"قبل أن تُدرك الدنيا حقيقة وجودها، وقبل أن ينتبه التاريخ من غفوته الاستثنائية، كانت مصر حديقة غنَّاء، تحوى زهور الحضارة والرُّقى الإنسانى" بهذا المطلع وصف الدكتور وسيم السيسى مصر فى كتابه "فى البدء كانت مصر".
وكما يفتخر المصريون بأن الحضارة بدأت من أرضهم، فالتاريخ أيضا بدأ من هنا، فأول تقويم عرفه التاريخ وضعه المصريون، وهو "التقويم الفرعونى القديم" الذى اعتمد على دورة الشمس، وقُسم خلال العام إلى 13 شهر، ولا يزال الفلاحون المصريون يعملون به.
وبحسب موقع عالم المصريات الدكتور "أسامة السعداوى" فإن التقويم المصرى القديم "الفرعونى" لا يحتوى على نسبة أخطاء، نظرا لاعتماده على حسبات شمسية وقمرية وفلكية ثابتة ودقيقة للغاية.
وبحسب الباحث الأثرى "على أبو دشيش" فإن الفليكون المصريون الأوائل وضعوا التقويم الفرعونى، بعدما لاحظوا ظاهرة الفيضان السنوية تتكرر بانتظام وأن نجمة الشعرى اليمانية -أسطع النجوم فى السماء ليلاً- تظهر فى الأفق مع شروق الشمس فى نفس اليوم الذى يصل فيه الفيضان إلى مدينة منف فى مصر القديمة، وعلى هذا الأساس رتبوا العمليات الرزاعية، وتم تقسيم السنة 365 يوم واثنى عشرة شهرا، والشهر ثلاثون يوما، وهو ما يمثل أول تاريخ البشرية، على حد زعمه.
ولفت الباحث إلى أن الخمس أيام الباقية من السنة أطلق عليها "كوجى أتافوت"، أو الشهر الصغير.
وهى بالترتيب:
1- "توت" وتعنى (تهوب) وأطلق عليه إله العلم، ويحتفل به الأقباط حتى الآن فما يعرف بعيد النيروز.
2- "بابه" وتعنى "بى ثب وت" بالهيروغليفية، وهو إله الزراعة، حيث كانت الأراضى تغطى بالزراعة.
3- "هاتور" إله الجمال لأن هذا الشهر تتزين وجه الأرض بالمزروعات وينسب فى القبطية إلى إله الحب والعطاء.
4- "كيهك" وهو إله الخير أو الثور المقدس.
5- "طوبه" وهو إله المطر ويعنى الأعلى أو الأسمى.
6- "أمشير" إشارة إلى عيد يرتبط بالإله "مخير" وهو إله العواصف والزوابع.
7- "برمهات" وتعنى (بامونت) وهو إله الحرارة حيث تنضح المحاصيل الزراعية.
8- "برمودة" وتعنى "باراهاموت" وهو إله الموت، نظرا لانتهاء جنى الثمار.
9- "بشنس" وتعنى (باخنسو) أى إله الظلام.
10- "بؤونة" وهو إله المعادن لأن فيه تستوى المعادن والأحجار.
11- "أبيب" وبالهيروغيلفية (هوبا) أى الفرح لاعتقاد أن المصريين أن حوريس انتقم لابيه أوزريس من عدوه ست.
12- "مسرى" وبالهيروعيلفية (مسورع) أى ولادة رع (ابن الشمس)
هذا بخلاف الشهر الصغير "كوجى أتافوت" والذى يتكون من الخمس الأيام الباقية من السنة .
ووفقا لموقع الدكتور "أسامة السعداوى" يتميز التقويم الفرعونى بعدة معالم هى: - أنه يستخدم الإحداثيات الفلكية الكروية رباعية الأبعاد، كما أنه يستخدم الحركة المزدوجة المركبة للشمس والقمر منسوبة إلى عناصر ارتكاز فلكية ثابتة، وأنه يستخدم نظام الثلاثة عشر شهرا للعام وسبعة أيام للأسبوع، وأن الشهور الإثنى عشر الأولى تكون ثابتة فى مدتها وهى 28 يوما للشهر، كل شهر مكون مـن 4 أسابيع وكل أسبوع مكون مـن 7 أيام، كما أن الشهر الثالث عشر ويسمى (الشهر الحرام) غير ثابت فى مدته ويمتد ما بين 2 إلى 7 أسابيع بحد أقصى 49 يوما.
وأيضا أن السنة المصرية تبدأ دائما بيوم الأحد ( 1 ).. وهو أيضا اليوم رقم1 من الأسبوع الأول، وأيضا تبدأ السنة المصرية دائما بيوم شم النسيم الذى كان يحتفل به المصريون جميعا، وأن السنة المصرية كانت تبدأ دائما منسوبة إلى نقطة فلكية ثابتة وهى يوم الإعتدال الربيعى وهو ما يوافق الآن 21 مارس، أن يوم الاعتدال الربيعى كان يحدد بطرقة بسيطة بقياس طول الظل.
ووضع "السعداوى" قاعدة حسابية كتأكيد على دقة التقويم المصرى وكانت كالتالى:
- السنة المصرية كان لها :
أ - 336 يوما كحد أدنى
ب - 385 يوما كحد أقصى
ج - 365 يوما شمسيا
د - 354 يوما قمريا
متوسط مجموع هذه العناصر الأربعة هو طول السنة المصرية الحقيقى ويحسب كالآتى :
(336 + 385 + 365 + 354 ) / 4 = 360 يوما، وهـو ما يمثل دائرة فلكية متقنة على حد وصفه.