بجروح مفتوحة فى مجالات عدة، يواصل الاقتصاد القطرى النزيف بعد شهرين من المقاطعة العربية التى قادتها الدول العربية الداعية لمواجهة الإرهاب الممول من الدوحة، مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، لتتكبد الإمارة خسائر قدرتها مراكز دولية وخبراء اقتصاديون بما يزيد على75 مليار دولار.
وبخلاف قطاع السياحة والطيران الذى كان أول الخاسرين فى إمارة الإرهاب فى ظل فرض الحظر الجوى على الطائرات القطرية فى الأجواء العربية، بدأت الشروخ تتسلل قبل أيام إلى قلاع قطر النفطية التى كانت أحد أبرز مصادر قوة الاقتصاد القطرى الذى انفق من خلاله نظام تميم بن حمد على جماعات الإرهاب والكيانات المتطرفة وفى مقدمتها جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وحركة طالبان، فضلاً عن تمويل تنظيم داعش الإرهابى.
وأمام عناد تميم بن حمد وتمسكه برفض المطالب العربية المشروعة والمتمثلة فى وقف تمويل الإرهاب وغلق قناة الجزيرة وقطع العلاقات مع إيران، رسم خبراء اقتصاد ومتخصصون فى مجال النفط والغاز سيناريوهات قاتمة لمستقبل قطاع الطاقة فى قطر حال استمرار المقاطعة العربية التى اجتازت شهرها الثانى.
وينافس قطاع النفط والغاز القطرى على صدارة القطاعات التى فقدت الكثير من أرباحها وخططها التوسعية منذ بداية المقاطع العربية للإمارة الراعية للإرهاب، حيث أكدت تقارير غربية عدة أن خطط قطر للتوسع فى إنتاج الغاز 30% بحلول عام 2018، توقفت بل وفى طريقها للانحسار.
وفى انعكاس لحجم الخسائر التى تكبدها قطاع النفط والغاز القطرى، وحجم ما هو متوقع من اخفاقات مرتقبة، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى قبل أسبوعين توقعاتها لمستقبل 4 مؤسسات غاز قطرية من مستقر إلى سلبى، مشيرة إلى أنها يمكن أن تقوم بتخفيض تصنيفات شركة قطر للبترول فى حال تراجع التصنيف السيادى لقطر.
وأوضحت الوكالة أن التخفيض يرجع إلى كون ملكية هذه الشركات حكومية، مؤكدة أن الشركات ستواجه صعوبات فى الحصول على تمويل حكومى مما سيجعلها تتخلف عن التزاماتها لتسديد ديونها.
وحذر خبراء دوليون من أن إقدام دول الرباعى العربى على فرض عقوبات جديدة ضد قطر تشمل تعطيل شحنات الغاز الطبيعى ومنع السفن الناقلات التى تحمل شكل فائق التبريد من الوقود من الوصول إلى الأسواق فى آسيا فى كل مكان سيكون بمثابة ضربة قاتلة للاقتصاد القطرى.
وقال خبراء فى مجال الطاقة، إن وفرة الإنتاج من الغاز الطبيعى أفقد الغاز القطرى المسال زبائنه، خاصة فى ظل ثورة الغاز الصخرى الأمريكى التى بدأت فى العام 2005.
وقال المهندس عماد بن الرمال، خبير الطاقة، إن الأيام المقبلة ستشهد انخفاضا حادا فى أسعار الغاز القطرى المسال، فى ظل وفرة المعروض ودخوله فى منافسة مع الغاز الطبيعى، مؤكدًا أن أسعار الغاز المسال ستتراجع كثيرًا، ولأنه يستبعد أن تتساوى مع "الغاز الطبيعى"، لتتراوح بين 3 و4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.
وأوضح "الرمال"، فى تصريحات لوسائل إعلام سعودية، أن قطر تلقت صدمة كبيرة بعد إغلاق محطة "جولدن باس" فى ولاية تكساس الأمريكية، فى اليوم التالى لانتهاء أعمال الإنشاء عام 2010؛ إذ لم يكن ذلك بسبب الخسائر المادية المقدرة بمليار دولار، بل لفشل الدوحة فى قراءة الواقع الجديد لثورة الغاز الصخرى الأمريكى التى بدأت فى العام 2005، وخروج أمريكا من قائمة الدول المستوردة لغاز قطر المسال، رغم أنها كانت "الزبون الرئيسى".
ولفت "الرمال" إلى أن أمريكا تحولت من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة للغاز المسال، ومنافس قوى للغاز القطرى فى جذب ما تبقى من زبائن مهمين فى شرق آسيا، وبالفعل وصلت أولى شحنات الغاز المسال الأمريكى لليابان والصين بداية العام الجارى، عن طريق مضيق بنما الذى تمت توسعته لهذا الغرض، وسط توقعات بالتوسع فى التصدير مع انتهاء المشروعات الحالية للغاز المسال.
وأضاف خبير الطاقة فى تصريحاته، أن الأخبار السيئة للغاز المسال القطرى، أو حتى المكتشفة حديثًا فى حوض المتوسط، أن أستراليا ستبدأ ضخ إنتاجها الضخم من الغاز المسال منتصف العام المقبل، بقدرة 85 مليون طن سنويًّا، لتفوق إجمالى ما تنتجه قطر بـ15%، وكذلك مشروعات أنابيب الغاز بين روسيا والصين أو إيران وباكستان، مشددا على أن كل ما سبق سيؤثر فى أسعار الغاز المسال القطرى، الذى تعانى آباره حاليًّا من ارتفاع تكلفة الإنتاج، نتيجة لتوقف الاستثمار به لمدة 15 عامًا، وكذلك تكلفة الأموال التى تدفع للجار الإيرانى مقابل السحب من المنطقة الحدودية المشتركة.
وفى انعكاس لحجم الخسائر التى تكبدها قطاع النفط والغاز القطرى نتيجة مقاطعة الرباعى العربى للدوحة على خلفية ثبوت دعمها للإرهاب، وحجم ما هو متوقع من اخفاقات مرتقبة، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى مطلع الشهر الماضى، للمرة الثانية توقعاتها لمستقبل 4 مؤسسات غاز قطرية من مستقر إلى سلبى، مشيرة إلى أنها يمكن أن تقوم بتخفيض تصنيفات شركة قطر للبترول فى حال تراجع التصنيف السيادى لقطر.
وأوضحت الوكالة أن التخفيض يرجع إلى كون ملكية هذه الشركات حكومية، مؤكدة أن الشركات ستواجه صعوبات فى الحصول على تمويل حكومى مما سيجعلها تتخلف عن التزاماتها لتسديد ديونها.
وأكدت تقارير غربية نشرتها وكالة رويترز وصحيفة تليجراف البريطانية عجز قطر عن تنفيذ خطة التوسع التى كانت تعتزم تنفيذها العام المقبل لزيادة إنتاج الغاز 30%، بالتزامن مع ارتفاع سقف توقعات الخبراء لخسائر الاقتصاد إلى حاجز 75 مليار دولار منذ بداية المقاطعة العربية لإمارة الإرهاب، وذلك بعدما تعرض الريال القطرى لأزمات متتالية وارتفعت خسائر سوق المال القطرية لفقدان 2.5 مليار دولار فى كل ساعة تداول.
ووسط توقعات بمزيد من الخسائر، بدأ القلق يتسلل إلى العاصمة البريطانية لندن، التى تستورد 30% من احتياجاتها من الغاز من قطر، حيث قالت صحيفة "فايننشال تايمز" فى تقرير لها أن الأزمة الخليجية مع قطر تلقى بمزيد من الشكوك حول تعافى قطاع الغاز القطرى فى المستقبل القريب.
من جانبه، أكد البرلمان البولندى أن وضع قطر مقلق والأمر خطير جداً، مشيراً إلى أن الحكومة تشترى الغاز الطبيعى القطرى، وقد تكون بذلك مشاركة فى تمول الجماعات الإرهابية.
وفيما يشبه المطالبة بالتحقيق، دعا أعضاء البرلمان البولندى، وزارة الخارجية، بالرد على استفسار ما إذا كانت أموال دافعى الضرائب تساهم فى تمويل الأنشطة الإرهابية من خلال شراء الغاز القطرى.
وبخلاف خسائر قطاع النفط والغاز القطرى، يواصل الاقتصاد القطرى خسائره بعد شهرين من المقاطعة العربية، حيث تراجعت معدلات السيولة النقدية بما يزيد على 30%، فيما تضاعف مستويات التضخم لما يزيد على 12 ضعفاً وسط توقعات بموجة غلاء وارتفاع حاد فى أسعار السلع الاستهلاكية التى تستوردها الحكومة القطرية من أنقرة وطهران.