خلص تقرير لـ3 باحثين بصندوق النقد الدولى، إلى أن العقود المقبلة، ستشهد نهاية عصر النفط، وأكدوا أن التساؤل لم يعد ما إذا كان ذلك سيحدث أم لا، وإنما متى سيحدث ذلك.
وأرجع التقرير، الأسباب الذى يمكن القول بأنها ستؤدى لنهاية عصر النفط إلى التكنولوجيات الجديدة الأخرى، مثل انتشار السيارات الكهربائية وتوليد الطاقة الشمسية، والتى يمكن أن يكون تأثيرها أعمق على سوق النفط والطلب عليه فى الأجل الطويل، حيث يشكل استهلاك السيارات من الوقود حوالى 45% من استهلاك النفط فى العالم.
وتساءل التقرير، هل يلحق النفط بالفحم؟، وأشار إلى أن الفحم منذ مئة عام كان يشكل ما يقرب من 80% من حصة استهلاك الطاقة فى الولايات المتحدة، ولكن فقد هيمنته فى سوق الطاقة فى الولايات المتحدة خلال 20 عاما فقط، وأن النفط قد يسجل تراجعا بنفس السرعة.
وقارن التقرير بين بداية انتهاء عصر الفحم، فى عام 1917، مع بدء إنتاج أول سيارة من خط الإنتاج الكمى بسعر فى المتناول، ومع الفترة الحالية التى تتزامن مع بدء بعض الشركات طرح بعض طرازات السيارات الكهربائية بسعر يبلغ حوالى 35 ألف دولار يماثل سعر السيارات الجديدة فى أمريكا، وأشار إلى أنه مع صعود نجم السيارات الكهربائية والتكنولوجيا المتجددة، فإن العالم قد يشهد قريبا ثورة فى عالم النقل وتكنولوجيا الطاقة يمكنها أن تحدث تحولا فى سوق النفط كذلك التحول الذى لحق بسوق الفحم منذ قرن.
وتنبأ صندوق النقد الدولى، بأنه بحلول 2040، بأن السيارات الكهربائية قد تشكل 90% من إجمالى معروض السيارات فى الاقتصادات المتقدمة وأكثر من نصفه فى اقتصادات الأسواق الصاعدة، وتتنبأ دراسات أخرى بحدوث إحلال موسع للسيارات التقليدية، وإن كان بوتيرة أبطأ.
أما حصة النفط فى سوق توليد الكهرباء والتدفئة، بحسب التقرير المنشور على موقع مدونة صندوق النقد الدولى، لا تصل بالفعل إلى 20% على مستوى العالم، ومع انخفاض أسعار الطاقة المتجددة التى سجلت انخفاضا لتكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بنسبة قدرها 80% عن عام 2008 ومن طاقة الرياح بنسبة بلغت 60%، فإن هذه الحصة يمكن أن تتراجع أيضا.
وتشير توقعات المنتدى الاقتصادى العالمى إلى أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح غير المدعمة، المتوفرة بالفعل بأسعار تنافسية فى 30 بلدا، سوف تصبح أرخص من الفحم والغاز الطبيعى فى أكثر من 60% من العالم فى السنوات القليلة القادمة، وحتى بدون حدوث إنجازات تكنولوجية أخرى، فإن تغلغل الطاقة المتجددة سيكون أوسع انتشارا مع استكمال استثمارات الطاقة الإنتاجية الجارى تنفيذها فى الوقت الحالى.
وفيما يلى نصى تقرير "نهاية عصر النفط.. لم يعد التساؤل إذا ما كانت ستحدث وإنما متى"
بقلم: رضا شريف، وفؤاد حسنوف، وعاصم حسين
هناك ثورة فى عالم النقل فى سبيلها للظهور وقد تتسبب فى حدوث تحول جذرى فى سوق النفط خلال العقود المقبلة.
عندما هبطت أسعار النفط فجأة إلى النصف من 100 دولار للبرميل فى 2014، خلُصَت دراسة صادرة عن الصندوق إلى أن العوامل المتعلقة بالعرض مثل ظهور النفط الصخرى والتكنولوجيات الجديدة ستكون قوة رئيسية وراء بقاء أسعار النفط "منخفضة لمدة أطول"، ولكن هناك دراسات أحدث تشير إلى أن التكنولوجيات الجديدة الأخرى، مثل انتشار السيارات الكهربائية وتوليد الطاقة الشمسية، يمكن حتى أن يكون تأثيرها أعمق على سوق النفط والطلب عليه فى الأجل الطويل. وفى هذا الشأن أوضح ذات مرة الشيخ زكى يمانى، وزير النفط السعودى الأسبق، قائلا إنه "مثلما لم ينته العصر الحجرى بانتهاء الحجارة فإن عصر النفط لن ينتهى بنضوب النفط".
وكان الفحم منذ مئة عام يشكل ما يقرب من 80% من حصة استهلاك الطاقة فى الولايات المتحدة، وفى غضون 20 عاما انخفضت هذه الحصة إلى النصف، وانخفضت مرة أخرى خلال 40 عاما إلى الخُمس فقط مع إحلال النفط محل الفحم كمصدر الطاقة الرئيسى فى العالم، وقد حدث ذلك على الرغم من أن الفحم كان أرخص من النفط، وذلك لعدم وجود بديل فعلى لتوفير الطاقة للسيارات التى سرعان ما تحولت من كونها وسيلة انتقال شخصى فاخرة وغير مألوفة إلى الوسيلة المفضلة للانتقال، واليوم، يشكل استهلاك السيارات من الوقود حوالى 45% من استهلاك النفط فى العالم.
ومع صعود نجم السيارات الكهربائية والتكنولوجيا المتجددة، فإن العالم قد يشهد قريبا ثورة فى عالم النقل وتكنولوجيا الطاقة يمكنها أن تحدث تحولا فى سوق النفط كذلك التحول الذى لحق بسوق الفحم منذ قرن. وعلى غرار الفحم، فإن النفط قد ينال حصته من الهبوط الحاد فى الطلب على الطاقة خلال العقود المقبلة.
وقد شكل عام 1917 نقطة تحول حرجة، عندما باعت شركة فورد أول سيارة من خط الإنتاج الكمى بسعر فى المتناول. وربما كانت السيارات الكهربائية فى سبيلها لبلوغ نقطة تحول حرجة مماثلة، فقد بدأ العديد من الشركات فى طرح بعض طرازات السيارات بسعر يبلغ حوالى 35 ألف دولار، وهو تقريبا متوسط سعر السيارة الجديدة اليوم فى الولايات المتحدة. ومع ما تتميز به السيارات الكهربائية من انخفاض بالغ فى تكاليف صيانتها وتزويدها بالوقود، فلا يسعنا إنكار أنها قد تحل محل عدد كبير من السيارات التقليدية فى المستقبل غير البعيد. ولعل التساؤل لم يعد "إذا ما كان" ذلك سيحدث وإنما "متى؟".
وبناء على التجربة التى مرت بنا من إحلال السيارات محل الخيول فى أوائل القرن العشرين، فإن ورقة العمل التى صدرت مؤخرا عن الصندوق تتنبأ بأن السيارات الكهربائية قد تشكل 90% من إجمالى معروض السيارات فى الاقتصادات المتقدمة وأكثر من نصفه فى اقتصادات الأسواق الصاعدة بحلول عام 2040. وتتنبأ دراسات أخرى بحدوث إحلال موسع للسيارات التقليدية، وإن كان بوتيرة أبطأ.
ولكن أليست الزيادة فى الطلب على الكهرباء لتزويد هذه السيارات بالطاقة ستعطى دفعة لسوق النفط لتشغيل محطات توليد الكهرباء؟ ليس بالضبط. فإن حصة النفط فى سوق توليد الكهرباء والتدفئة لا تصل بالفعل إلى 20% على مستوى العالم، ويمكن أن تتقلص أكثر بصعود نجم تكنولوجيا جديدة أخرى، وهى الطاقة المتجددة.
وقد شهدت الطاقة المتجددة كذلك تطورات ثورية فى العقد الماضى، حيث انخفضت تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية منذ عام 2008 بنسبة قدرها 80% ومن طاقة الرياح بنسبة بلغت 60%.
وتشير توقعات المنتدى الاقتصادى العالمى إلى أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح غير المدعمة، المتوفرة بالفعل بأسعار تنافسية فى 30 بلدا، سوف تصبح أرخص من الفحم والغاز الطبيعى فى أكثر من 60% من العالم فى السنوات القليلة القادمة. وحتى بدون حدوث إنجازات تكنولوجية أخرى، فإن تغلغل الطاقة المتجددة سيكون أوسع انتشارا مع استكمال استثمارات الطاقة الإنتاجية الجارى تنفيذها فى الوقت الحالى.
وسواء تحقق الانتشار للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية بالسرعة التى تشير إليها التنبؤات، فإنها ستؤدى إلى مزاحمة الطلب على النفط بدرجة كبيرة على مدار العشرين سنة القادمة، وإذا ما تكثفت الشواغل المتعلقة بتغير المناخ فإن التحول الذى سيلحق بسوق النفط العالمية يمكن أن يكون أسرع. وربما أكثر من ذلك إذا ما تحقق النجاح للتكنولوجيات الجديدة الأخرى، مثل خلايا الوقود، أى توليد الطاقة باستخدام الهيدروجين، وتقاسم ركوب السيارات، وسيارات القيادة الذاتية. وبالتالى حتى إذا لم يكن بوسعنا التنبؤ بما ستؤول إليه أسعار النفط فى الأسبوع القادم أو الشهر القادم، فإن النفط بحلول عام 2040 سيكون أرخص كثيرا بالمقارنة بسعره اليوم، وعندئذ فإن القيمة المعادلة لسعر قدره 50 دولارا للبرميل ستبدو مرتفعة للغاية.
وفى ظل هذه الآفاق، ليس من المستغرب أن يتأهب منتجو النفط وصانعو السيارات فى الوقت الحالى لنهاية عصر النفط. فهناك الكثير من شركات السيارات تستثمر بكثافة فى تكنولوجيات السيارات الكهربائية – ومثال على ذلك ما أعلنته شركة فولفو مؤخرا من أن جميع طرازات سياراتها ستكون مزودة بمحركات كهربائية بحلول عام 2019، وبالمثل، كثير من البلدان المصدرة للنفط، التى تعتمد على العائدات النفطية لتمويل برامجها الحكومية وتوفير فرص العمل، توخت الحكمة بالفعل فى إطلاق مبادرات واسعة النطاق لتنويع اقتصاداتها لكى تتأهب لانخفاض أسعار النفط.