تطورات إقليمية بالغة الأهمية ومحاربة الإرهاب فى الداخل والخارج، رفاهية الوقت للتسامح مع مخططات استهداف أمنها القومى، وباتت أمام ضرورة ملحة لاتخاذ قرارات سريعة وحاسمة تقطع الطريق على محاولات استخدام «إبسوس» أبحاثها واستماراتها لاستطلاعات الرأى «مطية» للتجسس على المصريين وتهديد أمن وسلامة الوطن. ويجب أن تتدخل الحكومة سريعاً باتخاذ قرار بتجميد نشاط شركة «إبسوس» فى مصر.