"إن المحادثة معها مرت بسرعة، لأن الحديث معها يجعلك تشعر بالراحة والتشويق فـ سيفتلانا أليكسيفيتش بعمرها الذي يبلغ 69 عاما، لديها آلاف الساعات من أشرطة التسجيلات المسجلة فى أراضى الاتحاد السوفيتى السابق، فقد تمكنت من جمع قصص الناس العاديين وقدمتها فى كتب أنيقة".. كان هذا تعليق صحيفة الجارديان البريطانية على الحوار الذى أجرته مع الكاتبة البيلاروسية العالمية سفيتلانا أليكسيفيتش، الحاصلة على جائزة نوبل فى الآداب 2015.
تقول الصحيفة " تعمل سيفتلانا ألكسيفيتش، حاليا، على موضوعات تتعلق بالمعتقدات السياسية، وتصف المعارضة الليبرالية بالمحاصرة، ورآها البعض ضمير الأمة لأنها تناقش دائما خيبة الأمل والتعقيدات التى أصابت الجميع فى حالة ما بعد الاتحاد السوفيتى.
وأوضحت الجارديان، أنها عندما التقت بألكسيفيتش، فى الطابق السفلى بأحد المقاهى فى مدينتها فى مينسك، أخبرتهم بأنها عادت من جولة كتابية فى كوريا الجنوبية، كما أنها على وشك الشروع فى رحلة إلى موسكو، مضيفة أنها تريد أن تبتعد وتبدأ الكتابة بشكل صحيح مرة أخرى.
وافقت سيفتلانا ألكسيفيتش، بصعوبة، أن يدور الحديث على كتابتها المهم "الوجه غير الأنثوى للحرب"، الذى أعيد نشره فى ترجمة إنجليزية جديدة هذا الشهر، فقد كتبت هذا الكتاب فى أوائل الثمانينيات وظلت سنوات عديدة، لم تتمكن من العثور على ناشر، لافتة إلى أنها منذ فوزها بجائزة نوبل، وجد عملها جمهورا دوليا جديدا، مما يعطيها فترة شهرة ثانية بعد 30 عاما من أول ظهور لها.
وكان مصدر الإلهام الأصلى لكتاب "الوجه غير الأنثوى للحرب" مقال ألكسيفيتش فى صحافة مينسك المحلية خلال عام 1970، عندما تحدثت عن قناص قتل 75 شخصا خلال الحرب، بعد تلك المقابلة الأولى، بدأت فى البحث عن المحاربين القدامى فى جميع أنحاء الاتحاد السوفياتى، فهناك مليون امرأة سوفيتية خدمن فى الجبهة، لكنهن غبن عن السرد الرسمى للحرب.
وقبل كتابها، كانت الشخصية النسائية الوحيدة فى أدب الحرب لدينا هى الممرضة كما تقول، ولهذا قدمت كتابا عن النساء فى زمن الحرب بروسيا اللاتى غرقن فى قذارة الحرب بعمق مثل الرجال.
وتابعت ألكسيفيش، أن الكتابة عن النساء فى زمن الحرب استغرق وقتا طويلا، لأن أغلبيتهن شعرن بالإحراج إزاء حقيقة ذكرياتهن الحربية، مضيفة أنهن توصلن معها بكتابة ذكرياتهن بشكل مختلف أكثر بطولى وذلك بعد مقابلة صريحة مع امرأة عملت كمساعد طبى لكتيبة دبابات.
ولفتت ألكسيفيش، إلى أن الكتاب تطرق إلى مواضيع كانت محرمة خلال الفترة السوفيتية، ولا تزال محرمة حتى الآن فى زمن "بوتين" منها تاريخ الإعدامات التى تعرض لها الفارين من نار الحرب، مضيفة أن بوتين حول الانتصار العسكرى إلى "شيء مقدس" وصل به إلى ما يشبه التقديس الدينى، كما أنه لا يقبل أي نقد لتاريخ الحرب.
وذكرت ألكسيفيش، أن كتابها ملىء بقصص الشجاعة والعبء الهائل الذى سقط على أكتاف هؤلاء النساء، كما أن هذا الكتاب أقوى دليل على الثمن غير الطبيعى الذى دفعه الشعب السوفياتى لهزيمة ألمانيا النازية.
وتابعت الكاتبة الحاصلة على جائزة نوبل، أن كتابها تناول الكارثة النووية فى تشيرنوبيل والتوغل السوفيتى فى أفغناستان، متابعة أنه لا أحد كان يعتقد أن الاتحاد السوفياتى سوف ينهار، وكانت صدمة للجميع، وكان على الجميع التكيف مع واقع جديد ومؤلم حل تقريبا بين عشية وضحاها.
ولا تزال كتب ألكسيفيتش مجتمعة هى الوثيقة الوحيدة الأكثر إثارة للإعجاب فى الاتحاد السوفيتى، فأصبحت ناقدة قاسية لألكسندر لوكاشينكو الرئيس الاستبدادى لبيلاروسيا المستقلة حديثا، كما أنها غادرت البلاد "احتجاجا"، وقضت 11 عاما تعيش فى المنفى فى مختلف البلدان الأوروبية، وعادت قبل بضع سنوات فقط.
وأكدت الكاتبة الحاصلة على جائزة نوبل فى الأدب، بأن لديها اثنين من المشاريع الجديدة التى تريد أن تنتهى منها واحد عن الحب، وكتابها الثانى عن الشيخوخة لأنه من أكثر الأشياء التى تفكر فيها عندما تقترب من عيد ميلادها السبعين.