علقت صحيفة "الجارديان" البريطانية على مرور عام على تحركات الجيش بهدف الانقلاب ضد نظام الرئيس التركى رجب طيب إردوغان، وقالت إنه بعد عام لا يزال هناك ما يقرب من 50 ألف شخص محبوس احتياطيا أو خرج بكفالة، كما تم التحقيق مع 170 ألف مشتبه به بسبب صلتهم بجماعات يعتقد النظام إنها مدبرة للانقلاب.
ووصفت الصحيفة تركيا بأنها دولة مقسمة أكثر من أى وقت مضى، لاسيما مع التضييق على وسائل إعلامها، وتخويف معارضتها، وقوة الرئيس التركى إردوغان التى أصبحت تنافس الآن تلك الخاصة بمؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك.
ولفتت "الجارديان" إلى أن انتصار إردوغان المحدود فى استفتاء أبريل على الدستور أدى إلى تحويل تركيا من نظام ديمقراطى برلمانى إلى نظام رئاسى، ليوسع بذلك سلطة الرئيس على السلطة القضائية والسماح له بالترشح لدورتين انتخابيتين أخريين، الأمر الذى يمكنه من قيادة البلاد حتى عام 2029.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستفتاء أظهر الانقسامات العميقة فى مجتمع بات يشوبه الاستقطاب بشكل متزايد بالتوازى مع خطوطه التقليدية العلمانية، وتنامى مد الإسلامية والعرق فضلًا عن الاختلافات الطبقية. وأوضحت أن هناك خط واضح بين هؤلاء الذين ينظرون إلى إردوغان باعتباره بطلا للمستضعفين ورجلًا قويًا على الساحة العالمية وبين هؤلاء الذين يرونه يتراجع عن الديمقراطية ويعيد تشكيل الدولة فى صورته هو.
وحتى مع مثل هذه النتيجة الوثيقة، كان إردوغان قد استحوذ على المعارضة التى تنقسم أيضًا، وعلى الرغم من مئات الآلاف الذين تحولوا لدعم مسيرة للعدالة الأسبوع الماضى - لا يزال يواجه مهمة شاقة في تحدى سلطته بالانتخابات الرئاسية بعد عامين من الآن.
ومع ذلك، استطاع إردوغان أن يتغلب على المعارضة التى تتسم هى أيضا بالانقسام، فعلى الرغم من مشاركة مئات الآلاف فى مسيرة "العدالة" الأسبوع الماضى، إلا أن المعارضة لا تزال أمامها مهمة شاقة تتمثل فى تحدى سلطته فى الانتخابات الرئاسية بعد عامين.
ولا تزال تفاصيل الأدلة ضد فتح الله جولن، الحليف السابق للرئيس الذى يعتقد بشكل كبير أن حركته كانت وراء الانقلاب مخفية عن الرأى العام.
وفصلت الحكومة عشرات الآلاف من الموظفين العموميين، ولم تبدأ اللجنة المكلفة بالنظر فى الطعون بعد عملها بعد عام تقريبا، وقد سجن الآلاف من الأشخاص فى الأشهر التى أعقبت الانقلاب دون توجيه اتهامات رسمية، بما فى ذلك مئات القضاة، وفى الأسبوع الماضى فقط اعتقلت السلطات مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان من بينهم مسئولين كبار بمنظمة العفو الدولية فى تركيا.
وقال سليل شيتى الأمين العام للمنظمة لصحيفة "الجارديان": "فى الواقع، إذا كان هناك أى شخص ما زال لديه شك حول القمع بعد محاولة الانقلاب، فلا ينبغى أن يكون هناك الآن". وأضاف "لا يوجد مجتمع مدنى ولا انتقاد ولا مساءلة فى تركيا".
وقد اتسعت شبكة الاعتقالات لتشمل العديد من الصحفيين، وقد حكم على كبار مشرعى المعارضة، بمن فيهم الرئيس الكاريزمى للحزب الديمقراطي الشعبى المؤيد للأكراد، بتهمة الانتماء إلى منظمات إرهابية، كما تعرض كوادر الحزب فى جميع أنحاء البلاد للمضايقة والاحتجاز بشكل متكرر.