«انزل البلد أبوك لقى تمثال».. هذه الرسالة لم تترك هاتفًا محمولًا إلا وذهبت إليه، فى محاولات مستمرة من النصابين لاستدراج ضحاياهم، وبالرغم من علم مستقبل الرسالة بأنها مجرد عملية نصب، فإن البعض وقع ضحية لها.
هذه الرسالة القصيرة كانت بمثابة «الطُعم» لرجل أعمال خليجى، حيث تحرك قلبه فرحًا بهذه الرسالة بمجرد استقبالها على هاتفه المصرى، وبادر بالاتصال بمصدر الرسالة، وأكد له رغبته فى شراء التمثال، ليتفق الطرفان على مكان التسليم والتسلم بمحافظة الفيوم.
لم يتخيل رجل الأعمال الخليجى لحظة أنه وقع فريسة لـ«نصابين»، فلم يشغله سوى الحصول على التمثال الأثرى الذى أسرف صاحبه فى وصفه، بأنه يرجع للعصر الفرعونى، ومن التماثيل النادرة، وربما يكون رقم 8 بعد عجائب الدنيا السبع.
وفى إحدى المناطق النائية بمحافظة الفيوم، فوجئ رجل الأعمال الخليجى بمجموعة من الشباب يحاصرونه بالسلاح، وأجبروه على التحرك معهم بهدوء، دون أن ينطق بحرف واحد، حتى لا يكون مصيره الموت، فقرر الرجل الالتزام بتعليماتهم حفاظًا على حياته، وما أن وصل لمنزلهم حتى طالبوا منه الاتصال بأسرته فى الخليج، وطلب فدية منهم لإطلاق سراحه.
سارعت أسرة رجل الأعمال الخليجى بالاتصال بسفارتها فى القاهرة، والتى بدورها أبلغت الشرطة، حيث وجه اللواء ناصر العبد، مساعد وزير الداخلية لوسط الصعيد، بتشكيل فريق بحث قاده اللواء خالد شلبى، مدير أمن الفيوم، وتتبعوا الهاتف المحمول لرجل الأعمال المختطف، والذى صدرت منه المكالمات، وحددوا المكان الجغرافى الموجود به، وتحركت مأمورية أمنية شارك فيها اللواء حسام فوزى، مدير المباحث، ضبطت المتهمين، وحررت الضحية من خاطفيها.
اللافت فى الأمر أن المتهمين جميعهم أقارب ما بين أشقاء، وزوجة تدعم زوجها فى الجريمة، وأم تحفزهم على نشاطهم، فالهدف والغاية واحدة، هى الحصول على المال بأى طريقة، وارتكاب جرائم الخطف لسهولتها، وما تحققه من أموال طائلة.
العائلة الخاطفة قالوا أمام رجال الأمن: لم نقصد رجل الأعمال الخليجى تحديدًا، إنما أرسلنا الرسالة بطريقة عشوائية لعدة أرقام، فلم يتجاوب معنا سوى الرجل الخليجى، «أصلى المصريين تعودوا خلاص، وما حدش يقدر يضحك عليهم»، وهو الذى سلمنا نفسه بنفسه، وكبلناه بسلاسل حديدية حتى لا يهرب.
كواليس الواقعة بدأت بتلقى أجهزة الأمن بلاغًا من إحدى السفارات العربية بالقاهرة باحتجاز أحد رعاياها فى نطاق محافظة الفيوم، ويدعى «على. م»، بناء على آخر اتصال منه بأسرته بالخليج من رقم هاتفه بمصر، وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث توصل إلى أن وراء ارتكاب الواقعة «بدوى. ع»، 31 سنة، وشقيقه «سيد»، 16 سنة، وعمهما «أحمد.ع»، 34 سنة، عامل، ووالدة الأول والثانى «قمرة. ش»، 50 سنة، ربة منزل، وزوجة الأول «راوية.ع»، 23 سنة، ربة منزل، وجميعهم يقيمون بقرية كفور النيل بمركز الفيوم، فتم ضبطهم بمنزلهم، وتبين أن المجنى عليه مقيد بسلاسل حديد بإحدى غرف المنزل، واعترف المتهمون باستيلائهم على الهاتف الخلوى للضحية، وساعته، وخاتم فضة كان يرتديه، وألف دولار، ثم أجبروه على الاتصال بأسرته وطلب فدية 15 ألف دولار، وتم ضبط متعلقات المجنى عليه، و3 تماثيل مقلدة، وتحرر المحضر رقم 5173 لسنة 2017.