لماذا يموت المصريون؟.. سؤال إذا خطر على ذهنك ستبادر على الفور بالبحث عن أسباب الوفيات التى يصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء المعنى بالإحصاءات فى مصر. ولكن الإجابة التى ستحصل عليها ستجعلك أكثر رغبة فى طرح المزيد من التساؤلات.
بيانات أسباب الوفيات الصادرة عن الجهاز تكشف عن أن 47.9% من عدد الوفيات عام 2015 بسبب أمراض الجهاز الدورى، التى تعنى الأمراض المتعلقة بالقلب والدورة الدموية وأبرزها الهبوط الحاد بالدورة الدموية. فهل حقًا يموت نصف المصريين بالهبوط الحاد فى الدورة الدموية؟
مكان صورة أسباب الوفيات بالترتيب من النشرة السنوية لإحصاءات المواليد والوفيات لعام 2015 – جهاز الإحصاء
العشوائية التى يعانيها تسجيل أسباب الوفاة بشهادات الوفيات فى مصر كان شاهدا عليها الحادث الإرهابى الأخير بالمنيا الذى أسفر عن مقتل حوالى 28 شخصًا رميا بالرصاص، حيث فوجئ أهالى بعض المتوفين فى الحادث كتابة أسباب أخرى بخلاف "مقذوف نارى" فى شهادات الوفاة، وهو ما أدى لمشكلة كبيرة انتهت بتصحيح الخطأ من قبل مديرية صحة المنيا وإحالة بعض الموظفين للتحقيق.
وربما يكون هذا الخطأ قد ظهر جليًا هذه المرة مع ضخامة الحادث الإرهابى الذى لاقى تركيزًا إعلاميًا، ولكن أخطاء شهادات الوفاة هى أمر واقع لا ينكره المسئولون ويبدو أن هناك خطة لإصلاحه.
الدكتور عمرو قنديل رئيس قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة قال أنه تم بالفعل عمل نظام جديد لتسجيل الوفيات وفق الأسباب الحقيقية للوفاة، مشيرًا الى أن تسجيل الوفيات كان يتم فى السابق بطريقة عشوائية.
وقال رئيس قطاع الطب الوقائى فى تصريحات لـ"انفراد" إنه تمت ميكنة عمليات استخراج شهادات الوفيات حتى لا يتم التلاعب فيها، لافتًا إلى أن شهادات الوفاة أصبحت الآن تصدر بالسبب الحقيقى ومن خلال الحاسب الآلى طبقًا لتوجيهات وزير الصحة، حتى يكون لدينا صورة حقيقية عن أسباب الوفاة وبالتالى التعرف على خريطة إصابات المصريين بالأمراض.
وأضاف أن التعرف على السبب الحقيقى للوفاة يمكن صانع القرار من معرفة طبيعة الأمراض وتوفير العلاج لها ومكافحتها من الأساس، مؤكدًا أنه خلال عام من الآن سيكون لدينا خريطة حقيقية بأسباب وفاة المصريين ما يمكننا من الكشف المبكر عن الأمراض.
من جانبها قالت الدكتورة علا خير الله رئيس وحدة الأمراض غير المعدية بوزارة الصحة، إن أمراض القلب والأوعية الدموية هى السبب الأول للوفيات طبقًا لأحدث بيانات مركز معلومات الصحة من واقع شهادات الوفيات بنسبة تصل إلى 39% من إجمالى حالات الوفيات، وهو ما يرجع لقيام العديد من الأطباء بكتابة سبب الوفاة "هبوط حاد فى الدورة الدموية" حتى وإن كان سبب الوفاة الأساسى هو حادث أو الإصابة بطلقات، وهو ما ظهر فى مشكلة وفيات حادث المنيا.
وأوضحت خير الله فى تصريحات لـ"انفراد"، أن هذا السبب ليس خاطئا لكن السبب الرئيسى للوفاة هو الحادث الذى انتهى لتعرض المواطن لهبوط حاد فى الدورة الدموية أدى لوفاته.
وأشارت خير الله إلى أنه يجرى حاليًا عمل منظومة جديدة لتسجيل الوفيات إلكترونيًا تتضمن كتابة السبب المباشر للوفاة يتم اختيارها من قائمة تضم التصنيف الدولى للأمراض المتوافق عليها عالميًا والتى تضم أكثر من 10 آلاف مرض، وهذه القائمة تسهل عمل المقارنات الدولية باعتبارها موحدة بين دول العالم.
وما إذا كان هذا النظام يمكن أن يكون بداية لوضع خريطة أمراض بمصر، أوضحت خير الله أنه يمكن بالفعل أن يكون بداية لكنه لا يكفى، لأن خريطة الأمراض تتطلب وجود نظام علاج لكل مواطن يمكن من وضع إحصائيات بالأمراض المختلفة، وعندما يكون هناك حصر حقيقى يسهل استهداف المرض.
وقال المهندس محمود جلال مدير المشروعات بوزارة التخطيط والتنمية الإدارية فى عرضه لأبرز مشروعات الوزارة الإلكترونية خلال ندوة عقدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية مؤخرًا، إن هناك نظاما جديدا لتسجيل الوفيات تم تدريب الأطباء عليه، فلن يتم تسجيل الوفيات إلا بعد كتابة سبب الوفاة طبقًا للتصنيف الدولى للأمراض، حتى لا تكون كل البيانات المسجلة عن أسباب الوفيات "هبوط حاد في الدورة الدموية"، وهو ما يمكن أن يوضح أعداد الوفيات بالأمراض المختلفة مثل فيروس سى على سبيل المثال، ويسهل عملية التوجه نحو علاج الأمراض المختلفة طبقًا لمناطق تركز الإصابات.