أكدت الدكتورة آمال البشلاوى، أستاذ طب الأطفال لأمراض الدم بطب قصر العينى، ورئيس الجمعية المصرية لأنيميا البحر المتوسط، تعتبر أنيميا البحر المتوسط من الأمراض التي يعتبر حاملي المرض من أكبر النسب العالمية في مصر، حيث تصل إلى أكثر من 9 % من عدد السكان ويولد سنويا أكثر من 2000 طفل يعانون من المرض.
مصر تمثل أعلى نسبة على مستوى العالم
وقالت الدكتورة آمال البشلاوي إن المرض يأتي نتيجة زواج الأقارب، أو غير الأقارب لأن نسبة حاملي المرض تكون عالية، ويعانى المريض من أنيميا البحر المتوسط الشديدة عندما تظهر علامات المرض في السنة الأولى من حياة الطفل، ويكون ذلك في شكل أنيميا أو فقر دم متزايد مع تضخم في الكبد والطحال، ينتج عنه زيادة في حجم بطن الطفل، مع اصفرار لون العين، وتأخر نمو الطفل، وهناك الحالات المتوسطة التي تظهر بعد سن عامين أو فيما بعد ذلك في أى عمر.
مريض أنيميا البحر المتوسط لابد أن يتخلص من الحديد بالأدوية
وأشارت إلى أن أعراض أنيميا البحر المتوسط تختلط مع حاملى المرض مع أنيميا نقص الحديد، ورغم اختلاف علاج الاثنين، بحيث إن مريض أنيميا نقص الحديد يحتاج إلى الحديد، ومريض أنيميا البحر المتوسط ممنوع تعاطى عقار الحديد، وعدم تناول الأطعمة المحتوية على الحديد.
الأدوية المطلوبة للعلاج
وأضافت أنه يتم علاج مرضى أنيميا البحر المتوسط فى الحالات الشديدة بنقل الدم المستمر ، مع أخذ العلاج الذى يساعد المريض على التخلص من الحديد الزائد الذي يتراكم داخل جسمه نتيجة للتكرار المستمر لنقل الدم، ولتجنب مخاطر الحديد في الجسم والذى يتركز الحديد في الأجهزة الهامة، مثل القلب، والكبد، والغدد النخامية المسئولة عن النمو، والبلوغ، لذلك يجب أخذ الأدوية التي تساعد على التخلص من الحديد من جسم المريض، موضحة أن الجسم لا يستطيع أن يتخلص من الحديد من تلقاء نفسه، وأنه توجد الأدوية التي تساعد على نزول الحديد من الجسم، ويتم صرفه فى المستشفيات الجامعية والتأمين الصحى بالمدارس، وكذلك يصرف العقار عن طريق الكومسيون الطبي للمرضى الذين يتم علاجهم على نفقة الدولة، ويوجد حاليا عقار يؤخذ عن طريق الفم بطريقة سهلة تساعد المريض حتى ولو كان طفلا أن يتناوله مباشرة، كذلك يوجد علاج بزرع النخاع، ويتم الزرع على نفقة الدولة، والتأمين الصحى، والذى يساعد المريض على التخلص من المرض نهائيا، والذي يكلف الدولة 100 ألف جنيه للمريض، ولكن للأسف لا يوجد سوى 40 % من المرضى يمكن إجراء عمليات زرع نخاع لهم، وذلك لعدم تواجد توافق في الأنسجة بين المريض وأحد اخوته.
العلاجات متوافرة على نفقة الدولة والتأمين الصحى
وأوضحت أنه في حالات قليلة قد يكون المريض متوافقا مع أحد الأبوين، حينما يكون الأم والأب أقارب، وهناك العلاج بالجينات، حيث يتم تغيير الجين المسئول عن تكوين الهيموجلوبين عن طريق بعض الفيروسات من جينات مريضة إلى جينات سليمة، تستطيع أن تولد كرات دم حمراء طبيعية في المريض الذي يصبح في هذه الحالة إنسان طبيعي تخلص من المرض.
وأضافت أن هناك العديد من الأبحاث العديدة التي تقوم بذلك، ولكن مازالت في حيز التجربة، أما مريض أنيميا البحر المتوسط والذي تكون حالته متوسطة قد يحتاج إلى نقل الدم أو قد لا يحتاج، لكن لابد من المتابعة الطبيعة للمريض لأخذ العلاجات الأخرى المناسبة، وتجنب المضاعفات التي قد تحدث نتيجة المرض.
وأكدت أن مريض أنيميا البحر المتوسط يستطيع أن يعيش حياة قريبة جدا إلى الطبيعية بالمتابعة الطبية، موضحة أن هناك طفرة فى العلاجات الجديدة حيث تم التوصل لعلاجات تساعد على نزول الحديد من الجسم، والذي يساعد المريض على الالتزام بأخذ العلاج.
وتطالب الدكتورة آمال البشلاوي باتباع عدد من الخطوات للتخلص من أنيميا البحر المتوسط مثل الكثير من دول العالم أهمها:
- عمل تحاليل جادة لاستخراج شهادات من أماكن معتمدة للمقبلين على الزواج حيث توجد آلاف الأسر التي تفاجأ بطفل يعانى من أنيميا البحر المتوسط لأنه لا يوجد فحص قبل الزواج لهذا المرض.
- لابد من عمل فحص شامل على مستوى الجمهورية للأعمار التي ستقدم على الزواج مثل طلبة الثانوي، لمعرفة من يحمل المرض، مؤكدة أنه من يحمل المرض لا يوجد أى مشكلة بالنسبة لإنجاب طفل سليم طالما أن الزواج يكون من إنسان لا يحمل المرض، وأن هناك تحاليل لازمة للكشف على الجنين لمعرفة إذا كان الجنين حامل المرض أم لا.
وأوضحت أن الأم لها حق الاختيار فى الاحتفاظ بالجنين من عدمه، والفحص له أهمية أخرى أن الجنين يمكن أن يكون متوافقا مع أخيه المريض في الأنسجة، وبذلك يمكن جمع خلايا الأم " الخلايا الجذعية " من الحبل السري للجنين بعد الولادة، ونقلها لأخيه المريض لإجراء عملية زرع نخاع، ويتم حقنها عن طريق الوريد بعد تحضير المريض بالعقاقير المختلفة، لاستقبال الخلايا الجذعية الجديدة حتى يتم شفاؤه.
وأكدت أن هذه العملية تحقق نسب نجاح تصل إلى 80 %، موضحة أن كثير من الدول الأجنبية والعربية تخلصت من حدوث ولادة طفل جديد يعانى من أنيميا البحر المتوسط، من خلال تطبيق طرق انتشار المرض، وأهمها الوعى لدى المواطنين، مشيرة إلى أن عملية زرع النخاع تتحملها الدولة من خلال التأمين الصحى ونفقة الدولة، وإن الدولة تتحمل نفقات التحاليل والأدوية والتى تصل إلى ما لا يقل عن 10 آلاف جنيه للمريض الواحد شهريا.
وقالت الدكتورة ميرفت مطر، أستاذ أمراض الدم بكلية طب قصر العيني، إن مرض أنيميا البحر المتوسط يسبب تأخر النمو ويؤثر على الخصوبة.
حملة للقضاء على أنيميا البحر المتوسط
وأشارت الدكتورة لميس رجب، أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم، جامعة القاهرة، إلى ضرورة تبنى وزارة الصحة حملة لمكافحة مرض أنيميا البحر المتوسط، لتكون مصر خالية من المرض على غرار الحملة التى قادتها ضد فيروس سى بهدف القضاء عليه، وذلك من خلال تبني خطة قومية واضحة تستهدف الكشف المبكر عن المرض عن طريق إجراء فحوصات قبل الزواج أو عند استخراج بطاقة الرقم القومي، مما يسهل مكافحة المرض وتجنب ظهور أجيال جديدة قادمة مصابة به، مما يغني الدولة عن تحمل الكثير من النفقات العلاجية للمرض ومضاعفاته، وهو ما فعلته دول أخرى كثيرة واستطاعت أن تقضى على المرض خلال 10 سنوات فقط .