"هللويا.. هللويا" بتلك الهتافات المفرحة استقبل ملايين الأقباط اليوم الأربعاء عيد النيروز وهو عيد رأس السنة القبطية،وترفع صلوات القداس فى الصباح من الكنائس، وتختتم بصلوات العشية التى تنتهى منتصف ليل الخميس، بدق أجراس الكنيسة وإعلان بدء العام القبطى الجديد، وعيد النيروز أيضًا هو عيد الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً للمسيحية فى عصر الاستشهاد وهو ذكرى استشهاد القديسين بطرس وبولس.
الكنيسة البطرسية التى تحمل اسم الشهيدين بطرس وبولس، استقبلت عشرات المصلين الذين توافدوا عليها منذ الصباح الباكر لحضور قداس العيد، متزينين بأسر شهداء الكنيسة مثل والدة الشهيدة ماجى مؤمن وعائلة الشهيدة انجيل مرقس وأسرة الشهيد نبيل حارس الكنيسة، وغيرهم.
وانتشر باعة البلح والجوافة أمام الكنيسة، حيث حرص الأقباط على شرائه فى هذه المناسبة التى يحتفلون بها سنويًا لتمجيد شهداء الكنيسة فى كافة العصور.
وأمام الكاتدرائية انتشرت الخدمات الأمنية حيث وضعت الحواجز الحديدية، وأغلقت الكنيسة البطرسية بابها المطل على شارع رمسيس واكتفت بباب داخلى فى الكاتدرائية، حيث عملت الكشافة الكنسية على تفتيش الحاضرين والاطلاع على الهويات مع منع دخول الحقائب الكبيرة والسيارات إلى الداخل.
فى صلوات القداس الإلهى ذكر كاهن الكنيسة أسماء شهداء الكنيسة البطرسية على المذبح للتأكيد على فداءهم وتضحيتهم من أجل المسيحية، وألقى عظة أكد فيها على عظمة الاستشهاد وما قدمه القديسان بطرس وبولس من تضحيات أدت إلى انتشار المسيحية فى العالم كله.
وفى النهاية، أفسحت الكشافة الطريق للمصلين للتناول من الأسرار المقدسة "جسد المسيح ودمه" حيث وضعت النساء على رؤوسهن الايشاربات الصغيرة فلا يمكن إتمام طقس التناول دون طهارة واحتشام.
عن عيد النيروز قال الأنبا دانيال رئيس دير الأنبا: إن "الكنيسة تودع الشهداء وتستقبل السنة الجديدة، ونذكر اليوم عرس قانا الجليل فى الإنجيل ونتكلم عن التوبة فى عيد النيروز، فمنذ ميلاد المسيح والدم يملأ الكنيسة، حيث قتل هيرودس فى عام ميلاده الآلاف الأطفال فى بيت لحم"، مضيفا "كنيستنا قامت على الدم، حيث مر عليها 10 أباطرة من الرومان، كل منهم كان يسأل عن فظائع العذاب التى فعلها من سبقه ليزيد عليها وينزل بالمسيحيين الويل والآلام".
وأوضح أن دم الشهداء بذرة الإيمان، فكلما استشهد أحدهم آمنت مدينة كاملة ودخل فى المسيحية الآلاف، وفى هذه الليلة نزف الشهداء ونرفعهم إلى السماء.
أما الدكتور مينا بديع عبد الملك عضو المجمع العلمى والمختص بالتاريخ القبطى، فأشار إلى أن الاحتفال بعيد النيروز بدأ منذ عام 284م، وهو العام الذى تولى فيه الحاكم الرومانى دقلديانوس الحكم، وبدأ معه عصر الاستشهاد المسيحى حيث قتل فى عهده آلاف المسيحيين الذين رفضوا العودة للوثنية، خاصة فى مدينة الإسكندرية التى قتل فيها 30 ألف شهيد فى يوم واحد وفى الصعيد أيضًا، كذلك فإن العيد هو رأس السنة المصرية القديمة.
وأضاف بديع، لـ"انفراد"، أن دلالة توزيع البلح الأحمر والجوافة فى الكنائس فى هذا العيد، أن اللون الأحمر بالبلح يرمز إلى دماء الشهداء الذين استشهدوا بعد تمسكهم بالعقيدة أمام الإمبراطور الرومانى دقلديانوس، أما اللون الأبيض داخله فرمز لقلب الشهيد النقى، وكذلك الجوافة التى يرمز قلبها الأبيض إلى النقاء والصفاء الداخلى.
وتؤكد المراجع القبطية، أن كلمة "نيروز" لها أصل قبطى من الكلمة "نى – يارؤؤ"، والتى تعنى الأنهار، وذلك لأن فى شهر 9 كان يأتى فيضان النيل الذى كان من ضمن أسباب الحياة لمصر، ولها أيضًا أصل من اللغة الفارسية، وتعنى "اليوم الجديد"، وكان المصريون فى أيام الفراعنة يحتفلون بعيد النيروز، لمدة سبعة أيام متواصلة.