رزانة، وبلاغة، ودقة، وحسن صياغة، وبُعد نظر، صفات يجب أن تفرض نفسها فرضًا لمن ينال لقب "كاتب خطابات الرئيس"، فهى مهنة غاية فى الدقة والخطورة، فكلمة واحدة قد تنهى مشوار تُوّج بإنجازات عديدة، فقديمًا قالوا "الكلمة سلاح"، وما أقوى السلاح إذا أمسك به فقيه مثل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل.
عُرف عنه أنه كاتب خطابات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والقليل من خطابات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فلم يُكمل مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات بسبب التطور الذى سيطر على العلاقات بينهما.
"خطاب السويس"
"تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية"، بهذه الكلمات خطب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خطاب "تأميم قناة السويس" ليُثلج صدور الشعب المصرى، كان لهذا الخطاب تأثير كبير على المصريين والعرب على حد سواء، فاستطاعت الكلمات التى احتوى عليها هذا الخطاب أن تدخل قلب المواطنين سريعًا دون حاجة الرئيس إلى عناء وجهد زائد، يُعد هذا الخطاب الأهم فى خطابات جمال عبد الناصر بأكملها، وفى الخطابات التى كتبها الراحل محمد حسنين هيكل.
"خطاب الوحدة المصرية السورية" 1958م
"أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة لقد كان الكفاح من أجل الوحدة هو بنفسه الكفاح من أجل القوة، من أجل الحياة ولقد كان التلازم بين القوة والوحدة أبرز معالم تاريخ أمتنا، فما من مرة تحققت الوحدة إلا وتبعتها القوة".. بهذه الكلمات المؤثرة ألقى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خطاب إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، الذى كتبه الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، ليصحب الخطاب تصفيق حاد من جموع الشعب وأعضاء مجلس الأمة أمامه، ولا شك أن الوحدة بين مصر وسوريا كانت حدثًا عظيمًا ومهمًا فى تطور أحوال مصر والعالم العربى.
"خطاب انفصال الوحدة" 1961م
"اليوم أعلن إليكم جميعًا أننى إذا كنت قد رفضت أن تكون الحرب العسكرية وسيلة إلى تدعيم الوحدة، فإننى أرفض الآن أن تكون الحرب الأهلية بديلا عن ذلك"، كلمات مقنعة احتوى عليها خطاب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بالأسباب التى دعته إلى إعلان الانفصال، ليخرج على الجماهير ويعلنها صريحة أنه لا يريد اقتتال بين الشعب المصرى والسورى وأن شروط الوحدة التى كان قد وضعها فى الخطاب السابق لن تتحقق على أرض الواقع، كتب هذا الخطاب الراحل محمد حسنين هيكل.
"خطاب التنحى" 1967م
"لقد قررت أن أتنحى تمامًا ونهائيًا عن أى منصب رسمى وأى دور سياسى وأن أعود إلى صفوف الجماهير أؤدى واجبى معها كأى مواطن آخر"، كلمات جعلت عيون جموع المواطنين من الشعب المصرى تزرف دموعًا، اخترقت القلب سريعًا وجعلت الجميع يشعر بالحزن بعد هذا القرار، خطاب يصفه أعتى السياسيين فى العالم بأنه الأهم فى تاريخ جمال عبد الناصر، كتبه له الأستاذ محمد حسنين هيكل، ليوثق بذلك حدثًا فى غاية الأهمية، فنتيجة لهزيمة أو نكسة 67 اتخذ الراحل جمال عبد الناصر هذا القرار.
لم يكتب الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل الخطابات للزعيم جمال عبد الناصر فقط، بل إنه كتب خطابات السادات فى الأعوام الأولى لحكمه، فنذكر أهم خطابين كتبهما محمد حسنين هيكل للسادات.
"التوجيه الإستراتيجى لحرب أكتوبر" 1973م
"التمنى بلا إرادة نوع من أحلام اليقظة يرفض حبى وولائى لهذا الوطن أن نقع فى سرابه أو ضبابه، عاهدت الله وعاهدتكم أن أثبت للعالم أن نكسة 67 كانت استثناء فى تاريخنا وليست قاعدة"، كلمات مليئة بالتحدى فى العام الذى استطاعت مصرفية بقيادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن تنتصر رغم هزيمة 67، كلمات ملأها الاتحاد والقوة والشجاعة، كان هذا الخطاب الذى كتبه الراحل محمد حسنين هيكل من أفضل خطابات السادات وأهمها على الإطلاق، فاستطاعت أن ترفع من معنويات الشعب المصرى والجنود على حد سواء.
خطاب "الدرع والسيف" 1973م
"إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف أنه قد أصبح له درع وسيف وعليه أن يعرف الآن أن هذه المنطقة قادرة على أن تمنح وتمنع ولقد كنا نطمئن بعطف العالم لكننا الآن نعتز باحترام، وأن أفضل احترام العالم بغير عطف على عطف العالم إذا كان بغير احترام"، كلمات قوية وذات هيبة وفخر واعتزاز قالها الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى الخطاب الذى عُرف بأنه خطاب "الدرع والسيف"، وصحب هذا الخطاب تصفيق حاد من قِبل المواطنين، كان قد كتبه أيضًا الراحل محمد حسنين هيكل.