أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى "السوشيال ميديا" سمة العصر، ولكن بالرغم من ذلك فقد تحولت تطبيقات تلك الوسائل لأداءة مراقبة دقيقة لكل أفعالنا وأسرارنا، وتجميع المعلومات عنا برضانا دون أن ندرى، فقد سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على مخاطر المعلومات الشخصية والسرية التى نفصح بها عند استخدامنا التطبيقات الحديثة على وسائل التواصل الاجتماعى مثل فيس بوك ، وغيره من المواقع، خاصة تلك المواقع التى يجب أن تعرف نفسك عليها للمواعدة مثل تطبيق "تيندر".
وترصد كاتبة المقال، جوديث دوبورتايل، فى مقال لها تحت عنوان "طلبت من تطبيق تندر الحصول على بياناتى، فأرسل لى 800 صفحة من أعمق وأحلك أسرارى"، كيف حصلت على بياناتها من التطبيق بموجب قانون الاتحاد الأوروبى لحماية البيانات، لتجد معلومات تشمل ما أعجبت به على موقع "فيس بوك" وصورها على انستجرام، حتى تلك الصور التى قامت بحذفها، ولتجد كذلك صفات الرجال التى تهتم عادة بها وكم مرة تواصلت مع رجل وموعد ومكان جميع المحدثات التى تمت على الموقع والقائمة تطول.
ونقلت الكاتبة عن أوليفر كيس، عالم البيانات فى جامعة واشنطن "فزعت من كم البيانات والمعلومات ولكنى لست متفاجئ، فكل تطبيق نستخدمه بانتظام على هواتفنا المحمولة يمتلك نفس الكم من المعلومات، فيس بوك وحده لديه آلاف الصفحات الخاصة بك".
ومضت جوديث تقول إنها شعرت بالذنب وهى تتصفح بياناتها لأنها شعرت بالدهشة حيال كم المعلومات التى أفصحت عنها بشكل تطوعى من مواقع واهتمامات ووظائف وصور وذوقها فى الموسيقى والطعام المفضل لديها، لافتة إلى أنها سرعان ما أدركت أنها ليست وحدها، فهناك 50 مليون مستخدم على تطبيق "تندر" يقومون الشئ نفسه. ووفقا لدراسة أجريت فى يوليو 2017، مستخدمو تندر على استعداد بشكل كبير للكشف عن معلومات دون إدراك منهم لذلك.
ويقول لوك ستارك، عالم الاجتماع في مجال التكنولوجيا الرقمية في جامعة دارتموث: "يتم إغرائك حتى تتخلى عن كل هذه المعلومات..تطبيقات مثل تندر تستفيد من ظاهرة عاطفية بسيطة؛ وهى أننا لا يمكن أن نشعر بالبيانات، لهذا رؤية كل شئ مطبوع تدهشك".
وتضيف جوديث أن قراءتها لأكثر من 1700 رسالة على تطبيق تندر منذ 2013، أخذتها فى رحلة من آمالها ومخاوفها وتفضيلها الجنسى وأعمق أسرارها، قائلة "تندر يعرفنى جيداً، بل يعرف النسخة الحقيقية المعيبة التى قالت نفس النكتة لثلاثة رجال التقتهم على التطبيق، وتبادلت الحديث مع 16 شخصاً مختلفاً فى نفس الوقت يوم رأس السنة.
يقول أليساندرو أكيستي، أستاذ تكنولوجيا المعلومات في جامعة كارنيجي ميلون: "ما تتحدثون عنه يعرف باسم المعلومات الثانوية الضمنية المكشوفة"، مضيفاً "تندر يعرف أكثر من ذلك بكثير عنك عند دراسة السلوك الخاص بك على التطبيق. فهو يعرف مدى توافدك عليه والأوقات التى عادة ما تستخدمه فيها، بل ويعرف نسبة الرجال البيض،و الرجال السود،و الرجال الآسيويين التى تطابقت معك، وأى أنواع من الناس مهتمون بك. والكلمات التي تستخدم أكثر من غيرها. وكم من الوقت يقضي الناس على صورتك قبل مراسلتك، وغيرها من الأمور".
وأضاف أكيستى أن البيانات الشخصية هي وقود الاقتصاد. ويتم تداول بيانات المستهلكين والتعامل معهم بغرض الإعلانات.
وتساءلت الكاتبة ماذا سيحدث إذا تعرض هذا الكنز من البيانات إلى القرصنة، أو تم عرضه ببساطة حال اشترته شركة أخرى بغرض الإعلان وبحث الأنماط الشخصية وما تفضله لتوفير السلع التى يرغبون بها، وتجيب أنها ستشعر بالعار والحرج.
وتقول إن سياسة الخصوصية الخاصة بتطبيق تندر تنص بوضوح على أنه "يجب ألا تتوقع أن تظل معلوماتك الشخصية أو محدثاتك أو اتصالاتك الأخرى آمنة".
وأضافت جوديث: عادة ما يقارن تطبيق تندر بحانة مليئة بالعزاب، ولكن تلك الحانة أشبه بحانة مليئة بالعزاب الذين تم اختيارهم لى (بناء على ميولى وأفكارى وطبيعتى وما أفضله) بينما يتم دراسة سلوكى، وكأنما يتم قراءة مذكراتى الخاصة.
وختمت جوديث مقالها قائلة إن ما تمر به هو ما يمر به أبناء جيلها الذين لا يستطيعون الاستغناء عن الهواتف المحمولة، وهذه حقيقتها، التى يشكلها الآخرون بشكل مستمر، ولا مجال لمعرفة كيف يفعلون ذلك.