"العدالة".. شعار رفعته المعارضة التركية فى أقوى وأضخم تظاهرة تمكنت من تنظيمها رغم القمع والتنكيل والإقصاء الذى تعيشه، لخص مطالباتها من النظام بعد أن استبد واستفحل فى ديكتاتوريته على مدار العام الماضى عقب حركة الجيش التى نهضت فى 15 يوليو الماضى للإطاحة بحكم الرئيس رجب طيب إردوغان، وطالبت بالحرية وتطبيق الديمقراطية الغائبة فى البلاد وقوبلت بالقمع الشديد.
سلسلة من الإجراءات اتخذها النظام التركى خلال العام الماضى، كانت فى مقدمتها فرض حالة الطوارئ وتجديدها بشكل مستمر، وشن حملات اعتقال متواصلة زجت بعشرات الألاف إلى السجون التركية، بالإضافة إلى تمرير دستور الإستبداد للانتقال إلى نظام رئاسى للإنفراد بالسلطة و صلاحيات واسعة، كل هذا أدخلت البلاد فى نفق مظلم، وساهم فى حالة الغليان التى أصبحت تسيطر على الشارع التركى أكثر من أى وقت مضى، وأوشكت على الانفجار فى وجه النظام.
Crowd of 2.5 million chanted "justice" in Turkey's #AdaletMitingi rally. Ruling party will respond on the anniversary of 15July coup attempt pic.twitter.com/fjWZOEiNMP
— Engin Esen (@EnginEsen) July 9, 2017
المعارضة تتحدى السلطات
ومع اقتراب الذكرى الأولى لتحرك الجيش التركى، شدد النظام قبضته الأمنية بسبب مخاوف تكرار محاولات الإطاحة بعرش أردوغان الذى بات يهتز على واقع الاعتقالات التعسفية، وتكميم الأفواه، والتنكيل بالمعارضة، واتهم الرئيس التركى النشطاء الحقوقيين تم اعتقالهم الأسبوع الماضى بمحاولة استكمال تحرك الجيش، لكن كل هذا لم يخيف المعارضة التى نظمت أقوى تظاهرة لها جابت تركيا من شرقها إلى غربها على مدار 25 يوما الماضية لتصل أخر محطاتها أمس، الأحد، فى العاصمة إسطنبول، متحدية بذلك السلطات.
ورفعت التظاهرة التى شارك فيها عشرات الالآف الكارت أحمر للرئيس التركى وحمل المحتجون أعلام تركيا ولافتات كتبت عليها كلمة "العدالة" باللونين الأحمر والأبيض، احتجاجا على سجن نائب من حزب الشعب الجمهورى خلال عمليات الاعتقال التى اعتقلت فيها السلطات نحو 50 ألف شخص وأوقفت عن العمل نحو 150 ألفا، وتحولت هذه المسيرة إلى أكبر احتجاج تشهده تركيا ضد النظام الأردوغانى منذ عام 2013، وانضمت إليها حشود ضخمة، وأحزاب معارضة أخرى من بينها حزب الشعوب الديمقراطى الموالى للأكراد.
وقطع المتظاهرون مسافة 450 كيلومترا فى هذه المسيرة من العاصمة التركية إلى إسطنبول، سيرا على أقدامهم، لإدانة الحكم بالسجن 25 عامًا على النائب أنيس بربر أوغلو بتهمة تسريب معلومات إلى صحيفة حول شحنات أسلحة إلى سوريا، فيما وصف زعيم المعارضة التركية، سجن النائب البرلمانى، بأنه "القشة التى قصمت ظهر البعير". وبينما شهدت التظاهرة تغطية كبيرة فى كافة وسائل الاعلام العالمية، تجاهلت وسائل إعلام النظام هذا الغضب الجماهيرى.
Mesmerizing scenes as over 1.5 million Turks chant "hak, hukuk, adalet." (rights, law, justice) at #AdaletMitingi pic.twitter.com/Dx3odwsFxi
— Mohamed Hemish (@MohamedHemish) July 9, 2017
زعيم المعارضة يهدد بالتصعيد
فيما هدد كمال قليجدار أوغلو زعيم حزب "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة التركية النظام بالتصعيد، وقال أمام الحشود المتظاهرة ضد أردوغان فى إسطنبول: "لا يظن أحد أن هذه المسيرة هى الأخيرة، بل إنها الخطوة الأولى.. اليوم التاسع من يوليو يشكل مرحلة جديدة.. وولادة جديدة".
At #AdaletMitingi people chant "hak, hukuk, adalet." (rights, law, justice) #Turkey #Istanbul pic.twitter.com/4bmrpH0m4X
— Mohamed Hemish (@MohamedHemish) July 9, 2017
إردوغان على موعد مع انتفاضة شعبية السبت المقبل
وأكدت مصادر فى المعارضة التركية، لـ"انفراد" - رفضت الكشف عن هويتها خوفا من بطش النظام- على أن تظاهرة أمس كانت بمثابة جرس إنذار للنظام، موضحًَا أن المعارضة سوف تصعد وتمتلك خطوات أكبر، وشددت على أن نهاية الرئيس الداعم للإرهاب أردوغان باتت أوشكت، وانهيار النظام الذى يأوى العناصر الإرهابية فى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية، ويمول التنظيمات المسلحة لوجستيا بات على المحك.
وأضافت المصادر، أن الجماهير الغاضبة من سياسات أردوغان الداعمة للإرهاب فى الخارج، والأسلوب الوحشى الذى يمارسه النظام ضد المعارضة، تتوعد النظام بتنظيم أكبر انتفاضة شعبية لم تشهد تركيا مثيل لها، فى الذكرى الأولى للقمع الذى شهدته البلاد (15 يوليو) السبت المقبل، مشيرة إلى أن المعارضة لم تعد تخشى القمع والتنكيل، وسوف تطالب بالإفراج عن السجناء السياسيين التى امتلأت السجون بهم على مدار العام الماضى، وإنهاء حالة الطوارئ فى البلاد، وتوقف النظام عن سياسة دعم الإرهاب.
Thousands are marching for justice in #Istanbul.#AdaletMitingi pic.twitter.com/6SamiIHuvd
— Mete Tugcu (@metetugcu) July 9, 2017
أوروبا تتمنع وزراء أردوغان من دخول أراضيها
وبسبب سياسات دعم الإرهاب العالمى التى ينتهجها النظام التركى، يواجه موجة غضب عالمية، فقد رفضت دول أوروبية إقامة فعاليات تركية بهدف "إحياء ذكرى حركة الجيش فى 15 يوليو 2016"، حيث أعلنت النمسا منع نهاد زيبكجي وزير الاقتصاد التركي من دخول أراضيها لحضور فعالية في ذكرى مرور عام على حركة الجيش، واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية النمساوية فى تصريحات لمحطة (أو.أر.إف) الإذاعية بُثت اليوم الاثنين، "الفعالية المرتقبة كبيرة جدا وأن الزيارة كانت ستشكل خطرا على النظام العام والأمن في النمسا.. أؤكد منع وزير الاقتصاد التركي من دخول البلاد ".
وجاء هذا القرار بعد خطوة مماثلة اتخذتها هولندا، التى قالت يوم الجمعة، إن نائب رئيس الوزراء التركى طغرل توركيش ليس محل ترحيب لحضور احتفال بين المغتربين الأتراك للاحتفال بهذه الذكرى.