تابعت دول العالم النجاح المصرى الكبير فى إنجاز المصالحة الفلسطينية وإنهاء الإنقسام باهتمام شديد وترقب، وذلك عقب قيام وزير المخابرات المصرية خالد فوزى بزيارة إلى رام الله وقطاع غزة ممثلا للرئيس عبد الفتاح السيسى، ونقل رسالة للقيادة الفلسطينية مفادها دعم القاهرة للمصالحة وإنهاء الانقسام وبذل كل الجهود لتحقيق الوحدة الوطنية.
نجاح القاهرة الذى ظهر مؤخراً باستضافة وفدى حركتى فتح وحماس لطى صفحة سوداء فى تاريخ فلسطين دامت لأكثر من عشر سنوات دخل فيها القطاع فى 3 حروب مع إسرائيل دمرت البنية التحتية لغزة ودفعت بمستقبل شبابه نحو الهاوية.
لم يكن الدور المصرى فى احتضان الأشقاء الفلسطينيين غريباً أو جديداً على القاهرة التى حملت على عاتقها على مدار التاريخ الدفاع عن القضية الفلسطينية ودعم صمود أبناء الشعب الفلسطينى فى مواجهة الاحتلال والحصار الإسرائيلى، وكانت القاهرة دوما الأقرب للمواطن الفلسطينى الذى يثق فى حكمة القيادة المصرية والشعب المصرى العظيم المدافع الأول عن قضية فلسطين التى يصنفها بـ"قضيته المركزية الأولى".
وتأتى زيارة الوزير خالد فوزى إلى رام الله للقاء القيادة الفلسطينية للتأكيد على ان مصر ماضية فى رعايتها، لجهود انهاء الانقسام، ومتابعة خطواتها كاملة، حتى يتم إنهاء كافة مظاهر الانقسام، وآثاره.
اللقاء الذى تم بين الرئيس الفلسطينى ومبعوث الرئيس السيسى يؤكد التمسك المصرى بحماية القضية الفلسطينية من أى عبث تسعى للقيام به أيا من الدول الإقليمية.
تساؤلات عديدة طرحها مراقبون للشأن الفلسطينى حول سبب نجاح مصر فى دفع حركتى فتح وحماس للتوجه نحو بوابة المصالحة وطى صفحة الإنقسام، على الرغم من محاولات حثيثة بذلتها دول إقليمية لإنهاء الإنقسام إلا أنها فشلت فى تحقيق ذلك، وتكللت الجهود التى قادتها القاهرة بنجاح كبير نظرا لطبيعة الارتباط الجغرافى والسياسى والتاريخى بين مصر وفلسطين والنية الصادقة لدى القاهرة لحماية القضية من عبث أطراف إقليمية كانت تسعى لإقحام "قضية العرب الأولى" فى صراع المحاور بين الدول.
ودفعت بعض التطورات الأخيرة التى شهدها الإقليم حركة حماس لتقديم المزيد من التنازلات عقب اتساع فجوة الانقسام، واستشعار الحركة التى تدير قطاع غزة خطورة استمرارها فى تولى المهام بالقطاع فى ظل التصعيد الدولى ضد الحركة ومحاولة إسرائيل اقتطاع وفصل غزة وحصارها لفصلها عن الضفة الغربية، وهو التحرك الذى أدركت حركة حماس خطورته فى الوقت الراهن مع انشغال المجتمع الدولى بالصراعات المسلحة.
الرؤية الواقعية التى بدأت حركة حماس تعتمد عليها للتعامل مع الأحداث الراهنة فى غزة مع اشتداد الأزمة المالية على حماس، واستراتيجيتها الجديدة التى كشفت عنها فى وثيقتها السياسية الجديدة والذى دفعتها لفك ارتباطها بجماعة الإخوان وطرح أفكار لحل القضية أكثر مرونة من أفكارها السابقة تتماشى مع المتغيرات الراهنة التى تمر بها القضية الفلسطينية.
فى المقابل سعى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أبو مازن لتوحيد صفوف الفلسطينيين عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية وإرسال رسالة للجانب الإسرائيلى بأن غزة جزء أصيل من الدولة الفلسطينية وأنه لا دولة من دون غزة والضفة، إضافة لرغبته فى توحيد الجهة الداخلية قبل المضى قدما فى المفاوضات مع الجانب الإسرائيلى التى تسعى مصر لإحيائها بدعم أمريكى.
ومع وجود أرضية ممهدة للطرفين لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة تدخلت الدولة المصرية بثقلها ورعت الاتفاق بين فتح وحماس، وتمكنت من خلق أجواء إيجابية ساهمت فى حلحلة الأزمة والمضى قدماً نحو إنهاء الانقسام الأسود، والتأكيد على المشروع الوطنى الفلسطينى الشامل من دون استثناء أى طرف من الأطراف.
النجاحات المصرية الأخيرة التى جرت خلال الأسابيع الماضية كانت جهد سنوات من التعب والجهد قاده المسئولون المصريون للتخفيف عن معاناة الشعب الفلسطينى وتعزيز صموده بوجه الانقسام، إضافة لتقريب وجهات النظر بين حركتى فتح وحماس لطى صفحة الإنقسام والبدء فى إعمار القطاع الذى يعانى من الدمار والخراب والمرض، فيما تجرى القاهرة تحركات على المستوى الإقليمى والدولى لدعم صمود الشعب الفلسطينى وإحياء عملية السلام مع الجانب الإسرائيلى لحل الصراعات التى تعصف بالمنطقة والتى أساسها الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى، وهو التحرك الذى يحتاج لدعم دولى كبير وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة التأثير الأكبرعلى إسرائيل فى اتخاذ تلك الخطوة.
خطوة ذهاب الحكومة الفلسطينية إلى قطاع غزة لتسلم مهامها تأخرت كثيرا منذ الإعلان عن تشكيل حكومة الوفاق، فى ظل تحركات تجرى للقاء يجمع قادة حركتى فتح وحماس فى القاهرة لبحث تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس الشراكة وقاعدتها المشروع الوطنى الفلسطينى الجامع.