فى خطوة تؤكد إعلان واضح وصريح لإسقاط الشرعية المزعومة للمعزول محمد مرسى، والاعتراف بالمشهد الحالى بعدما رفضوه طيلة السنوات الماضية، تنازلت جماعة الإخوان عن كل شعاراتها الرنانة التى هى من عينة "لن نشارك فى المشهد السياسى إلا بعد عودة مرسى وعودة مجلسى الشعب والشورى"، وكشف قيادى إخوانى مقيم بلندن، النقاب عن مطامع الجماعة كاملة، حيث طالب محمد سويدان مسئول العلاقات الخارجية بجماعة الإخوان الإرهابية، مشاركة الجماعة بأى وسيلة فى انتخابات الرئاسة المقبلة والمقرر إجراؤها 2018.
تصريحات محمد سويدان، المحسوب على جبهة محمود عزت القائم بأعمال المرشد، وهى الجبهة الأكثر قوة وسيطرة على التنظيم - جاءت خلال تصريحات بإحدى القنوات الموالية للجماعة، معتبرًا أن مشاركة الجماعة فى انتخابات 2018 سواء بالدفع بمرشح أو دعم آخر تعد فرصة قوية للتنظيم للعودة مرة أخرى للمشهد، قائلاً: "انتخابات الرئاسة 2018 فرصة يجب على الإخوان استغلالها بشكل جيد، لتحسين موقفها وللإفراج عن قياداتها"، ثم تدارك الأمر بقوله إن هذا الموقف هو موقفه الشخصى.
ليست هذه المرة الأولى التى تبيع فيها جماعة الإخوان "المعزول"، فقد تنازلت عنه فى مرات سابقة، أبرزها عندما حاولت مغازلة القوى السياسية المصرية فى بيان لها، وأعلنت مجموعة وصفتها بـ"المبادئ من أجل عودة الاصطفاف الوطنى"، وقد خلت هذه المبادئ من عودة "المعزول".
كما أن تصريحات محمد سويدان مسئول العلاقات الخارجية فى جماعة الإخوان الإرهابية، تعد إسقاطًا صريحًا لكل المزاعم التى ادعتها الجماعة منذ ثورة 30 يونيو التى أسقطت حكم الجماعة ودغدغت بها مشاعر عناصرها.
كما أن مطالبة القيادى الإخوان، لجماعته الإرهابية بالمشاركة فى انتخابات 2018، تأتى تزامنًا مع تحركات مجموعة من السياسيين فى مصر على رأسهم ممدوح حمزة للدفع بمرشح رئاسى، من خلال جبهة جديدة تحمل اسم "التضامن للتغيير".
عقب إلقاء محمود سويدان تصريحات، انقلبت الجماعة رأسًا عن عاقب، حيث شنت قيادات فى الجبهة المناهضة لجبهة محمود عزت القائم بأعمال مرشد الإخوان، والمعروفة باسم جبهة محمد كمال هجومًا حادًا على محمد سويدان، واصفين تصريحاته بجس النبض لتمهيد للإعلان صراحة بالمشاركة فى المشهد السياسيى ثم خوض انتخابات الرئاسة.
لم ينته زلزال محمد سويدان عند هذا الحد، بل حدث تلاسن بين شباب التنظيم داخل الجماعة وصلت لحد السب والقذف، وقال عز الدين دويدار، القيادى الإخوانى فى تصريح له عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك": "تعليقًا على تصريح محمد سودان مسئول العلاقات الخارجية فى مكتب لندن الموالى لجبهة محمود عزت، التصريح الذى يقول انتخابات 2018 فرصة للإخوان يجب استغلالها.. وهو نفسه الذى قال من سنة صوت وصورة أن ثورة يناير كانت مؤامرة وفخ.
وأضاف: "جبهة محمود عزت القائم بأعمال مرشد الجماعة تحتقر قواعدها ولا تحترمهم فى الأصل، وتراهم رعية عليهم السمع والطاعة" مضيفًا: "محمد سودان يشغل موقع مسئول العلاقات الخارجية بالحزب، وهو عضو بمكتب لندن الآن، ولا يصح أن يقول مسئولاً رأيه الشخصى، فهذه التصريحات رسائل جس نبض.
تصريحات "عز الدين" أغضبت الموالين لمحمود عزت، الأمر الذى دفعهم بانتقاده بشكل كبير، وصلت لدرجة جهلتهم يوجهون سهامهم ناحيته، حيث قال له محمد أبو العزايم: "على فكرة طول عمرك هتفضل كلب ينبح وكلامك ليس له أى لزمة عندنا".
بينما وصف محمد العقيد، عضو مجلس شورى الإخوان فى تركيا، قيادات الإخوان بأنها "جيل التيه والوهن الذى لابد أن يتم تغييره من الجماعة واستبداله بقيادات جديدة"، وقال فى تصريح له: "سيمضى بقية جيل التيه والوهن قريباً من المتشبثين ببعض عروشهم الدعوية ومناصبهم التنظيمية وعشقهم ليكونوا مسئولين بغير علم ولا كفاءة ولا تخصص ليبقوا فى الصدارة بغير حق.
وأضاف عضو مجلس شورى الإخوان بتركيا: "سيذهب جيل التيه الذى يتقن الاستسقاء ولا يتقن السعى، سيذهب المتصدر بالتربيط والهتيفة وعبيد أستاذنا راح وأستاذنا جه، سيذهب الواهمون بغير عمل المرجفون بحجة النصيحة المفترون باسم الدعوة".
وحول تلك التصريحات قال طارق البشبيشى، القيادى السابق بجماعة الإخوان، إن الإخوان يبادلون ويختارون بين سيناريوهات عدة، والحلول التى أمامهم بخصوص استغلال انتخابات الرئاسة القادمة بما يصب فى مصلحتهم كلها حلول غير واقعية، فمثلاً لو أعلنوا دعمهم لمرشح معين يتصدى للرئيس السيسى، فهذا كفيل بحرقه سياسيًا".
وأضاف فى تصريح لـ"انفراد"، أن الحل الأقرب للمزاج الإخوانى الهدام والحاقد هو تشويه الانتخابات القادمة وإقناع الناس للانصراف عنها و مقاطعتها، ولكن أزمتهم ستتعمق بشكل كبير، موضحًا أن الأوامر ستصدر بقرار التنظيم فى الخارج وسينفذونه.
مسألة التنازل عن مرسى لم تأت متأخرة كما هو ظاهر للبعض، لكنها جاءت مع اللحظة الأولى التى أعقبت عزله، وما كانت الاعتصامات ومختلف أساليب الضغط من الداخل والخارج إلا محاولة من الجماعة لتحسين موقف الجماعة عند الجلوس للتفاوض كما كانت تتوهم وتخطط، فالجماعة متيقنة تمامًا من المراحل المبكرة للأزمة أن مرسى لن يعود ولم تعد له أدنى شرعية بعد خروج الشعب ضده وضد حكم الجماعة.. هكذا علق هشام النجار الباحث فى شئون حركات التيار الإسلامى.
وأضاف "النجار"، فى تصريحات لـ"انفراد": "بل أكثر من ذلك فقيادات الجماعة متيقنة أكثر من أى أحد آخر بأن مرسى آخر شخص يصلح رئيسًا لمصر لكنه كان أداتها التى تحركها من الظل، وبعد فشل وعجز الجماعة على مراحل مختلفة بشتى الطرق نيل ما تريده عبر الحشد الجماهيرى والتحريض الدينى والعنف والإرهاب ليس لشرعية مرسى فهى متيقنة بسقوطها، ولكن للحصول على نقاط ومكاسب سياسية حال التفاوض والتسوية وهو ما لم ترضخ له الدولة، لذا تلجأ الجماعة لورقة أخيرة وهى اللجوء لعروض المناورات السياسية داخل المشهد الانتخابى وهو يحمل نفس الأهداف لكن بوسائل أخرى، فالقناعة بسقوط شرعية مرسى ليست جديدة لكن الجديد هو وضوح ذلك عبر تكتيك لا يمنح الجماعة ترف توظيف ورقة شرعية مرسى حيال الجماهير التى خدعت طويلًا بهذه الشعارات".