منذ أن أعلن "الرباعى العربى" مصر والسعودية والإمارات والبحرين، خطواتهم التاريخية غير المسبوقة ضد إمارة قطر لدعمها وتمويلها الكيانات والجماعات المتطرفة والإرهابية فى المنطقة، واقتصاد إمارة "تنظيم الحمدين" يتكبد خسائر فادحة يوما تلو الآخر.
وبعد أن كشفت تقارير اقتصادية غربية عن عزم جهاز قطر للاستثمار بيع مبنى إدارى فى منطقة "كانارى وارف" المالية فى لندن كانت تؤجره لشركة "كريدى سويس جروب"، أكد محللون اقتصاديون أمريكيون أن تغيير "الخطوط القطرية" مسارها للمرور فوق تركيا وإيران، كبدها تكاليف باهظة ليس على المدى القصير فحسب، بل قد تفقد مكانتها فى سوق دول مجلس التعاون الخليجى ككل.
وكان قد استعان صندوق الثروة السيادية القطرى بوسطاء من شركة "CBRI" وشركة "جونز لانج لاسال" لطرح المبنى بثمن 450 مليون جنيه إسترلينى أى حوالى 610 ملايين دولار، ورفض متحدث باسم جهاز قطر للاستثمار التعليق على الخطة، وفقا لما ذكرته مؤسسة كوستار العقارية.
ومنذ اتخاذ "الرباعى العربى" الداعى لمكافحة الإرهاب إجراءاته ضد قطر المتورطة فى دعم الإرهاب، اتجه صندوقها أخيرًا إلى تخفيض أصوله الخارجية، فيما اعتبره محللون محاولة لمواجهة الضغوط المتزايدة على الاقتصاد القطرى منذ الأزمة القطرية.
وخفض الصندوق الأسبوع الماضى حصته فى مجموعة "تيفانى" للمجوهرات، بعدما اتخذ خطوة مماثلة فى تخفيض حصصه فى شركة "روسنفت" الروسية العملاقة للطاقة وبنك كريدى سويس السويسرى.
وكانت قد انخفضت حصة جهاز قطر للاستثمار فى كريدى سويس، وهى أحد الاستثمارات الأجنبية البارزة للصندوق السيادى، وذلك فى الوقت الذى نشرت فيه وكالة "فيتش" للتصنيف الائتمانى تقريرا أكدت فيه أن مصارف قطر قد تلجأ لرفع تكاليف الاقتراض نتيجة لتقلص الودائع غير المحلية والقروض بين المصارف.
فيما نقلت وكالة "بلومبيرج" الأمريكية فى تقرير لها نشرته الأسبوع الماضى، إحصاءات عن البنك المركزى القطرى تفيد بأن ودائع القطاع الحكومى فى البنك ارتفعت منذ يوليو الماضى بنحو 53 بليون ریال، أى أن الضخ الحكومى ارتفع لأكثر من 10.5.%
خسائر الخطوط القطرية
وأكد محلل شئون الشرق الأوسط فى معهد واشنطن سيجورد نيوباور أن شركة الخطوط الجوية القطرية أعلنت عن خسائر تشغيلية قدرها 703 ملايين دولار للسنة المالية 2017، وقد كان ذلك بعد تلقى ما يقرب من 500 مليون دولار فى شكل إعانات.
وكانت قد ذكرت تقارير اقتصادية إن أداء شركة الخطوط الجوية القطرية كان الرابع الأسوأ فى صناعة الطيران العالمية بأكملها، والقضية الرئيسية هى أّن هذا الأداء المالى الباهت قد وقع قبل تقييد حقوق التحليق، أى قبل مقاطعة الدول الأربعة، وهو ما يجعل هذا التقييد الجوى أكثر تكلفة لشركة الخطوط الجوية القطرية اليوم.
وقال محللون بعد رحلة لمسئولين ومنظمات إلى الدوحة مولتها الحكومة القطرية من أجل أن يعملوا على تلميع الدوحة واقتصادها فى الصحافة العالمية ومراكز البحوث، أن الخطوط الجوية القطرية أصبحت بالفعل ضحية فى الأزمة، سواء كان ذلك بإجبارها على تقليص أعمالها على خطوطها العالمية أو بمواجهة احتمال الإفلاس.
وفيما تسعى حكومة قطر إلى التقليل من مخاطر الأزمة على اقتصادها وعلى الخطوط الجوية التابعة لها على وجه التحديد من خلال التأكيد على أّن أعمالها الخليجية وحدها هى التى تأثرت وأّن مختلف الرحلات العابرة للقارات التى تصل الدوحة بالأمريكيتين وأوروبا وأفريقيا وأسيا لم تتأثر، فإنها بهذا القول تغامر بنفسها وقد تقع قريبا فى هاوية الإفلاس.
خسائر مصارف قطر
وقالت مصادر خليجية أن بنوك الريان وبروة وقطر الدولى، ستعلن خلال أيام قليلة، عن نتائج دراسة الجدوى الاقتصادية لاندماج البنوك الثلاثة، بعد أن تكبدت أكبر خسائر منذ 10 سنوات.
ووفقا لصحيفة "الرأى" الكويتية، فأنه من المنتظر اتخاذ القرار النهائى قبل نهاية العام الحالى، تمهيداً لبدء تنفيذ عملية الاندماج الفعلى فى الربع الأول من 2018، بعد الحصول على الموافقات اللازمة من الجمعيات العمومية لهذه البنوك، وموافقات الجهات المختصة.
وأظهرت بيانات من بنك قطر المركزى أن الدوحة ضخت 29.1 مليار ريال أى حوالى 8 مليارات دولار، فى نظامها المصرفى فى أغسطس لتعويض الأموال التى سحبتها مؤسسات مالية من دول عربية مجاورة بسبب الأزمة الدبلوماسية الخليجية.
وأكدت مصادر مصرفية مطلعة حسب "الرأىط أن هناك إصراراً من البنوك الثلاثة على استكمال عملية الاندماج، بعد الانتهاء من عمليات التدقيق التفصيلية المالية والقانونية التى تشمل البنوك الثلاثة، والتى تتولاها حالياً شركة استشارات كبرى متخصصة فى هذا المجال، والتى من المتوقع انتهاؤها قبل نهاية العام.
وأدت الأزمة الحالية التى اندلعت بفعل مقاطعة قطر لدعمها الإهارب، من جانب مصر والسعودية والإمارات والبحرين، إلى قيام الحكومة القطرية بضخ ودائع فى بنوك البلاد بلغت 6.9 مليار دولار فى يوليو و10.9 مليار دولار فى يونيو الماضى.
بنوك قطر تسعى للاقتراض من الخارج
وأضافت المصادر أنه يتم حالياً استكمال بحث المراكز المالية والحسابات المالية الكاملة لكل بنك، من خلال اللجنة المشكلة لمتابعة عملية الاندماج، موضحة أن العام الحالى سيشهد استكمال جانب كبير من هذه الإجراءات، وبحث الدراسة الشاملة التى وضعتها الشركة الاستشارية عن احتمالات الاندماج.
وأشارت إلى أنه يتم حالياً إجراء عملية تقييم شامل وكامل للبنوك الثلاثة وحصصها فى السوق المحلى والخارجى، وأصولها المالية والمعنوية والمحافظ الاستثمارية والعقارية والودائع ومحفظة التمويل والقروض، وما يتبع عملية الاندماج من إعادة الهيكلة الإدارية والمالية بشكل واسع.
انخفاض الودائع الأجنبية
وشهدت المصارف القطرية نزوح 30 مليار دولار من الودائع الأجنبية فى المصارف القطرية فى شهرى يونيو ويوليو الماضيين عقب المقاطعة العربية.
كما قام جهاز قطر للاستثمار بضخ ما يقارب 40 مليار دولار من إجمالى احتياطات 340 مليار دولار، لدعم الاقتصاد والنظام المالى فى الشهرين الأولين من بدء المقاطعة.
وهبطت ودائع العملاء الأجانب، ومعظمها بالعملة الصعبة، فى بنوك قطر إلى 148.97 مليار ريال فى أغسطس/آب من 157.2 مليار ريال فى يوليو.