علا الشافعى تكتب: "حبوب منع الحلم" فى "وهران".. "السينما القصيرة" تتفوق على "الروائية".. والفيلم السودانى "نيركوك" مفاجأة المهرجان.. والفلسطينى"5 أولاد وعجلة" الأكثر تكاملاً

فى السينما المنسية التى لا نلتفت إليها كثيرا، رغم أنها تحفل بالمواهب الحقيقة.. تماماً مثل القصة القصيرة، فهى فن التكثيف أن تروى حدثاً فى دقائق معدودة، حيث ضمت مسابقة الأفلام القصيرة بالدورة الـ ١٠ لمهرجان وهران للفيلم العربي العديد من الإنتاجات المميزة، والتى تؤكد على تنوع المذاهب والمدارس لشباب سينمائى لا يحلمون سوى بإنجاز فيلمهم الروائى القصير، شباب من مصر والسودان والجزائر والمغرب وموريتانيا والسعودية والبحرين والأردن. وبنظرة مقارنة متأنية بين المسابقتين، الروائية الطويلة والقصيرة، سنجد أن المقارنة تنتصر للسينما القصيرة، رغم أن المسابقة الروائية الطويلة تضم أسماء لها باع فى السينما، وبعضها أسماء قدمت العديد من التجارب.. 10 أفلام ضمتها مسابقة الفيلم الروائى القصير، رصدت مشاكل وهمومًا وقضايا شائكة نعيشها فى الحاضر، والأقسى منها كان بعيون الأطفال والنساء، وهم الضحايا الأوائل للحروب والمنازعات والأوضاع الاجتماعية البائسة، ومعظم الأفلام التى شاركت كانت على مستوى فنى جيد، وهو ما وضع لجنة التحكيم فى مأزق حقيقى عند الاختيار، خصوصا أننا اعتدنا أن نختار بين «أحسن الوحشين»، ولكن هذه المرة كان الاختيار بين الأفضل والأكثر تميزًا. حبوب منع الحلم» هذا الاسم الذى يحمل مفارقة كبرى هو عنوان للفيلم المغربى المتميز، الذى لم يحصل مخرجه المتميز حقًا، عصام دوخو، سوى على شهادة تقدير.. الفيلم يحكى من خلال عيون طفل صغير «أسامة»، مأساة أسرة كاملة، أم تعيش بلا عائل طوال اليوم، منكفئة على ماكينة خياطة، لا يشعر بالمسؤولية تجاهها ابنها الكبير، الذى يصادق ويعمل أحيانًا مع تجار الحشيش، ولكن الصغير الذى لم يتخط عمره الـ12 عامًا هو من يحمل حقيبته يوميًا ليلمع أحذية المارة، ويراقب والدته وشقيقه الذى لا يقدم لهما سوى التذمر، لدرجة أنه يلقى بأكلة العدس على الأرض لأن بها بعض الحصى الذى لم تلتقطه والدته لضعف بصرها، والذى لا يوقفه عن سرقة قروش والدته القليلة سوى عيون شقيقه الصغير، الذى يضبطه فيلقى إليه بقروشه القليلة التى تكسبها وكان يوفرها لشراء نظارة نظر فى محاولة لإنقاذ عيون الأم.. الفيلم يحتفى بلغة الصورة.. ولا توجد جمل حوارية كثيرة، بل اعتمد مخرجه على الحكى بالصورة، وبتوظيف لغة الجسد عند ممثليه. أما الفيلم السودانى «نيركوك»، الذى حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، فهو الفيلم الذى كان مفاجأة حقيقية، وذلك لأن مخرجه، محمد كوردوفانى، قدمّ فيلمًا شديد الاحترافية وببساطة وعمق فى آن واحد، رغم الظروف الصعبة فى السودان، التى لا تلقى بالًا للفن، فما بالك بصناع السينما الروائية القصيرة؟! فيلم «نيركوك» تدور أحداثه فى 19 دقيقة حول الطفل «آدم» الذى فقد أباه إثر غارة جوية، لذلك يصبح مضطرًا للهروب من المدينة ليستطيع البقاء حياً، ويتحول إلى أشهر وأمهر لص شارع بين أقرانه، حيث يتفوق على الكثير من المحتالين، وسرعان ما يتورط فى جريمة قتل أثناء مساعدته لزعيم عصابته الشاب فى سرقة أحد المنازل، فهل سيتحرر «آدم» من مصيره الذى لم يختره؟.. مخرج الفيلم «كوردوفانى» اختار أن يحكى الحرب وما تسببه من دمار من تلك الزاوية المليئة بالإثارة والتشويق، والتى رغم خفة موضوعها فإنك ترى تأثير الحرب بعيون ذلك الطفل الذى كان يعيش حياة طبيعية وفجأة وجد نفسه يحيا حياة لم يختر أيًا من تفاصليها.. «كوردوفانى» يملك حسًا سينمائيًا خالصًا، وقد يكون فى المستقبل القريب أحد أهم الأسماء السودانية والأفريقية فى صناعة السينما إذا أتيحت له الفرصة، لأنه من المخرجين الذين يدركون جيدًا أهمية تقديم فيلم سينمائى ممتع. أما الفيلم المصرى «البنانوة»- ويقصد بها البناءون- الذى حصل مخرجه ناجى إسماعيل محمد على شهادة تقدير، فهو أيضًا فيلم يحمل لغة سينمائية خالصة ويحتفى بفن الصورة، والجمل الحوارية فى الفيلم قليلة جدًا، وتدور أحداثه حول «إبراهيم» و«عبدالنعيم»، العاملين بالبناء واللذين يقتسمان غرفة مع الشاب «صالح»، يتشاجر الصديقان على المال، فيجد «إبراهيم» نفسه يقوم بقتل صديقه، ولا يتردد لحظة فى أن يستغل حرفته فى البناء فى عمل قبر لصديقه داخل الغرفة التى يقطنان بها، لكنه سرعان ما يقع فريسة للوساوس، ودائمًا ما يرى «عبدالنعيم» جالسًا قبالته ينظر إليه. فيلم «البنانوة» رغم مدته الزمنية التى تصل إلى 18 دقيقة، فإنه يحمل مستويين فى السرد، تلك القصة التى نرى أحداثها وقصة أخرى عن القاهرة، تلك المدينة التى تأكل الأرواح وتترك قاطنيها من الفقراء نهبًا لحياة المقابر، هؤلاء الأبطال فى العمل يشيدون المنازل والقصور الفاخرة، ويقطنون هم الجحور، ليس ذلك فقط، بل يشيدون قبورهم داخل مساكنهم، وقد يقتلون بعضهم البعض من أجل لقمة العيش.. «ناجى» مخرج يملك عينًا خاصة، ويستطيع توظيف العناصر الفنية، شريط صوت والموسيقى، وأيضًا لحظات السكون لخدمة الدراما، كما أن ممثليه محمود جمعة وصالح جمعة وخالد الفيشاوى كانوا شديدى التميز، وتفوق من بينهم فاضل الجارحى، الذى يعد واحدًا من أفضل وأهم المخرجين المنفذين ومساعدى الإخراج فى مصر أيضًا. وهناك أفلام أخرى تستحق التوقف عندها، منها الأردنى «الببغاء» وهو إخراج دارين سلام وأمجد الرشيد، وتدور أحداثه حول عائلة يهودية مشرقية من تونس تفر إلى مدينة حيفا عام 1948، لكنهم يجدون فى المنزل الذى تركته أسرة مسيحية ببغاء لا يقوم سوى بسبهم هم وضيوفهم من الإسرائيليين، والفيلم شديد الرهافة. وبالطبع الفيلمان الفائزان بجائزة الوهر الذهبى مناصفة، الفلسطينى «5 أولاد وعجلة»، والفيلم إخراج سعيد زاغة، وهو واحد من أكثر الأفلام التى شاركت تكاملًا، ويحمل متعة كبيرة لمشاهديه، والفيلم الجزائرى «وعدتك» للمخرج الأمازيغى محمد يارقى، وهو فيلم شديد الرقة والنعومة يحاكى «الدانتيلا» فى بنائه وسرده، عن شقيق يعود لقريته ليفى بوعده لشقيقته، التى يجدها قد توفيت، وهى التى حرمها أهلها من التعليم، مفضلة أن يذهب الولد إلى المدرسة.




















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;