"لما تقابل الحسين ومن معه مع جند الكوفة نادى الحسين زعماء أهل الكوفة قائلاً لهم: يا شبث بن ربعى، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، ويا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إلى أنه قد أينعت الثمار، واخضر الجناب، وطمت الجمام، وإنما تقدم على جند لك مجند، فأقبل؟!. قالوا: لم نفعل، فقال: سبحان الله! بلى والله لقد فعلتم، ثم قال: أيها الناس، إذا كرهتمونى فدعونى أنصرف عنكم إلى مأمني" هكذا يصف ابن حجر العسقلانى ما حدث لسيد الشهداء، يوم 10 محرم سنة 61 هجرية، عندما وقف وحيدا فى مواجهة الموت بينما سيوف المتربصين به تلمع فى الشمس.. لم يكن وحيدا بالمعنى الحقيقى للكلمة كانت روح جده تراقبه حيث جاء فى مسند أحمد بتحقيق شعيب الأرنؤوط الجزء الرابع،حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبى عمار عن ابن عباس قال "رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام بنصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه أو يتتبع فيها شيئا قال قلت يا رسول الله ما هذا قال دم الحسين وأصحابه لم أزل أتتبعه منذ اليوم قال عمار فحفظنا ذلك اليوم فوجدنا قتل ذلك اليوم" اسناده قوى على شرط مسلم، وأخرجه الطبرانى 2822 و12834 وأخرجه الحاكم 4 / 297 و398 من طرق عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبى.
وفى البداية والنهاية لابن كثير فى الجزء الثامن، كتب يقول فكل مسلم ينبغى له أن يحزنه قتله رضى الله عنه ويقصد "الحسين"، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التى هى أفضل بناته، وقد كان عابدا وشجاعا وسخيا.
ومن المتورطين فى قتل الإمام الحسين:
يزيد بن معاوية:
قال الذهبى فى سير أعلام النبلاء الجزء الرابع بشأن يزيد بن معاوية : وكان فظا غليظا جلفا، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر، افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة ، فمقته الناس. ولم يبارك فى عمره. وخرج عليه غير واحد بعد الحسين.
وأما يزيد، فظاهر الأمر أنه كره قتل الحسين - رضى الله عنه - وحاول أن يمنعه من الخروج، فكتب إلى ابن عباس، يسأله أن يكف الحسين عن الخروج، وحين وضعت الرأس الشريفة بين يديه وقال: لعن الله ابن مرجانة كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، أما والله لو أنى صاحبه لعفوت عنه
أهل الكوفة
إن أهل الكوفة هم الذين كاتبوا الحسين بن على وهو فى المدينة، ومنَّوه بالخروج حتى خرج إليهم، بالرغم من تحذيرات الصحابة له بعدم الخروج، ولما أصبح "ابن زياد" أميراً على الكوفة تأخر الناس عن نصرة الحسين وعن تأييده، بل وانخرطوا فى الجيش الذى حاربه وقتله، ولذا عبَّر الحافظ ابن حجر عن موقف أهل الكوفة من الحسين بقول: فخُذِل غالب الناس عنه، فتأخروا رغبة ورهبة.
لذا نجد أم سلمة ، لما جاء نعى الحسين لعنت أهل العراق وقالت: قتلوه قتلهم الله - عز وجل - غرُّوه ودلُّوه لعنهم الله.
أما ابن عمر فقال لوفد من أهل العراق حينما سألوه عن دم البعوض فى الإحرام: عجباً لكم يا أهل العراق! تقتلون ابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتسألون عن دم البعوض.
وفة كتابه الفرق بين الفرق يقول البغدادى، روافض الكوفة موصوفون بالغدر والبخل، وقد سار المثل بهم فيها، حتى قيل: أبخل من كوفي، وأغدر من كوفي، والمشهور من غدرهم ثلاثة أمور هي:
أ - بعد مقتل على - رضى الله عنه -، بايعوا الحسن، وغدروا به فى ساباط المدائن، فطعنه سنان الجعفى.
ب - كاتبوا الحسين - رضى الله عنه -، ودعوه إلى الكوفة لينصروه على يزيد، فاغتر بهم، وخرج إليهم، فلما بلغ كربلاء غدروا به وصاروا مع عبيد الله يداً واحدة عليه. حتى قتل الحسين وأكثر عشيرته بكربلاء.
عبيد الله بن زياد
استمد عبيد الله جبروته وبطشه بالمعارضين من موافقة الخليفة يزيد بن معاوية، فعندما أقدم على قتل مسلم بن عقيل النائب الأول عن الحسين بالكوفة، وداعيته هانيء بن عروة الزعيم لقبيلة مراد المشهورة، استحسن يزيد هذا الفعل، ولم يعترض عليه بل إنه لم يخف إعجابه به وبطشه وعسفه، فقد قال فى ردِّه على رسالته: أما بعد، فإنك لم تعد إن كنت كما أحببت، عملت عمل الحازم، وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش، فقد أغنيت وكفيت، وصدقت ظنى بك، ورأيى فيك.
عمر بن سعد بن أبى وقاص قائد الجيش
قائد جيش "يزيد" هو عمر ابن الصحابى الجليل سعد بن أبى وقاص،والغريب أن عمر بن سعد لم يخرج ابتداءً لقتال الحسين، ولكنه كان خارجاً لقتال الديلم فى أربعة آلاف مقاتل، فلما بلغ ابن زياد أمر الحسين سيره إليه، وقال له: قاتل حسيناً فإذا انتهيت فانصرف إلى الديلم.