نقلا عن العدد اليومى...
تعتبر لغة الإشارة أهم وسائل الاتصال بين الصم وضعاف السمع وبين العالم الخارجى، حيث يمكن عن طريقها تحويل الحروف والجمل إلى مجموعة من الحركات من خلال اليد يتم بها التواصل مع الآخرين، وهو ما يتطلب ضرورة الإلمام بها وبقواعدها، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمعلمين داخل مدارس الصم والبكم التى يعانى طلابها من ندرة المعلمين الذين يمتلكون هذه المهارة، وهو ما كشفه عدد من أولياء الأمور لـ«انفراد» الذين يضطرون إلى تعلم لغة الإشارة لشرح المواد الدراسية أو خوض رحلة البحث عن مدرس يملك قواعد هذه اللغة، وهو الأمر الذى يمثل معاناة كبرى لندرتهم. وقالت مها محروس، إن أكثر من 95% من المعلمين داخل مدارس الصم والبكم لا يعرفون لغة الإشارة، وهو ما يؤدى إلى انعدام التواصل بينهم وبين الطلاب. وأضافت: «بعد إتمام الدراسة الابتدائية داخل المدرسة الأسقفية التى تتبع جمعية النارديين التى كانت تقدم تعليما جيدا لطلبة الصم قمت بنقل أوراق ابنى للقيد بالمرحلة الإعدادية فى إحدى مدارس العباسية لدراسة التعليم الصناعى والفنى التى يقتصر تعليم طلبة الصم عليها دون النظر إلى اعتبارات أخرى مثل الرغبات أو القدرات الدراسية». وتابعت: «بعد التحاقه بهذه المدرسة بدأت الشكوى من عدم قدرته على استيعاب المقررات الدراسية بسبب عدم قيام المعلمين داخل الفصل بالشرح، وهو ما دفعنى إلى التوجه إلى المدرسة للسؤال عن سبب انعدام الشرح داخل الفصول، ففوجئت بأحد المعلمين يقول: «أنا معرفش لغة إشارة والوزارة عارفة كده ورغم ذلك وجدت تعيينى بهذه المدرسة».
وأضافت: «جهل المعلمين بلغة الإشارة داخل المدرسة دفعنى إلى البحث عن معلمين فى مدارس أخرى، ولكننى اكتشفت أنها مشكلة عامة، حيث إن أغلب المدرسين فى مدارس الصم لا يعلمون لغة الإشارة، وللتغلب على تلك الأزمة قمت بتعلم لغة الإشارة لشرح المواد الدراسية أو استقدام بعض المعلمين فى المواد التخصصية ليقوم بالشرح الذى أقوم بنقله عبر لغة الإشارة إلى ابنى».
سناء يوسف، الأم لثلاثة فتيات من الصم والبكم فى المراحل التعليمية المختلفة ما بين الإعدادى والثانوى، قالت: «يعانى طلبة الصم والبكم العديد من الأزمات فى مراحل الدراسة، وتأتى فى مقدمتها معاناة الحصول على معلم يتقن لغة الإشارة».
وأضافت: «بعد تخرج أولادى من مدرسة النارديين والحصول على الشهادة الابتدائية التى كانت تحرص على تقديم كورسات مجانية للأهالى وأولياء أمور الطلاب لتعليمهم لغة الإشارة، بعد ذلك تم تحويل أوراقهم إلى مدرسة أخرى للصم، وهناك وجدت معاناة حقيقية تمثلت فى عدم وجود اهتمام حقيقى بالطلاب داخل المدارس، فلا يوجد شرح داخل الفصول بسبب عدم وجود معلم مؤهل للتعامل مع طلبة الصم والبكم، وهو ما يبرره المعلمون هناك بقولهم: «متخافوش كده كده هاينجحوا».
وقال علاء الدين السيد، مدير مؤسسة صرخة لرعاية الصم والبكم، إن الصم والبكم عانوا من تجاهل الدولة لفترات طويلة، فيكفى القول، إن 12 معلما فقط من أصل 1500 مدرس يعملون فى 105 مدارس للصم يتقنون لغة الإشارة.
وأضاف: ولكن تجب الإشارة إلى أن الدولة انتبهت أخيراً إلى ذلك الخطأ وسعت إلى تصحيح ذلك الوضع من خلال مشروع تدريب المعلمين على تعليم لغة الإشارة الذى سوف يبدأ خلال الشهور المقبلة.
من جانبه قال الدكتور أحمد آدم، مستشار وزير التربية والتعليم للتربية الخاصة: «الوزارة بدأت بالفعل فى مشروع يهدف إلى وضع آليات جديدة فى التعامل مع طلاب الصم والبكم، وذلك على مرحلتين تبدأ المرحلة الأولى من من خلال الاتفاق مع وزارة الاتصالات لوضع أول قاموس إشارة موحد مكون من 2500 كلمة يضم المصطلحات التعليمية لمرحلة التعليم الأساسى، بهدف توحيد لغة الإشارة فى المنهج الدراسى، ونهدف إلى زيادته إلى 10 آلاف كلمة ليشمل عددا أكبر من المراحل التعليمية وذلك بالتزامن مع البدء فى إجراءات المرحلة الثانية، وهى تدريب 60 معلما وتأهيلهم فى الأكاديمية المهنية للمعلمين للعمل كمدربين معتمدين فى لغة الإشارة لتدريب 1500 معلم على مستوى الجمهورية».