عندما تولى الرئيس الأسبق حسنى مبارك رئاسة الجمهورية كان على دراية تامة بمكانة الأستاذ الصحفية والسياسية، وعلاقته بالرؤساء الذين سبقوه وتشكيله حجر الزاوية فى حياتهم والدافع وراء اتخاذهم لمزيد من القرارات أو التراجع عنها.
بداية التودد فى جلسة الساعات الست
وفور تولى الرئيس الأسبق حكم مصر قام بالإفراج عن كافة المعتقلين فى عهد نظيره الراحل أنور السادات، ومن بينهم الأستاذ "هيكل" الذى رأى فى تصرفه هذا بداية جديدة مبشرة، بعدما دعاه إلى قصر الرئاسة ودار حديث بينهما امتد لست ساعات متواصلة، وبالفعل، بدأت جسور العلاقة بين الطرفين وأعلن هيكل عن تأييده الشخصى لمبارك فى البداية ودعا جميع المواطنين لمساندته لينجح فى أداء مهمته بنجاح.
مبارك يرتدى عباءة عبد الناصر من أجل استقطاب الأستاذ
حاول مبارك انتهاج سياسة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى علاقته بهيكل حيث حاول التقرب منه أكثر من مرة وأعطاه صلاحية للاتصال به فى أى وقت يشاءه، ولكن هيكل لم يفعل هذا حتى عندما علم مبارك بسفر الأخير لتلقى العلاج فى ألمانيا عرض عليه أن يكون هذا على نفقة الدولة ولكن "هيكل" رفض وهكذا باتت محاولات مبارك فى التودد للأستاذ تبوء بالفشل مرة تلو الأخرى خاصة بعدما قرر هيكل أن يبتعد عن الدائرة المحيطة بالرئيس الأسبق، والاكتفاء بالكتابات التى كانت تزعج مبارك ورجاله فى غالبية الأحيان.
معركة المنصورة تكشف حجم مبارك أمام "هيكل"
وفى كتابه الذى قدمه بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بعنوان: "مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان" يقول هيكل عن علاقته بمبارك فى البداية كانت علاقة محدودة وفاترة وفى كثير من الأحيان مشدودة ومتوترة"، متحدثا عن اللقاءات التى جمعت بينهما عن طريق المصادفة، ومنها اللقاء الذى جرى فى مكتب الفريق محمد صادق وأثناء معارك أكتوبر عندما ذهب هيكل إلى مركز القيادة العامة للمعركة وكان على موعد مع القائد العام الفريق أحمد إسماعيل، وهناك أقبل نحوه مبارك وسأله: "كيف عرفت بتفاصيل المعركة التى جرت فوق قاعدة المنصورة؟! ونشرتها فى الأهرام مع أن المعركة لم يعرف تفاصيلها سوى الرئيس السادات فقال له هيكل: عرفناها من الرئيس نفسه"، وهنا رد عليه مبارك: "ياه دا انتم ناس جامدين قوى!!" وهنا أدرك مبارك حجمه الحقيقى أمام الأستاذ فكانت هذه الكلمات كافية بأن تبعد بين الطرفين.
خطاب الجامعة الأمريكية يدق المسمار الأخير فى نعش العلاقة بين الرئيس والصحفى
وتوترت العلاقة بين الطرفين بعدما ألقى الأخير محاضرة فى الجامعة الأمريكية عام 2002، قال فيها إن السلطة شاخت فى مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، فلابد أن نقول كفاية".. فى إشارة إلى ضرورة رحيل مبارك عن الحكم"، وكان هذا الحديث كفيلا لإثارة انتباه الجميع حول مخطط التوريث الذى سعى إليه الرئيس الأسبق حسنى مبارك فتساءل الأخير لماذا يكرهنى هيكل هكذا؟. وقد سبق هذا الموقف ما جرى من تمرير القانون 93 لسنة 1995 لنقابة الصحفيين وقتها وجه رسالته القوية للنظام وقد كانت صفعة مدوية عندما قال إن هذا القانون فى ظنى يعكس سلطة شاخت فى مواقعها وهى تشعر أن الحوادث قد تجاوزتها.