فى صباح الثلاثاء 1 أغسطس الجارى، أعلن التليفزيون الرسمى الإيرانى مشاركة، أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، فى مراسم تنصيب حسن روحانى رئيسا لإيران لولاية ثانية، نقلا عن برويز إسماعيلى، مدير العلاقات فى مكتب الرئيس الإيرانى، الذى قال "إن 8 زعماء دول و19 من رؤساء البرلمانات سيشاركون فى مراسم تنصيب حسن روحانى بينهم أمير قطر".
إلى هنا كان الخبر عاديا، إذ كان من المتوقع أن يذهب الأمير تميم بالفعل إلى طهران لحضور مراسم حفل أداء اليمين الدستورية لرئيس الدولة التى تؤازره فى سجاله ضد أشقائه فى محيطيه الخليجى والعربى، وما عزز من رواية التلفزيون الإيرانى الرسمى ما صرح به رئيس الوزراء القطرى الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثانى، الذى قال "إن بلاده ستشارك بوفد رفيع المستوى فى حفل تنصيب الرئيس الإيرانى".
وفُهم من عبارة "رفيع المستوى" أنها بمثابة تأكيد من الجانب القطرى على الرواية الإيرانية، وبالفعل تابع المراقبون حضور الحفل الذى تم صباح السبت فى مجلس الشورى الإيرانى (البرلمان)، وتطلعوا إلى الحضرو فلم يجدوا من بينهم الأمير القطرى، وهنا استدعى المشهد إلى الأذهان علامة استفهام بعد سؤال من ست كلمات: لماذا لم يذهب تميم إلى طهران؟!
تتلخص الإجابة عن هذا السؤال فى 3 عوامل جوهرية يمكن حصرها فيما يلى:
أولا: سياسة الوقوف فى المنتصف
لعب أمير الإرهاب تميم، على خط وسط فى علاقاته بأعدائه الخليجيين والعرب، فلا هو رفض مشاركة بلاده فى الحدث الطهرانى ولا هو ذهب بنفسه، ويشير ذهاب رئيس الوزراء القطرى على رأس وفد رفيع المستوى إلى هذا المنحى فى التفكير التميمى.
وهو ما يشير إلى أن تميم، لا يريد تعميق الأزمة على هذا النحو الفج من دون خط رجعة، وبعبارة أخرى يريد تميم القول: "علاقتى قوية بالإيرانيين لكنها ليست قوية للدرجة التى تجعلنى أستقل الطائرة وأعبر الخليج للمرة الأولى إلى إيران بعد أربعة أعوام فى الحكم من أجل حضور حفل أداء يمين دستورية رئاسية، وإذا كان من الضرورى أن أذهب فيجب أن أذهب فى ظرف آخر تكون البلاد فيه مهيأة لاستقبالى بما يتناسب مع طموحى ورغبتى فى لعب دور أكبر من حجمى على الخريطة".
ثانيا: استخدام إيران كأداة ضاغطة
أثبت تميم بن حمد آل ثانى من خلال عدم ذهابه إلى طهران، أنه يستغل إيران باعتبارها ورقة ضغط نموذجية على الدول العربية، وأن إيران بالنسبة له فى هذه المعادلة بمثابة "الحمار الذى يوصل الفلاح إلى الحقل"، فهو لا يبتغى من إيران علاقات على المستوى الاستراتيجى بل يستخدمها لتحقيق الأهداف بعيدة المدى من خلال اللعب على كل التناقضات فى الإقليم.
مع الأخذ فى الحسبان التاقض الظاهر بين المشروع الإيرانى التوسعى والمشروع العربى الدفاعى، وعليه اتضح أن إيران ليست أكثر من ورقة ضغط يستخدمها الأمير لزيادة حجمه سياسيا فى محيطه العربى وأنها مجرد سوقا بديلة للبضائع الواردة خليجيا.
ثالثا: مراعاة البعد التركى فى الأزمة
راعى أمير الإرهاب تميم، البعد التركى فى الأزمة اقتناعا منه بأن الجانب التركى لا يقبل بدور متزايد ومتنامى لإيران فى دولة سنية تنضوى تحت لواء المشروع العثمانى الكبير، والدليل على ذلك مبادرة تركيا ومسارعة الرئيس التركى بإقرار إرسال قوات تركية فورًا إلى الدوحة بعد ساعات قليلة من اندلاع الأزمة.
يدرك تميم، أن إيران لا تقبل فى إستراتيجتها الكبرى بوجود قوات غير خليجية على إحدى ضفتى الخليج العربى، ومعنى وجود قوات تركية بهذا الحجم أن إيران لم تعد اللاعب الرئيس فى الأزمة بل تركيا، فضلا عن أن هذا يهدد النفوذ الإيرانى ويصيبه فى مقتل، مع إدراك إيران أن أنقرة سارعت إلى الانخراط فى الدوحة خوفا من تحول العاصمة القطرية إلى عاصمة نفوذ شيعية خامسة على غرار صنعاء ودمشق وبيروت وبغداد.
ووفقا لهذا التصور استهدف تميم عدم تجاوز الخطوط التركية الحمراء فى علاقاته بالإيرانيين، وأحجم عن مجاملة رئيس الدولة التى توفر له الملاذ الجوى والبضائع الشيرازية والأصفهانية الفاخرة.