"الحل هو تدخل قوات الأمم المتحدة، لكنه أمر مستحيل، لأن الأمم المتحدة منذ تأسيسها وقعت أكثر من 65 حربا لم تستطع المنظمة الدولية وقفها، وقضية الروهينجا لم يتوقف العنف فيها منذ عشرات السنين، وإنما الإعلام هو الذى توقف عن نقل المعاناة هذه الأقلية المضطهدة، وما نشاهده اليوم هو جزء بسيط من الكل، والحل هو أن تتبنى الدول المسلمة تبنيا حقيقيا قضية مسلمى بورما حتى يحصلوا على حقوقهم".. هكذا بدأ الطالب "شعيب"، الدارس بالأزهر الشريف، من دولة بورما حديثه لـ"انفراد"، راصدا معاناة مسلمى بلاده من بطش الحكومة التى تقوم بتطهير عرقى للمسلمين بطريقة ممنهجة، عبر خطة موضوعة وتنفذ من عشرات السنين.
شعيب ذلك الطالب العشرينى الذى يحلم بالعمل فى مجال الإعلام وفضح ما ترتكبه قوات الجيش فى بلاده ضد المسلمين، أوضح أن بلاده تعرف تارة ببورما وتارة بميانمار، مرجعا هذا إلى أن بلاده شهدت تغيير اسمها والعلم الخاصة بها عدة مرات، حيث اعتمد الساسة هناك على الكهنة البوذيين والمنجمين، فكان التغيير يحدث بناء على نبوءة أحد الكهنة أو المنجمين أنه فى حالة تغيير علم البلاد سيمكث فى الحكم سنين طوال.
وأضاف "شعيب" أن التطهير العرقى بحق المسلمين يحدث منذ عشرات السنين وذلك بصورة ممنهجة، عن طريق حملات منظمة تهدف إلى إخلاء البلاد من المسلمين وتنظيف ميانمار منهم، وذلك بحسب تعبيرات بعض القادة هناك، مضيفا أن الحملة الأخيرة هى الأسوأ فى التاريخ، لافتا إلى أن القوميات هناك كثيرة ومسلحة ولديها روابط مع دول كبرى، بينما مسلمو الروهينجا هم القبيلة الأضعف وسط تلك القوميات، فتكالبوا عليهم وقرروا القضاء عليهم.
وأوضح شعيب أن التقارير الصادرة تقول إن المسلمين يمثلون 10% من سكان ميانمار، يتمركز معظهم فى ولاية أركان، بينما ينتشر القليل من المسلمين فى باقى الولايات، كما يتعرضون لمضايقات من عدم منحهم البطاقات القومية، مما يصعب عليهم الكثير من الأمور، كما أن الحكومة تعلم أنها إذا أرادت القضاء على المسلمين من الجذور فتكون البداية من أركان حيث الروهينجا.
وتابع شعيب أن هناك من يتخذ عدم تحدث الروهينجا اللغة البورمية ذريعة إلى أنهم ليسوا من بورما، خاصة أن معظمهم يتحدثون بلهجة قريبة من بنجلاديش، لافتا إلى التضييقات التى يلقونها بسبب عدم إصدار بطاقات الهوية لهم، مما يجعلهم لا يستطيعون إصدار جواز سفر لمغادرة البلاد، وإذا خرجوا منها فارين لا يمكن أن يعيشوا بسلام فى البلاد التى يلجأون إليها لأنهم لا يملكون هوية، كذلك إذا أرادوا العودة لا يستطيعون الدخول إلى بورما فيموتون فى البحر.
وأشاد الطالب شعيب بموقف الأزهر الشريف، وشيخه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وخطابه القوى تجاه الأحداث الراهنة، مؤكدا: "الأزهر له تاريخ وقيمة، فهو أقدم جامعة فى العالم ونحن نفتخر أننا ندرس فى الأزهر وفى مصر"، وتحدث شعيب عن طموحه لدى انتهائه من فترة التدريس هنا بالأزهر، قائلا: أرغب فى العودة والتدريس والعمل فى مجال الدعوة، لكن لا أعتقد أن هذا قد يحدث فى ظل الظروف الراهنة، فقد أغلقت المدارس والمساجد واتهم المسلمون بالإرهاب خاصة بعد تهديدات داعش للحكومة هناك، فألصقت تهمة الإرهاب بنا".
وعن اشتعال الأزمة مؤخرا قال شعيب إنها مكيدة ولعبة سياسية اتهم فيها عدد من المسلمين بالهجوم على 10 مراكز للشرطة وهو بالطبع افتراء، فكيف للاجئ يعيش فى المخيمات أن يحمل سلاحا، وذلك ليكون سببا فى اتهام المسلمين بالإرهاب، لافتا إلى أن هناك أحزابا صامتة ولا تشكل ضغطا على الحكومة، موضحا أن رئيسة الوزراء الحاصلة على جائزة نوبل كانت ترفض ممارسات الجيش ضد الروهينجا، ولكنها الآن صامتة مما يعد تواطأ منها فيما يتعرض له المسلمون.
ولخص شعيب حل الأزمة فى تدخل أممى بقوات لحفظ السلام، لكنه رجح أن هذا الأمر لن يحدث فقد قامت عشرات الحروب ولم نشاهد دورا للأمم المتحدة، فلا ننتظر أن تتدخل دول غير إسلامية وترسل جيوشها لحماية المسلمين، واصفا بعض مواقف الدول الإسلامية بالقوى كموقف مصر وتقدمها بطلب فى الأمم المتحدة، وكذلك دعوة الأزهر للحصار الاقتصادى لبورما، ولكن ما زال هناك بعض الدول تتبع لهجة لطيفة مع الأزمة والتى ينبغى أن تكون أشد من ذلك، فمواجهة الحكومة فى بورما لن يكون عن طريق الإدانات والشجب فقط لأن الحكومة البورمية ليس لديها حياء أصلا وتفعل ما تريد مهما تكلم المتكلمون.
وتابع شعيب حديثه: "مؤتمر الأزهر الشريف الذى عقد عن بورما وهو الأول من نوعه اهتم به الإعلام المصرى، بينما تجاهله الإعلام فى بورما"، لافتا إلى أن اللجنة الدولية التى شكلتها رئيس الوزراء برئاسة كوفى عنان تتجنب أن تذكر كلمة الروهينجا وهو أمر طبيعى، لأن هى التى كلفته.
وعن دور سفارة بلاده بالقاهرة قال: هناك تجاهل تام لنا من قبل سفارتنا حتى أثناء مرور مصر بفترة من عدم الاستقرار كنا نرى اهتمام سفارات دول العالم بطلابها إلا نحن، لافتا إلى أنهم رأوا مرة واحدة فقط السفير، وحاول أن يوهمهم بأن ما يحدث هناك فى بورما هو تضخيم إعلامى فقط.
وعن تشكيك البعض فى تلك المشاهد من قتل وحرق قال: "الناس معذورون فقط يقولون إن تلك المشاهد ليست حقيقية وإنها قد تكون مشاهد سينمائية نظرا لأنهم لا يريدون أن يصدقوا أن هناك أناسا الآن يحملون كل هذا الحقد والكراهية لآخرين، ولكنى أقول لهؤلاء إن هناك ما هو أفظع وأبشع مما تروه من قتل وذبح واغتصاب بحق الروهينجا"، كاشفا أن الحكومة هناك تدرب أناسا غير متعلمين يربونهم على السمع والطاعة شكلهم مخيف قلوبهم حجر ينفذون تلك المجازر دون رحمة، وهم قوات خاصة فى زى مدنى تدربوا من أجل ذلك، حتى أن البعض يقول إنهم يتناولون أدوية حتى لا يشعرون بما يفعلون، هذا بالإضافة إلى الميلشيات التابعة للأعراق الأخرى والتى تهجم على المسلمين محملين بخطاب الكراهية.
وأضاف أن دول الجوار اتخذت مواقف إجابية ولكن العيب فى حكومة ميانمار التى لا تستمع لأحد، اعتمادا على حماية الصين لها واستخدامها حق الفيتو، وكل ذلك بمقابل، حيث إن ثروات البلاد تذهب للصين، حيث إن هناك خطوطا للغاز تمر من بورما إلى الصين، وذلك عن طريق المنطقة التى تشهد الأحداث، فالحكومة تبيع البلاد للصين مقابل حماية النظام واستخدام حق الفيتو.