نقلا عن العدد اليومى...
نظرة على خارطة منطقة الشرق الأوسط، تكشف سمات الصراع وتبدو سوريا نقطة ساخنة قابلة للاشتعال والامتداد إلى اتجاهات مختلفة بما لها من خلفيات مذهبية وطائفية بعد سنوات من الدعم غير المباشر لتنظيمات مسلحة هى نفسها تبدو أحيانا خارج سيطرة الممولين. وقد يتطور الصراع غير المباشر ليصبح مباشرا، ومن سوريا إلى اليمن، حيث السعودية وحلفاؤها بمواجهة غير مباشرة مع إيران والحوثيين وقوات الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح، ويمتد الصراع إلى العراق، الحرس الثورى الإيرانى فى العراق على الحدود السعودية يشكل تهديداً للسعودية ولبلدان الخليج العربى.
وترتبط الكثير من الأوضاع الحالية بما يجرى من تطورات على الأرض فى سوريا، حيث إن تركيا تسعى لوقف أى تطور كردى على الأرض السورية، وبالرغم من أن الأكراد يتصدون لتنظيم داعش، فإن تركيا تعتبر الأكراد أخطر عليها من داعش ليس فقط لما أثير حول علاقات تربط الرئيس التركى أردوغان بالتنظيمات الإرهابية فى سوريا والعراق، لكن لأن أردوغان يعتبر أى تحرك كردى تجاه دولة فى العراق وسوريا يمكن أن يؤثر على تركيا.
تركيا تواجه تحديات مختلفة على الأرض السورية، وبالرغم من أنها واصلت عملياتها كلاعب رئيسى، فإن التدخل الروسى أربك كثيرا الحسابات التركية، بالشكل الذى كاد يؤدى إلى صدام عسكرى بلغ أشده بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية بزعم اختراقها للأجواء التركية.
تركيا الآن طرف لكونها تريد إقناع حلف الناتو بأنها تعمل لصالح الحلف، بينما بدا لدى المحللين أو حتى أجهزة الأمن القومى الأوروبية، أن أردوغان يلعب فرديا ويسعى لحماية مصالحه. وبدا أن هناك اتجاها للابتعاد عنه وعدم دعمه ربما لهذا أخرج أردوغان ورقة اللاجئين السوريين ليهدد بها الغرب مرة أخرى.
تركيا لعبت من قبل بورقة اللاجئين، وهى التى أثارت حوادث الغرق الآن وتلوح تركيا بورقة اللاجئين وتسعى لاستغلال الجدل الحاصل فى أوروبا تجاه اللاجئين وتدفع نحو مزيد من التوتر، خاصة وأن هناك تيار واسع فى أوروبا يرفض استقبال لاجئين جدد بل ويدفع لتهجيرهم، وبالتالى فإن أردوغان الآن يلعب لعبة اللاجئين للضغط من جديد على أوروبا لدفعها نحو موقف داعم ومواجه لروسيا، التى كانت تتدخل لمواجهة داعش، وأدى تدخلها إلى كشف العديد من أوراق الصراع السورى.
المنطقة تدخل إلى سياقات توتر وهناك دول فى المنطقة تدعم تدخلا آخر فى سوريا، وهو أمر محفوف بالمخاطر، فقد أغرت تركيا البعض بالدخول فى حرب ربما تتجاوز مواجهة داعش إلى حرب إقليمية تتسع وتضيق لكنها بالطبع حال اشتعالها سوف تكون تهديدا مباشرا لكل المنطقة، فهل هناك من يدرك هذه التحولات، أم أن الجميع ينشغل فقط بمراقبة الأحداث من السطح.
وكما أشرنا، هناك تفاصيل وتقاطعات لابد أنها تؤثر عليا مباشرة ومن دون أى استدعاءات للتوازن والنظريات السياسية لنمو الصراعات. روسيا وأمريكا وأوروبا، وانخفاض سعر النفط وتأثيره و الصراعات الدائرة فى سوريا والعراق وعودة إيران. والنقاط الملتهبة فى ليبيا والخرائط الإقليمية تعيد تشكيل الوضع بأشكال جديدة.