كان القرار المفاجئ للبنك المركزى المصرى برفع أسعار الفائدة، يوم الخميس الماضى، بمثابة الحلقة الجديدة فى إجراءات "بنك البنوك"، وصانع ومنفذ السياسة النقدية للبلاد، للسيطرة على التضخم – ارتفاع أسعار السلع والخدمات – وعلى الرغم من تأثيرها على موازنة الدولة، وتدفقات الاستثمار إلا أن الفترة المؤقتة لأسعار الفائدة المرتفعة على الإقراض والودائع، لها محدود على مؤشرات الاقتصاد الكلى، ومستويات الدين العام، الذى يسجل 3 تريليونات جنيه فى نهاية الربع الأول من السنة الحالية، والمنتهى فى 31 مارس 2017.
وعلى الرغم من أن رفع أسعار الفائدة يزيد من تكلفة الاقتراض الحكومة والتى تزيد عن 25 مليار جنيه أسبوعيا، مما يرفع من عجز الموازنة العاملة للدولة، إلا أن دورتين فقط من انعقاد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى، وهى المسئولة عن أسعار الفائدة، التى تعقد اجتماعاتها كل شهر ونصف، من المتوقع أن يتم خفض تدريجى لأسعار الفائدة بنسب تتراوح بين 0.5% و1.5%، مما يحد من تأثير ذلك على الاقتراض الحكومى، وبالتالى العودة التدريجية إلى مستويات الفائدة المتدنية وبالتالى تنشيط الاستثمار وتقليل عبء الاقتراض الحكومى.
وبهدف تحجيم التضخم، وتخفيفًا للآثار الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء وكذلك ارتفاع ضريبة القيمة المضافة وللحفاظ على القوة الشرائية للجنيه المصرى قرر البنك المركزى المصرى رفع سعر الفائدة 2 %، مؤكدًا أنه قرار لفترة مؤقتة.. ومن المرحج أن تستقر الفائدة على الشهادات مرتفعة العائد ذات الـ16 و20% عند مستوياتها الحالية فى البنك الأهلى المصرى وبنك مصر.
ويستقر عائد مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة عند برامج التمويل فى إطار المبادرة للمشروعات الصغيرة والصغيرة جدًا بسعر عائد 5% - حجم مبيعات من مليون إلى أقل من 50 مليون جنيه - وبرامج التمويل فى إطار مبادرة البنك المركزى لتمويل المشروعات المتوسطة بسعر عائد 7% - نشاط صناعى – زراعى - طاقة جديدة ومتجددة – مما يعمل على عدم تحميل أصحاب تلك المشروعات لتكاليف إضافية خلال تلك المرحلة التى تتم فيها الإصلاحات الاقتصادية الجريئة.
ويعد الهدف الرئيسى لعمل البنوك المركزية، هو السيطرة على مستويات منخفضة من التضخم – ارتفاع مستويات أسعار السلع والخدمات – والعمل على تحقيق استقرار الأسعار، وتعد أداة سعر الفائدة الأهم فى استراتيجيته ضبط الأسواق والأسعار، حيث أن معدلات التضخم الأساسية فى مصر، وفقًا لمؤشرات البنك على المستوى السنوى، ارتفعت إلى 31.95% فى شهر يونيو الماضى، مقابل 30.57% فى شهر يناير السابق له.
وشهدت سياسة البنك المركزى المصرى بشأن أسعار الفائدة، وخلال العام الحالى، بداية مرحلة التحول التاريخى فى الهدف الرئيسى للبنك المركزى وآلية عمله، فى استهداف التضخم – ارتفاع أسعار السلع والخدمات - وهو الهدف الذى يبدأ فى التحقق لأول مرة فى تاريخ البنك المركزى المصرى والذى يؤمن استقلالية البنك المستقبلية، والتزامه باستهداف نسبة تضخم محددة، واستخدام أدواته فى ذلك دون تدخل من أى جهة، والحفاظ على مستويات منخفضة له على المدى القريب، حيث من المتوقع أن تنخفض مستويات الفائدة تدريجيًا خلال الشهور القليلة القادمة، إلى مستويات أقل كثيرًا من الحالية، بالتالى يتحمل البنك المركزى المصرى المسئولية أمام المؤسسات الدولية والاستثمار وكافة الجهات الاقتصادية الأخرى، والحفاظ على ودائع القطاع العائلى، أى مصالح المواطن المصرى الذى تأثر بإجراءات الإصلاح الاقتصادى الحالية.
وعندما يلجأ البنك المركزى المصرى لرفع أسعار الفائدة فإن التأثير يكون جذب فوائض الأموال والمدخرات التى فى حوزة المواطنين، إلى الأوعية الادخارية بأنواعها المختلفة بالبنوك، ومما يسهم فى تقليل حجم الكاش – النقدية – مع المواطنين وتقليل الطلب على السلع والخدمات وبالتالى انخفاض أسعارها أى خفض مستوى التضخم، الذى يعد هدفًا أصيلًا للبنك المركزى.