تشهد سوريا والعراق عددا من التحركات التى تهدد أمن واستقرار البلدين عبر إحياء فكرة الكيانات المستقلة والنظام الفيدرالى، وهو ما يهدد بتقسيم تلك الدول خلال السنوات المقبلة بسبب التحركات التى تقودها الأقليات فى سوريا والعراق لإقامة كيانات أو إدارات مستقلة تعبر عن مكون بعينه.
نزعة الانفصال أو "الاستقلال" وخلق كيانات مستقلة أطلقها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزانى الذى يعتزم إجراء استفتاء لانفصال الإقليم عن العراق شهر سبتمبر المقبل وهو ما يهدد وحدة وسيادة العراق، وهو التحرك الذى حذرت منه العديد من الأطراف الإقليمية والدولية والذى من شأنه خلق صراع عرقى، فضلا عن الصراع على النفط العراقى بين مكونات أبناء الشعب الواحد.
التحرك الخطير الذى يقوده مسعود البارزانى حامل أختام "سايكس بيكو الجديد" يهدد أمن واستقرار العراق بشكل كبير، فالتحركات "البارزانية" دفعت محافظ كركوك، نجم الدين كريم، الإدعاء بأن كركوك لها خصوصية فى كل العراق، فهى جزء من كردستان تاريخياً سواء كانت ضمن دولة مستقبلية أو لم تكن.
الصراع الذى يبدو فى ظاهره "طائفى" أو "عنصرى" هو بالأساس صراع اقتصادى على الثروة النفطية التى تمتلكها كركوك أو محافظات "كردستان العراق"، وهو التحرك الذى من شأنه أن يعزز فكرة الانفصال داخل العراق ما ينذر بتقسيم البلاد إلى كيانات طائفية منفصلة.
وقد عبرت مصر عن موقفها الرافض للتحرك بشكل منفرد فى العراق ودعت للتنسيق مع الحكومة الاتحادية فى بغداد، وأعرب السفير المصرى فى بغداد، علاء موسى، عن موقف القاهرة من استفتاء اقليم کردستان المزمع إجراؤه فى سبتمبر المقبل، مؤكدا أن مصر ترفض أى تحرك أحادى فى العراق دون الرجوع إلى الحكومة المركزية فى بغداد.
وأكد السفير المصرى فى بغداد أن موعد الاستفتاء شأن داخلى يخص العراقيين أنفسهم، موضحا أن ثوابت السياسة الخارجية المصرية التى لم تتغير هو أن مصر ترى أن قوة العراق تكمن فى بقائه موحدا متجانسا متناغما بين أطيافه المتعددة التى تشكل فى مجموعها الدولة العراقية.
وشدد السفير المصرى على دعم مصر لوحدة وسيادة العراق، محذراً من مؤامرات التقسيم التى تواجه المنطقة العربية فى هذه المرحلة الدقيقة، وأهمية تضافر الجهود العربية وتجاوز الأزمات التى تشهدها المنطقة.
تحركات مسعود البارزانى واللقاءات المكثفة التى أجراها مع "أكراد سوريا" فتحت شهية المكون الأخير على إعلان الإدارة الذاتية شمال سوريا، وهو التحرك الذى يهدد أمن واستقرار الدولة السورية ويدفع العديد من المكونات الأخرى لاتخاذ نفس الخطوة، وهو ما أقدم عليه عدد من المعارضين السوريين بتشكيل "هيئة الإدارة العليا فى المنطقة الجنوبية"، فى خطوة تستهدف بناء مؤسسات للإدارة الذاتية فى الجنوب السورى، على غرار الإدارة الذاتية للأكراد فى شمال سوريا. ويشهد الجنوب السورى انخفاضاً ملحوظاً فى معدلات العنف بسبب دخول محافظات درعا والسويداء والقنيطرة مناطق "خفض التصعيد".
وقال عبد الحكيم المصرى، معاون وزير الاقتصاد فيما تعرف بـ"الحكومة السورية الموقتة" فى بيان – نقلته مصادر إعلامية سورية- عن تأسيس "هيئة الإدارة العليا"، أنه نظراً إلى الظروف التى تمر بها سوريا فى هذه المرحلة الدقيقة من عمر الثورة، وانطلاقاً من مبادئها وتمسكاً بالثوابت الوطنية، فإن المؤسسات الثورية العاملة على الأرض والمكونة من ممثلى الحكومة السورية الموقتة ومجلسى محافظتى درعا والقنيطرة شكلت هيئة الإدارة العليا.
ويهدد التحرك الذى يقوده الأكراد لإحياء الدولة الكردية الكبرى التى تفتت ما بين سوريا والعراق وإيران وتركيا عقب التوقيع على اتفاقية سايكس بيكو مطلع القرن العشرين، هو الهدف الأسمى الذى يتحرك من أجله الأكراد فى سوريا والعراق، وتروج الكيانات الكردية فى البلدين للثقافة الكردية بعيدا عن الثقافة العربية فى تلك البلدان.
ويمارس رئيس الوزراء العراقى ضغوطات ضد رئيس الإقليم مسعود البارزانى الذى يسعى لتحقيق حلم تاريخى يراود المكون الكردى فى المنطقة بإحياء الدولة الكردية الكبرى. فيما اعتبر العبادى الاستفتاء المزمع تنظيمه فى إقليم كردستان العراق غير دستورى، وأنه لن يتم التعامل معه، فضلا عن رفض كثير من دول العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة لتنظيم الاستفتاء.