فى إطار التغيرات الإقليمية والدولية التى تجرى فى المنطقة خلال الفترة الأخيرة، بدأت المملكة العربية السعودية التحرك لعقد مؤتمر شامل لكل أطياف المعارضة السورية، لتوحيد صفوفها فى كيان واحد، يضع مطالب محددة لمفاوضة النظام السورى فى اجتماع "جنيف" المقبل.
التحرك الذى تقوده المملكة العربية السعودية، يأتى فى وقت دقيق تعيشه دول المنطقة، إذ بدأت الرياض إقصاء قيادات المعارضة السورية المعرقلة للحل السياسى، خاصة المدعومة والممولة من قطر، وهو ما يعد تحركا إيجابيا من المملكة سعيا إلى بدء إنجاز تسوية شاملة للأزمة السورية التى دخلت عامها السادس دون أفق للحل الجاد والنهائى حتى الآن.
السعودية تتبنى ضخ دماء جديدة فى شرايين المعارضة السورية
اللقاءات التى تجرى فى المملكة العربية السعودية، وتشمل عددا من قيادات المعارضة السورية، تركز بالأساس على الدفع بدماء جديدة فى منصب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، بديلا لـ"رياض حجاب"، أحد أبرز رجال تميم بن حمد والنظام القطرى فى المعارضة السورية، إضافة لبحث إبعاد نصر الحريرى، الذى رأس وفد المفاوضات فى جنيف من الهيئة، بسبب دعم ولائه الكامل للرؤية القطرية فى سوريا.
التحركات السعودية التى تكللت مؤخرا بحالة من الوفاق بين أطراف سورية عديدة، بحسب ما أكدت مصادر إعلامية سورية حول استقالة رياض حجاب من منصب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، موضحة أنه لن يستمر فى منصبه بعد عقد الاجتماع الموسع للمعارضة السورية فى العاصمة السعودية الرياض، والمتوقع عقده فى أكتوبر المقبل.
رياض حجاب يؤكد للرياض ترك هيئة المفاوضات واعتزال السياسة
وقالت مصادر سورية مطلعة، إن رياض حجاب أخبر قيادات المملكة العربية السعودية بقراره ترك الهيئة العليا للمفاوضات، والتقاعد عن العمل السياسى بشكل نهائى، مؤكدا عدم تمكنه من الاستمرار فى منصبه بسبب وضعه الصحى الصعب، لافتا إلى أن حجاب سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقى العلاج،بعد لقائه وزير الخارجية السعودى عادل الجبير، ويأتى قرار حجاب بالتزامن مع تصريحات متواترة من عدد من القياديين بالمعارضة السورية حول أن هناك تحضيرا لعقد مؤتمر "الرياض 2".
وفى سياق متصل، أوضحت الهيئة العليا للمفاوضات، فى بيان صادر عنها السيت الماضى، أنها طلبت من الرياض "استضافة اجتماع موسع للهيئة العليا مع نخبة مختارة من القامات الوطنية السورية ونشطاء الثورة، من أجل توسيع قاعدة التمثيل والقرار على قاعدة بيان الرياض، كمرجعية أساسية للهيئة فى المفاوضات من أجل إنجاز عملية الانتقال السياسى".
وأشارت الهيئة فى بيانها، إلى أنها شكلت لجنة خاصة للتحضير لعقد اللقاء وتأمين سبل نجاحه، وأنها تسعى من خلال عقد هذا الاجتماع لخدمة الثورة وأهدافها، بمشاركة أوسع طيف من الشخصيات الوطنية السياسية والعسكرية والثورية وممثلى المجتمع المدنى.
خروج قطر من المعادلة السورية يدفع فى اتجاه إنجاز حل سياسى
الآن، وبنظرة موضوعية عميقة للصورة نكتشف أنه بإقصاء رجال قطر من المعارضة السورية، يمكن لدول المنطقة التوصل لحل سياسى للأزمة التى تعصف بالبلاد منذ ست سنوات، إضافة لإمكانية الدفع بعناصر مؤمنة بالحل السياسى ولديها رؤية واضحة للأزمة التى دفعت سوريا إلى دائرة الدمار والخراب.
ويرجح عدد من المراقبين، دعوة الرياض للأكراد فى المؤتمر المزمع عقده فى أكتوبر المقبل، وهو ما يعتبر رسالة شديدة اللهجة، وصفعة على وجه تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، الذى يرفض مشاركة الفصيل الكردى السورى فى أى عملية سياسية تجرى لحل الأزمة السورية.
الدبلوماسية السعودية توجه صفعة قاسية لتركيا فى "الرياض 2"
التحركات التى يقودها وزير الخارجية السعودى، عادل الجبير، لتوحيد صفوف المعارضة السورية سعيا لإنجاز حل سياسى سلمى، توضح مدى البراعة الدبلوماسية التى تمارسها المملكة، من خلال تنقيتها للهيئة العليا للمفاوضات من رجال الدوحة، وتوجيه رسائل سياسية لأنقرة، التى تتدخل فى الأزمة الأخيرة وتدعم قطر عسكريا فى مواجهة دول الخليج.
وأكد عدد من المراقبين والمتابعين للشأن السورى، أن دعوة الأكراد للمشاركة فى مؤتمر "الرياض 2" تمثل ردًّا سعوديا قاسيا وشديد اللهجة على تدخل أردوغان فى أزمة الرباعى العربى مع الدوحة، لدعم الأخيرة ومساندتها فى احتضانها للإرهاب والتطرف فى سوريا وعدد من دول المنطقة، إضافة لوضع حد للتدخلات الإقليمية فى الملف السورى، لا سيما الأطراف غير العربية وعلى رأسها إيران وتركيا.
الولايات المتحدة الأمريكية تجمّد برنامجا لتسليح المعارضة السورية
التحرك السعودية يتزامن مع تحرك آخر تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، التى جمدت برنامجا لوكالة الاستخبارات الأمريكية بشأن تسليح المعارضة السورية، فى ظل المقاطعة التى فرضتها دول الرباعى العربى على قطر، وهى التحركات التى يمكن أن تدفع بالفصائل السورية المسلحة للقبول بحل سياسى بعيدا عن "فوهات البنادق".
وأكدت السعودية، خلال لقاء وكيل وزارة الخارجية السعودية للشؤون السياسية والاقتصادية، عادل بن سراج مرداد، فى مكتبه بجدة مساء الأربعاء، رئيس الائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية رياض سيف والوفد المرافق له، حرص المملكة على توحيد الجهود لضمان حل الأزمة السورية ودعم الشعب لتقرير مصيره.
وقال "مرداد" فى تصريح لوكالة الأنباء السعودية، نشرته اليوم الخميس، إنه "تم عقد هذا اللقاء للتأكيد على موقف المملكة الثابت حيال الأزمة السورية، ولبحث المستجدات وتنسيق الرؤى والمواقف، ونحن حريصون على توحيد الجهود لضمان حل الأزمة السورية ودعم الشعب السورى الشقيق لتقرير مصيره".