"السادات وهيكل".. عندما تتحول الصداقة إلى عداء بسبب السياسة.. التعاون المثمر للثنائى فى أوج مجده بخطة الخداع الاستراتيجى للعبور.. وكتاب "اللا نصر واللا هزيمة" يسدل الستار على علاقة الأستاذ بالرئاسة

بدأت علاقة الاستاذ بالرئيس الراحل أنور السادات بالاتفاق والتقارب فى وجهات النظر وانتهت بالعداء بعد فترات وجيزة من حكم الأخير، فعندما تولى الرئيس الراحل أنور السادات عام 1970، حاول الأستاذ مساندته فى الحكومة والسياسة والصحافة وسعادة فى ذلك أن الأول كان على دراية بعلاقة الأخير الحميمة بنظيره الراحل جمال عبد الناصر وشاهدا عليها، ويمكن القول بأن الجورنالجى استطاع أن يكسب معركة الصراع الحاد مع مراكز القوى وهو ما اعترف به السادات نفسه عندما حكى تفاصيل الفترة الأخيرة فى المعركة التى كانت مقامة على السلطة وانتهت بأحداث مايو أو ثورة التصحيح.

علاقة هيكل بالسادات اشتدت أكثر فى فترة الإعداد لحرب أكتوبر 1973 بمشاركة هيكل من خلال ما سمى بخطة الخداع الاستراتيجى للعدو من خلال بعض الكتابات على سبيل المثال حديثه عن الصعوبات التى تواجه أفراد الجيش المصرى لعبور قناة السويس ودخولها فى معركة ضد العدو الصهيونى على الرغم من الانتقادات التى وجهت للأستاذ بسبب تلك الكتابات والتى لم يفهم مغزاها كثيرون فاتهموه بإشاعة الروح الانهزامية بين أفراد القوات المسلحة.

وكعادة "هيكل" لم تمنعه علاقته بالسادات من توجيه اللوم والعتاب له حيث بدأ الخلاف يشب بينهما بسبب الطريقة التى تم إتباعها بعد ذلك مع إسرائيل وبلغ الخلاف أشده عندما قرر الأول نقله من مؤسسة الأهرام وتعيينه مستشارا له فى 1974 فاعتذر هيكل وقرر الاعتكاف فى منزله والتفرغ لتأليف الكتب السياسية.

وانطوت صفحات علاقتهما عندما تحدث السادات أمام الكاميرات فى عام 1981 قائلا عن هيكل إنه لم يعد صحفيًا بل سياسيًا، وعليه أن يترك الصحافة إلى السياسة، و"ليس من حقه كصحفى أن يناقش القرار السياسى، فتلك مسئولية الرئاسة".

وبعدما كتب هيكل عن "اللا نصر واللا هزيمة"، أصدر السادات فى العام نفسه قرارًا باعتقال هيكل فى 1981 ضمن حركة الاعتقالات التى طالت رموز العمل السياسى والصحفى بحجة أنه يساهم فى إشعال الفتنة بكتاباته فى البلاد وفى حقيقة الأمر كان الاعتقال متعلقًا بموقفه المناهض لطريقة تعامل مصر مع إسرائيل وأمريكا لأن السادات فى وجهة نظره كان يعطى لأمريكا دورًا أكبر مما تستحقه على الرغم من الانتصار الذى حققه فى حرب أكتوبر وكان بسلاح آتيا من الاتحاد السوفيتى.

ووفقا لما كتبه "هيكل": "تلاقينا واتفقنا واختلفنا كثيراً وظللنا أصدقاء حتى جاءت حرب أكتوبر 1973 وانتهت، ثم تباعدت زوايا الرؤية لأن الرجل وجد بعد حرب أكتوبر أنه يستطيع تأسيس شرعية مختلفة تصدر عن مرجعية مختلفة. وهناك تباعدت الطرق، وكان طبيعياً أن تتباعد وإلا نزلت العلاقة بين السياسى الصحفى من مستوى الصداقة لفكرة أو لمشروع إلى مستوى التبعية لرجل أو لسلطة!".. هكذا كتب الأستاذ فى كتابه "أكتوبر 73": "السلاح والسياسة"، الذى يتحدث فيه عن موقفه من الرئيس الراحل أنور السادات بسبب طريقة تعامله فيما بعد حرب أكتوبر مع أمريكا وإسرائيل، ورغبته فى إبرام اتفاقية السلام مع الأخيرة مستشهدا بالرسالة التى بعث بها السادات لوزير الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر آنذاك فى اليوم التالى لحرب أكتوبر بعدما حققت القوات المصرية انتصارات ساحقة، وقال فيها السادات إن مصر لا تعتزم تعميق مدى الاشتباكات أو توسيع مدى المواجهة، فعلق هيكل على ذلك فى كتابه أنها المرة الأولى فى التاريخ يصارح فيها طرف محارب خصمه بخطته كاملة.

ولم يكن هذا هو الكتاب الوحيد التى تحدث فيه الأستاذ عن طريقة تعامل ومعالجة السادات للحرب منتقدا إياه ولكن أيضا هناك كتاب خريف الغضب والذى يسرد فيه هيكل الأسباب التى أدت إلى موت السادات على هذا النحو. ولكن يقال فى بعض الشهادات الصحفية أن هيكل سرعان ما هدا من وطأه هجومه للسادات فى الثمانين من عمره وأثنى عليه فى استرداده لأرض سيناء فى الوقت الذى مازالت سوريا وفلسطين يدفعا الثمن فيه.

وتتجه الشهادات التى وثقت لتلك المرحلة إلى وجود أسباب بعينها أدت إلى نشوب حالة العداء هذه ما بين هيكل والسادات أولها الخلاف حول الطريقة التى عالج بها مظاهرات الطلبة أواخر 1971: "إذا كان يرى أن العنف ليس وسيلة الحوار مع الشباب، ومعالجة السادات لموضوع الفتنة الطائفية، ومسألة الوحدة مع ليبيا، وطريقة السادات فى إجراء اتصالات خفية مع أمريكا عن طريق قناة اتصال خاصة، واعتذار هيكل عن إجراء مفاوضات سرية مع كيسنجر على أساس أن هدف التفاوض ليس واضحا أمامه، وأخيرا الإدارة السياسية لحرب أكتوبر، وكان هيكل يرى نتائج الحرب تضيع واحدة بعد الأخرى، وراح يكتب رأيه بشكل لا لبس فيه فى مجموعة مقالات جُمعت بعد ذلك فى كتاب "عند مفترق الطرق"، وبعدها كتب تحت عنوان "أسلوب التفاوض المصرى" أواخر ديسمبر 1973 مما أثار حفيظة السادات تجاهه.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;