إذا كنت ربة منزل غير مدخنة، هل تتخيلين أنك ستتأثرين بشدة إذا ارتفعت أسعار السجائر؟، قد يعتقد البعض أن الحديث عن زيادة الضرائب على السجائر أو قيام الشركات المنتجة برفع أسعار منتجاتها من التبغ والدخان لم يتأثر به سوى المدخنون وهم فئة يصعب أن تلقى تعاطفا منك فى هذه الحالة، ولكن هذا الأمر غير صحيح بالمرة لأن جميعنا سيتأثر.
عندما يحدث خلل ما فى كهرباء منزلك أو وصلات المياه وتحتاج تصليحها فما عليك إلا أن تجلب كهربائيا أو سباكا لإصلاح الخلل، دون أن يمكنك تخمين الأجرة التى ستدفعها عندما ينتهى من عمله، ولا تدرى وقتها أن سعر علبة السجائر سيكون حاكما رئيسيا فى تحديد سعر الأجرة التى ستضطر لدفعها بعد انتهاء العمل.
ناهد حسنين ربة منزل فى منطقة شعبية تعانى مساكنها من أعطال متكررة بوصلات المياه، فتضطر بين حين وآخر لجلب "سباك" لإصلاح العطل أو تغيير القطع التالفة، استدعت سباكا قبل أيام إصلاح دورة المياه، وبعد أن انتهى من عمله جاء وقت الدفع ليطلب مبلغ 70 جنيها نظير تغيير بعض الأجزاء، التى لم تستغرق منه 20 دقيقة عمل، وعندما اندهشت من زيادة الأجرة التى لم تكن تتعدى 40 جنيها فى وقت لم يكن بعيدا كان رد السباك: "السجائر غليت يا مدام لازم الأجرة تزيد".
ويصل أقل سعر لعلبة السجائر من النوع الشعبى بعد الزيادة الأخيرة إلى 14 جنيها، ويزداد سعر العلبة تدريجيا بحسب النوع حتى يصل إلى 30 جنيها.
أما دعاء سلامة ربة منزل أيضا فوجئت بمصباح دورة المياه تتوقف عن العمل لأيام ويفشل تغيير اللمبات فى إعادتها للعمل، فما كان عليها إلا أن استعانت بكهربائى لإصلاح هذا العطل الذى لم يستغرق فى يده أكثر من 5 دقائق، وينتهى عمله ليطلب أجرة قيمتها 65 جنيها، دفعتها دون مناقشة معللة ذلك أن أسعار السجائر مرتفعة ومن الطبيعى أن يرفع الكهربائى كثيف التدخين أجرته.
وهدى – ربة منزل – تقول أن أسعار السجائر تؤثر مباشرة على مصروف منزلها، وذلك لأن زوجها يخصم أسعار السجائر التى يدخنها من نفقاتهم الشهرية، قائلة بعد آخر مرة تم فيها زيادة أسعار السجائر سوف تتأثر حياتنا بشكل كبير لأن زوجى لا يقوى على الإقلاع عن التدخين.
ويصل عدد الحرفيين فى مصر ممكن يعملون بأنفسهم خارج الشركات أو المؤسسات، إلى 2.6 مليون حرفى تقريبا طبقا لبيانات النشرة السنوية المجمعة لبحث القوى العاملة لعام 2016 الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فى حين يصل عدد الحرفيين من العاملين بداخل المؤسسات حوالى 1.7 مليون حرفى، ولأن أغلب هؤلاء يعملون لأنفسهم بعد نهاية يوم العمل الرسمى بشركاتهم، فهذا يعنى أن لدينا حوالى 4.3 مليون حرفى تقريبا فى مصر.
ولأن جميع الصنايعية ليسوا سواء، وليس هناك أجرة موحدة إلا فى حالات معينة تتعلق بالمقاولات فسعر أجرة الصنايعى لمتر للنقاشة أو السيراميك مثلا يكون موحدا فى مناطق معينة أو باتفاق غير معلن فيم بينهم ويختلف ذلك من منطقة لأخرى، أما فى الحالات العادية فكل صنايعى يحدد أجره يده بحسب طبيعة الإصلاح الذى يقوم به ودرجة إتقانه.
أشرف محمد، نقاش، قال أن أسعار السجائر لا يمكن أن تتحكم فى أجرة مقاولته، ولكن هناك حالات محددة يضطر معها لرفع الأجرة، وهى أن تزيد تكلفة المواصلات فى حالة أن يكون مكان المقاولة بعيدا، أو قيام الصنايعية "العاملون باليومية" بزيادة أجرتهم، لافتا إلى أن أجرة الصنايعى اليومية فى أعمال النقاشة حاليا تتراوح ما بين 150 – 200 جنيها.
وأوضح محمد أن الصنايعى يطلب زيادة أجرته تحت مبرر أن الحياة أصبحت صعبة وكل السلع ارتفعت أسعارها، ولكن لا يطلب زيادتها عندما ترتفع أسعار السجائر لأن هذا الأمر يخصه وحده ولا يجب أن يحمل صاحب المقاولة تكلفة دخانه.
وفى المقابل قال كرم كمال ترزى حر، أن ما يتحكم فى تحديده لأجرته زيادات الأسعار المتوالية لكل شئ ومنها السجائر أيضا، وهو ما يفعله الكثيرون من الحرفيين، موضحا أن يتحصل على أجرة قدرها 10 جنيهات لتقصير أو تضييق السروال الواحد، ولكن فى حالة زيادة السجائر مرة أخرى فى الوقت الذى ترتفع فيه أيضا أسعار كافة السلع سيرفع أجرته إلى 15 جنيها.
من جانبه قال مسئول بمصلحة الضرائب أنه غالبا ما تتجه وزارة المالية لزيادة ضريبة السجائر عند البحث عن مصادر لإيرادات إضافية، لافتا إلى أن المصلحة أجرت دراسة قبل عامين تقريبا انتهت إلى أن زيادة أسعار السجائر لا يقتصر تأثيرها على المدخنين فقط وإنما يمتد هذا التأثير لكافة الأسر خاصة مع قيام الصنايعية والحرفيون بمختلف تخصصاتهم بزيادة أسعار خدماتهم عندما ترتفع أسعار التبغ والستائر، ولكن مع ذلك تم زيادة الأسعار.