يسعى الرئيس الإيرانى حسن روحانى إلى الحد من النفوذ الاقتصادى والمالى لميليشيات الحرس الثورى الذى يستفيد من رفع العقوبات عن طهران ضمن الاتفاق النووى، يعيق مساعى الإصلاح الاقتصادى، حسبما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وأكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، نقلا عن إيرانيين لم تسمهم أو تذكر مناصبهم أن روحانى يسعى لإقناع المرشد الأعلى على خامنئى، صاحب القرار النهائى فى إيران، بأن فساد الحرس الثورى الاقتصادى يضر بالميليشيات ذاتها، وكذلك بالاقتصاد الإيرانى، الذى يزداد غرقا.
وأصحبت إيران على وشك الانهيار الاقتصادى خاصة مع تفشى فساد مليشيات الحرس الثورى ودعم السلطات الإيرانية للإرهابيين فى المنطقة، ذلك أن نظام طهران لا يستوعب الخسائر الاقتصادية الفادحة التى تضر بمصلحة الشعب الإيرانى ويرتكبها الحرس الثورى الذى يسعى دوما إلى نهب ثروات الإيرانيين لصالح التنظيمات الإرهابية.
فساد مليشيا الحرس الثورى
وأدى النفوذ الاقتصادى والمالى لميليشيات الحرس الثورى، إلى ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الاقتصاد، وتنظيم الاحتجاجات مع تدهور الأوضاع الاقتصادية فى البلاد تزامنا مع تورط مليشيا الحرس الثورى فى جرائم فساد كبرى.
ومنذ ما بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية تبرر ميليشيات الحرس الثورى نشاطها الاقتصادى بأنه لتمويل بناء قدراتها العسكرية، ومؤخرا تبرر تضخم مصالحها الاقتصادية بتكاليف مشاركة الميليشيات فى الحرب فى العراق وسوريا وغيرها، حسبما ذكرت "سكاى نيوز عربية".
لكن الاتفاق النووى الذى أدى إلى رفع بعض العقوبات منذ نحو عامين لا يمكن الاستفادة منه وشركات ميليشيا الحرس الثورى تعمل فى كافة قطاعات الاقتصاد، إذ يحجم المستثمرون الأجانب عن الدخول فى أى مشروعات فى إيران، خشية أن يتقاطع ذلك مع شركات الميليشيا التى تعتبر منظمة إرهابية ما قد يكلفهم عقوبات وغرامات بالمليارات.
وأقر روحانى الشهر الماضى زيادة ميزانية الحرس الثورى المخصصة لبرنامج الصواريخ الباليستية والحملات العسكرية الخارجية ليوازن جهوده التى تحاول تقليص المصالح الاقتصادية للميليشيات.
وحسب الشهادات التى نقلتها الصحيفة، لا يرغب روحانى فى "قص أجنحة" الميليشيا التى تضم نحو 120 ألفا وتعتمدها القيادة الإيرانية كأهم أذرع قوتها فى تدخلها فى الخارج تحت شعار "مكافحة الإرهاب".
إمبراطورية الميليشيات
وتذكر "فاينانشيال تايمز" أن المرشد ربما اقتنع بأن تقليص نفوذ الحرس الثورى الاقتصادى حماية للميليشيا بما يقويها ويجعلها تركز على دورها العسكرى.
ويقول أحد رجال الأعمال الإيرانيين للصحيفة: "يريد روحانى إن يكون الحرس الثورى ذراعا عسكرية كبيرة وقوة لمكافحة الإرهاب فى الشرق الأوسط وليس مستوردا لمستحضرات التجميل".
ولا تتوفر معلومات دقيقة عن المصالح الاقتصادية لميليشيا الحرس الثورى، لكن هناك تقديرات بأنها تصل إلى أكثر من 100 مليار دولار.
ومن أكبر شركات الميليشيا مجموعة "خاتم الأنبياء" القابضة التى تتبعها شركات عديدة لكنها لا تذكرها على موقعها، وإن ذكرت القطاعات التى تعمل بها وتشمل تقريبا كافة مناحى الاقتصاد الإيرانى من التنجيم والثروة المعدنية إلى صناعة البتروكيماويات مرورا بالقطاع الصحى والزراعى.
وفى 2009، خلال حكم الرئيس السابق محمود أحمدى نجاد الذى أعطى ميليشيا الحرس الثورى مساحة نفوذ مهولة فى البلاد، اشترت شركة "اعتماد مبين" للتنمية التابعة للميليشيا شركة الاتصالات الحكومية مقابل نحو 8 مليارات دولار.
ولا يقتصر نشاط شركات الميليشيا فى قطاعى النفط والغاز على شركات مباشرة مثل شركة "سيبانير لهندسة النفط والغاز" وإنما هناك أيضا "مجموعة شهيد رجائى المهنية" وهى من أكبر شركات التشييد والبناء فى إيران ولها مشروعات فى كافة القطاعات.
كذلك أيضا شركة "صادرا إيران" للصناعات البحرية التى تبنى ناقلات النفط وتساهم أيضا فى أغلب مشروعات النفط والغاز فى البلاد.
فساد وإرهاب
وبعد إعادة انتخابه فى مايو، يسعى الرئيس حسن روحانى إلى تعظيم الاستفادة من الاتفاق النووى فى مجال تحسين الاقتصاد وجذب الشركات الأجنبية إلى البلاد.
لكن إمبراطورية ميليشيات الحرس الثورى الاقتصادية لا تعيق فقط اتفاقات الحكومة مع الشركات الأجنبية، بل تزيد من التحديات الاقتصادية أمام الحكومة فى الداخل الإيرانى.
فمع ارتفاع معدلات البطالة وشكوى المواطنين من تردى الوضع الاقتصادى إلى حد الاحتجاج على إنفاق المليارات على التدخل فى العراق وسوريا، يزداد ثراء قادة ميليشيات الحرس الثورى ممن يديرون أذرعها الاقتصادية.
وخلال العام الأخير، طالت حملات مكافحة الفساد عددا من هؤلاء، بل ضغطت الحكومة كى يتخلى الحرس الثورى عن بعض حصصه فى شركات معينة لصالح الحكومة، وتحاول أن تضغط أكثر لتقليص نفوذ الميليشيات خاصة فى القطاع المالى الذى يمثلهم فيه "أنصار بنك" على سبيل المثال.
ومن بين هؤلاء جنرال فى الميليشيا الحرس الثورى، يعرف بأنه العقل الاقتصادى للتنظيم، اعتقل فى وقت سابق من هذا العام وأطلق سراحه بكفالة على ذمة قضايا فساد.
كذلك ألقى القبض على عدد من أعضاء الميليشيا المسئولين عن نشاطها الاقتصادى وعدد من رجال الأعمال فى الأشهر الأخيرة.
وعثر فى منزل أحد قادة الحرس الذين ألقى القبض عليهم على ملايين الدولارات نقدا وتمت مصادرتها.