لم يكن يتوقع أحد أن فرنسا، تلك الدولة الأوروبية المعروفة بتاريخها وحداثتها، يمكن أن تكون ملاذا لسياسيين فاسدين يمكن أن يستغلوا الثغرات القانونية لتحقيق مكاسب شخصية، ولكن كشفت حملة انتخابات الرئاسة الأخيرة عن مفاجئات كبرى إذ تبين تورط أبرز المرشحين على كرسى الرئاسة فى فضائح سياسية كانت سببًا فى خسارتهم.
وبعد أن كان المرشح المفضل للفرنسيين، فرانسوا فيون، الأقرب حظا إلى الإليزيه، تسبب الكشف عن منحه "وظيفة وهمية" لزوجته بشكل غير قانونى فى البرلمان فى خسارته شعبيته وحملته الانتخابية.
ولم تكن مارين لوبان، مرشحة اليمين المتطرف أو زعيم اليسار الراديكالى جون لوك ميلانشون، أفضل حالا، فطالتهما كذلك اتهامات الفساد، لينتهى الأمر بفوز الوجه الجديد على عالم السياسة الفرنسى، إيمانويل ماكرون.
وبعد عدة أشهر من الملاحقات القضائية، ومحاولات باريس لمجابهة الفساد، أكدالبرلمان الفرنسىرفضه لتعيين النواب وأعضاء الجمعية الوطنية لأسرهم والمقربين لهم كمساعدين، فلم يعد مسموحًا لمن يشتغلون بالسياسة فى فرنسا توظيف أزواجهم أو زوجاتهم أو أولادهم للعمل بأجر كمساعدين لهم وذلك بموجب قانون جديد فى أعقاب فضيحة كان طرفاها رئيس الوزراء السابقفرانسوا فيونوزوجته.
ومن المقرر أن يطبق هذا القانون - وهو أول قانون يعتمد منذ انتخاب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى مايو الماضى - على الوزراء وأعضاء البرلمان ليضع فرنسا فى مصاف دول مثل ألمانيا ويضع نهاية لهذه الممارسة العائلية الشائعة. وجرى التصويت على المواد الرئيسية لهذا القانون داخل البرلمان الفرنسى مساء الأربعاء وأمس الخميس.
وكان ماكرون (39 عاما) المنتمى لتيار الوسط تعهد خلال حملته الانتخابية بوضع نهاية لمثل هذه الممارسات التى هزت ثقة الناخبين فى الساسة.
وكان فيون أحد المنافسين بشدة لماكرون خلال السباق الرئاسى لكن فضيحة تضمنت مدفوعات لزوجته البريطانية كانت سببًا فى إسقاط حملته.
ويستعين سدس أعضاء البرلمان تقريبا بأفراد من عائلاتهم يحصلون على رواتب كمساعدين لهم.
ويشار إلى أن فى طليعة الملاحقين بلعنة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، جاء اسمجون لوك ميلانشون، زعيم حزب اليسار الفرنسى، والذى بدأت جهات التحقيق أمس فتح ملفه مع "الوظائف الوهمية"، وقالت مصادر قضائية بحسب تقارير نشرت الأسبوع الماضى، إن إحدى قيادات حزب الجبهة الوطنية اليمينى المتطرف تقدمت ببلاغًا يتهم "ميلانشون" بتعيين مقربين منه فى منصب مساعد فى البرلمان الأوروبى.
وقالت قناة "فرانس 24" الفرنسية، إن القضاء الفرنسى وسع تحقيقاته فى قضية الوظائف الوهمية لمساعدين فى البرلمان الأوروبى، ليشمل ميلانشون بعدما تقدمت ببلاغ ضده صوفى مونتيل النائبة الأوروبية عن اليمين الفرنسى المتطرف.
وكانت "مونتيل" القيادية فى حزب الجبهة الوطنية تقدمت ببلاغ سابق فى هذه القضية أمام النيابة العامة فى باريس التى فتحت على الفور فى 22 مارس تحقيقًا أوليًا بتهمة "إساءة أمانة" بحق حوالى 20 نائبا فى البرلمان الأوروبى من جميع الانتماءات والأطياف السياسية، وفى 27 يونيو الماضى تقدمت مونتيل ببلاغ ثان ضد ميلانشون تحديدًا.
ومن جهة أخرى، كانتمارين لوبان أيضًا من أبرز المتهمين بتوظيف مقربين لها ودفع راتبهم من أموال الاتحاد الاوروبى، إذ إنها عينت حارسها الشخصى بوظيفة مساعد لها.
ومن جهته ذكر مصدر قضائى، أن القضاء الفرنسى طلب فى نهاية مارس من البرلمان الأوروبى رفع الحصانة عن المرشحة اليمينية المتطرفة الخاسرة فى الانتخابات الرئاسية مارين لوبان التى يستهدفها تحقيق بشأن وظائف وهمية لمساعدين برلمانيين لحزبها، الجبهة الوطنية.