القادم أفضل ومبشر لأن الرئيس عبدالفتاح السيسى أول رئيس لمصر بعد الزعيم جمال عبدالناصر يهتم بالحركة التعاونية
نمتلك من المقومات ما يجعل انطلاقنا الاقتصادى يؤدى إلى طفرات فى معدلات التنمية
لم ينفصل الدكتور حسن راتب، يوما عن مجتمعه وقضايا وطنه، فهو يؤمن بأن رجل الأعمال الناجح لا يكتفى فقط بإنجاز نجاحات فى مهنته، بل النجاح الحقيقى يأتى بالمشاركة المجتمعية، وهو ما يميز راتبا عن غيره، فغيرته على بلده ووقوفه مساندا ومشاركا فى عمليات التنمية، يؤكد يوما بعد يوم أنه رجل وطنى يدعم الحركة الثقافية والإبداعية والتنموية قدر استطاعته، ولا يبخل بوقته وماله وجهده فى حركة الإصلاح التى تشهدها محافظات مصر، ومنها سيناء التى يؤمن راتب بأنها أرض الخير والسلام وكنز مصر، وهو ما شجعه منذ سنوات طويلة على أن يتحدى الصعاب ويواجه المعوقات ويبذل جهدا فى إطار التنمية بها، فاستطاع بحنكته وعقليته المتطورة أن يتعامل مع البشر والجغرافيا هناك، ويتمكن من توفير وسائل الاستقرار والأمن، ويحقق نجاحات مع أبناء العائلة السيناوية، الذين أحبوه وتعاونوا معه ووجدوه محققا لطموحاتها على المستويين التعليمى والاقتصادى.
لا نستطيع أن نضع حسن راتب فى قالب رجل الأعمال، فهو المفكر المثقف صاحب النظريات الاقتصادية، والإعلامى صاحب الرؤية الوطنية، حينما فكر فى اختراق المجال الإعلامى منذ أكثر من 15 عاما، فأسس قناة «المحور»، التى أسهمت ولاتزال فى الحوار الوطنى الجاد، والارتقاء بالإعلام المصرى فى مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، ويميزها الخط المتوازن المعتدل الملتزم بالمهنية والحيادية، وهو أيضاً المثقف الواعى بأهمية ودور الإبداع، ويساهم فى إحياء الثقافة والإبداع بشتى الطرق، والدليل على ذلك حرصه على إقامة الصالونات الثقافية التى اندثرت فى الفترة الأخيرة، ببساطة فإن الدكتور المفكر حسن راتب يحركه إيمانه وقناعاته بأن عليه واجبا مجتمعيا ودورا مهما تجاه الوطن ولا يتأخر لحظة واحدة عن الوفاء به.
ولعل أبرز وأحدث الأدلة على ذلك تبرعه منذ أيام بثلث ثروته، تأكيدا على الفكرة التى يتبناها ويدعهما دائماً وهى تعظيم دور الوظيفة لرأس المال، فقام بتأسيس مؤسسة اجتماعية، بغرض خلق فرص عمل للشباب وإقامة مشروعات صغيرة متوسطة لهم.
وفى حوار خاص مع الدكتور حسن راتب، فتح قلبه فيه لـ«انفراد»، أكد أن تلك المؤسسة ليست لرعاية الفقراء فقط بقدر ما هى مؤسسة للإبداع والابتكار ومشروعات الشباب، مشيرا إلى أن حجمها يزيد على 2 مليار جنيه، وسيتم تنميتها وتنفيذ مشروعات مبتكرة تنمى وتحفز الشباب وتعطيهم أمل حقيقى للغد.
وإلى نص الحوار..
- أعلم أنك تقوم بأعمال خيرية عديدة ولا تهتم بالإفصاح عنها، فلماذا فكرت هذه المرة فى التبرع بشكل علنى بثلث ثروتك؟
قد أمرنا الله بالإنفاق سراً وعلانية، ففى السر يكون الهدف هو الإنفاق خالصا لوجه الله، وفى العلانية أيضا يكون خالصا لوجه الله، بالإضافة إلى تشجيع الغير على هذا الفعل، بأن تكون قدوته وأسوة له فى هذا العمل الذى يؤدى للإصلاح والنفع فى المجتمع ككل، إذا أدركه كل من يستطيع القيام به.
- تقتحم مجالات جديدة وأفكارا غير تقليدية ربما لا تدر أرباحا وعوائد مادية.. ألم تندم يوما على اختياراتك؟
لم ولن أندم لأننى أبحث دائما عن القيمة الاجتماعية قبل الجدوى الاقتصادية، ولذلك يوفقنى الله، لأن هدفى التعمير والإصلاح قبل الربح والمال، والدليل على ذلك جامعة سيناء فى حى المساعيد، التى تخرج فيها الآلاف ما بين أطباء ومهندسين وتخصصات مختلفة من العلوم والآداب، وقد كان البعض يخيفنى وقتها من هذا التوجه ويحذرنى، ولكننى كنت أعلم أن الله سيساندنى ويوفقنى فى هذه المهمة، التى أنجزت بنجاح وتخرج فيها الشباب المثقفون المنتمون للوطن، حيث عملت الجامعة على بناء شخصياتهم وتنمية روح الولاء لديهم، وكذلك مصنع الأسمنت بسيناء، فقد كنت أول المستثمرين على أراضيها، ولم أنظر للمال، ولكن كما أشارت من قبل للقيمة الاجتماعية.
- كيف تخطيت الصعاب التى واجهتها فى بداية توجهك إلى سيناء حتى تحقق هذه النجاحات على أرضها؟
بدأت نشاطى فى سيناء عام 1986 وكانت البداية بلقاء مع اللواء منير شاش، محافظ شمال سيناء فى ذلك الوقت، قلت له: أريد إحياء مشروع ياميت، لكنه أخبرنى بأن هذه المنطقة لها ظروف خاصة، وعرض على موقعا آخر وهو الذى أقمت عليه مشروع سما العريش، فذهبت لمعاينة المكان وجدته رمالا مملحة، فتوضأت وصليت لله وسألته التوفيق، ونفس الشىء فعلته فى مشروع مصنع الأسمنت فى الوسط، حيث وقفت على أحد جبالها، داعيا الله، ووفقنا الله لاستكمال بناء المصنع فى 20 شهرا فقط، وكان مقررا له 36 شهرا.
- لنذهب بعيدا عن الاستثمار وعالم رجال الأعمال ونتلقى بحسن راتب المفكر وصاحب الصالون الثقافى الدورى.. لماذا تحرص على إحياء الصالونات الثقافية برغم مشاغلك وضيف وقتك؟
نستطيع بالثقافة أن نتخطى مشاكلنا ونتغلب عليها، فعندما تعود الثقافة للمصريين سيعود معها أشياء كثيرة، أهمها الرقى واحترام الذوق العام والسلوكيات التى نفتقدها وننادى بعودتها، ولأننى عاشق للثقافة أحرص على تقديم الصالون بنفسى، وأعلم جيدا أن لدينا أزمة حقيقية فى الإبداع والثقافة فى مصر، وأحاول قدر استطاعتى أن أساهم بشىء ولو بسيط لإحياء الدور الثقافى الذى يرتبط افتقاده بمشاكل عديدة منها فى نظرى ظاهرة الإرهاب، فسننتصر فى الحرب ضد الإرهاب بنشر الثقافة فى العقول التى أصبحت فريسة فى شباك الجماعات الإرهابية، بتصديرها أفكارا خبيثة لعقول الشباب، وهو أمر فى غاية الخطورة، ولا بد من التنبه له والتصدى لمخاطره فورا بكل الطرق، وعلى رأسها الثقافة والوعى.
- هل ترى أن الصالونات الثقافية يمكن أن تحقق هدفا فى اتجاه التصدى ومواجهة ظاهرة الإرهاب؟
بالطبع، فعندما نعود بالذاكرة لصالونات العمالقة كصالون عباس العقاد، ومصطفى صادق الرافعى، ومى زيادة، الذى كان يحتضن أبرز المفكرين والأدباء لمناقشة أهم القضايا العصرية التى تواجه الدولة والشارع، نجد دورا كبيرا ومهما لهذه الصالونات فى العصر الذى عايشته، وأعطى بذلك أن للثقافة دورا مهما تقوم به طبقا لاحتياج المجتمع فى أى توقيت، ولا يمكن إغفال هذا الدور.
- هل تتدخل فى السياسة التحريرية لقناة المحور التى تمتلكها؟
لا أتدخل، ولكننى أراقب من بعيد مدى التزامها بالمصلحة الوطنية، ومادامت تحقق هذا الهدف وتسير على مبدأ الحيادية والمعايير المهنية والنسخ القيمى للمجتمع لمصر، والعربى، فلا أتدخل، ويكفى أن قناة المحور ترفع دائماً شعار نفتخر به، وهو أنها قناة الأسرة العربية، وهو ما يعيه جيدا كل العاملين فيها، الذين لا تخرج أهدافهم عن الهدف الذى أنشئت لأجله القناة منذ أكثر من 15 عاما، إدراكا منا لأهمية المشاركة مع الوطن فى تحقيق أهداف التنمية.
- جانب آخر فى حياة الدكتور حسن راتب لا يعرفه كثيرون هو عملك نائبا لرئيس الاتحاد العام للتعاونيات.. حدثنا عن هذا الجانب؟
لدى يقين بأن التعاونيات هى السبيل لحدوث تنمية اقتصادية بالبلد، ولن يزدهر الاقتصاد إلا بوجود الاستقرار، لذلك تجدنى متحمسا لهذه القضية، ولدور التعاونيات فى المرحلة المقبلة المتوقع أن يكون إيجابيا وفاعلاً على المستوى الثقافى والاجتماعى والاقتصادى، وقبل ذلك المستوى السياسى، حيث إن هذا القطاع قوامه 17 مليون نسمة جميعهم مؤثرون، وحينما يتميز الهيكل التنظيمى لهذا القطاع بالوعى وبالكوادر المؤهلة، فإنه من المتوقع أنه لن يعطى للتطرف فرصة، وسيقود حركة المجتمع خاصة أن حركة هذا القطاع من وجدان متحرر ليس له دوافع أخرى سوى مصلحة الوطن،
وأرى أن القادم أفضل ومبشر لأن الرئيس عبدالفتاح السيسى، هو أول رئيس لمصر بعد الزعيم جمال عبدالناصر يهتم بالحركة التعاونية، فهو يعلم بثقافته ووعيه الوطنى قيمة التعاونيات، ويدرك أهمية دعمها والاستناد إليها كشريك أساسى لا غنى عنه فى التنمية الشاملة التى يستهدفها. كما يعلم الرئيس أن التعاونيات فى مصر ليست كيانا هشا ولا هى جمعيات ضعيفة، وإنما هى قطاع ضخم وحركة شعبية تمتد من العاصمة وحتى القرى والنجوع من خلال أكثر من 12 ألف جمعية تضم نحو 18 مليون عضو.
- كيف ترى الرؤية الاقتصادية لمصر فى المرحلة المقبلة؟
أشعر بتفاؤل شديد، وإن كنت أرى ارتفاعا لسقف توقعات الناس واستعجالهم، فنحن نمتلك من المقومات الاقتصادية ما يجعل انطلاقنا الاقتصادى يؤدى إلى طفرات فى معدلات التنمية، وليس معدلات عادية، ولدينا مميزات نسبية نستطيع تحويلها لقدرات تنافسية ضخمة، والأمل كبير، وبدأت الانطلاقة فعليا، والمهم أن يكتمل ذلك باستنهاض المجتمع بكل فئاته لإحداث التنمية الشاملة.
- نشعر بالقلق هذه الأيام على سيناء ولا أريد أن أقول الخوف فما رأيك؟
التنمية مستمرة فى سيناء، وإن كانت قد بدأت متأخرة، وهناك مجموعة من التداعيات فى التراكيب الاجتماعية والحدود وتاريخيا لها خصوصيتها، لأن سيناء جزء من الفكر الإسرائيلى، وإسرائيل تريد تصدير المشكلة إلينا، ولكننا نعى جيدا دورنا، وبدأنا التركيز وأرى أن وقت الرفاهية قد انتهى، والآن العمل الجاد هو الذى يفرض نفسه، ولا داعى للقلق أو الخوف، فالمستقبل أفضل مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، والجيش المصرى العظيم خير أجناد الأرض.
- لديك اهتمام بما تصفه أنت شخصيا بالقوة الناعمة لمصر، الإعلام والثقافة والدراما، ماذا عن لقائك منذ أيام بالأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام؟
كان لقاءا مثمرا فى إطار التعاون بين المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والفضائيات المصرية، ودار حول أهمية تعظيم دور الإعلام الهادف لخدمة قضايا المجتمع، والمشاركة فى الحفاظ على الهوية المصرية، كما ناقشنا ضرورة إحياء الدور، الذى كانت تلعبه الدراما المصرية وتأثيرها فى تشكيل الوجدان والسلوك والذوق العام، من خلال التكاتف لتقديم أعمال إيجابية تحمل مضمونا هادفا يقدم رسالة للمجتمع، بالإضافة إلى الترفيه، وخرج أفراد الاجتماع بالاتفاق على لقاء مع صناع الدراما المصرية من كتاب ومخرجين وأهل الدراما، لوضع الملامح العريضة لإعادة الدراما المصرية لمكانتها، والتغلب على المعوقات التى أدت لتدهور حالها فى السنوات الأخيرة، إلا من أعمال نادرة.